حمدي أحمد!
هاجمه أحدهم قبل سنوات وقال "نجم كبير.. ترك الفن ويعمل بالسياسة.. فخسره الفن ولم تكسبه السياسة "! وفي الحقيقة وحتى اللحظة فنرى أن العبارة تمتدح نجمنا الكبير الفنان حمدي أحمد وليس العكس.. ففي الوسط الفني ستجد كثيرين يتحدثون عن الوطن والوطنية وفي أول اختبار سيحدثونك عن الفلوس وبالجنيه وأحيانا بفصال رخيص لو عرفه الناس عند بعضهم لانتهوا أدبيا ومعنويا..
ولا يترك الفن فنانا موهوبا تقبل عليه الأدوار واحدا بعد آخر إلا ويذهب للسياسة وفيها ما فيها من مشاكل وقرف تصل إلى حد البهدلة إلا رجل يؤمن بأن هذا الوطن يستحق وشعبه بالفعل أن نضحي من أجلهما بالغالي والرخيص..
لم يمارس حمدي أحمد السياسة نائبا بالبرلمان وعضوا بارزا بحزب العمل ىالاشتراكي-وقت أن كان حزبا اشتراكيا-إلا أن يرى أن وطنه يحتاج إلى كل جهد وكل عمل وكل دور لكل قادر عليهم فما بالكم إن كانت لكل دقيقة ثمنها ولكل ساعة مقابلها ولكل يوم حسابه ؟!
حمدي أحمد القيمة والقامة الباحث عن العدل الاجتماعي والحياة الكريمه للمصريين ووحدة أمته العربية والذي لم يتردد يوما في دعم جيشه ووطنه وثاني فنان يزاحم بعد يوسف وهبي-باختيار الناس -على لقب فنان الشعب لم يترك مناسبة وطنية إلا ولبى نداءها على الفور وبكل تواضع.. ولم يدع لمؤتمر سياسي في أي مكان على أرض مصر إلا وذهب على الفور دون أن يسأل عن وسيلة المواصلات وهل هي مكيفه أم لا ولا عن أسماء من سيشاركه المؤتمر ولا وضع اسمه في دعوة المؤتمر أو أي شرط من تلك الشروط التي يبحث ويفكر فيها كثيرون ممن يرون أنفسهم أهلا لفرض شروطهم قبل المشاركة في أي عمل!
حمدي أحمد ترك مسرحية ريا وسكينة بعد أن أدرك أن دوره الذي أداه الفنان أحمد بدير لا يتناسب مع كونه حتى نائبا سابقا عن المصريين وهو من لف فترة طويلة ليلتحق ابنه الوحيد محمود بالنيابة وهو المتفوق بكلية الحقوق رغم وعود متنفذين كبار منهم وزير العدل نفسه إلا أنه وكل مرة تتدخل يدي الشيطان ترفع اسم ابنه من كشوف المقبولين.. وحمدي أحمد أحد النجوم القلائل الذي لا تسمع عن أهل بيته إلا خيرا..
يفضل حمدي أحمد لقب بـ" الأسطى " بين زملائه وتلاميذه وقد عايشت قبل سنوات في بداية العمل الصحفي ويوما بيوم بروفات مسرحيته " القصيرين " مع خيرية أحمد والنجمة الشابة المعتزله مبكرا نرمين صبري وشاهدنا كيف يعامله فنانو مصر باعتباره أستاذا كبيرا له نفوذه الأدبي الكبير عليهم وشاهدنا كيف كان يجامل منتجين كبارا بظهوره كضيف شرف لا يطلب وبشهامة كبيرة المقابل رغم اسمه الكبير.
حمدي أحمد صاحب التاريخ الطويل من " القاهره 30 " إلى " فجر الإسلام " إلى "البداية" إلى "أبناء الصمت" إلى "إمام الدعاة" و" الأرض" طبعا وغيرها من رصيد فني هائل-والذي اتفقنا على تحويل مذكراته إلى كتاب وتوقف المشروع لمشاغل الحياة والعمل -حمدي أحمد المعتز بانتمائه الصعيدي حتى أنه ورغم إقامته الطويلة بالقاهرة لم تتغير طباعه الصعيدية قط ويشتري بيتا وأرضا في بلدته بسوهاج ولا يترك عاما إلا ويزور بيت الله الحرام وبيت رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام إلا أنه يعاني آلام المرض المفاجئ ويحتاج وهو بأحد مستشفيات القوات المسلحة إلى دعوات محبيه ومحبي فنه وأدائه الرفيع وندعوه سبحانه معهم أن يمن عليه بالشفاء العاجل ليعود ويكمل مسيرته مع الفن المحترم..آمين !