رئيس التحرير
عصام كامل

إعلامنا.. و«ديلي ميل»


مصطلح الصحافة الصفراء يعني صحافة الإثارة والفضائح والتهييج، بدأها الصحفي الأمريكي والناشر وليم راندولف هيرست، الذي توفي عام 1951.. وركز في صحفه التي انتشرت في كافة أصقاع الولايات المتحدة على أخبار الجريمة والفضائح.. وكان يطبع صحفه على أوراق صفراء زهيدة الثمن.


ومن أهم الصحف الصفراء في أيامنا هذه؛ Daily Mail" ديلي ميل"، وهي صحيفة بريطانية يومية من نوع السوق المتوسط "التابلويد".

أخبار تلك الصحيفة دائما تركز على المنوعات واللقطات الخفيفة "لايت"، والصور الفاضحة، مثل صور"صفية" زوجة نجل القذافي.. و"كيم كاردشيان".. إلخ.. وتهتم باستمرار بالمايوهات، والملابس الداخلية، والفنانات العاريات، على الشواطئ وغرف النوم، واللقطات المثيرة في الأفلام والمسلسلات، وبرامج الفضائيات.

حتى عناوين الأخبار تحرص على انتهاج صبغة "الصحافة الصفراء" كما وردت في "ويكيبديا".

تلك الصحيفة "الصفراوية" واضح تماما أنها صارت مؤخرا "مؤجرة مفروشة" للمخابرات الأوربية والأمريكية من كافة الجنسيات، وحتى من "الموساد".. وذلك ضمن الحملة الممنهجة التي تقوم بها وسائل الإعلام الأمريكية والبريطانية ضد مصر، حملة أسماها جلال نصار، رئيس تحرير "الأهرام ويكلى"، في مقاله بمدونة وزارة الخارجية بـ "التشويه المتعمد".

يتضح هذا من طريقة تناولها لأزمة الطائرة الروسية "إيرباص 321" التي سقطت في سيناء، 31 أكتوبر الماضي، حيث بادرت باصطناع رواية "فكاهية" حول نجاة طائرة بريطانية تابعة لخطوط طومسون من هجوم صاروخى أثناء تحليقها فوق مدينة شرم الشيخ المصرية أغسطس الماضى، مؤكدة أن قائد الطائرة كان متواجدا داخل قمرة القيادة، وأمر مساعده بالانحراف يسارًا لتفادى الهجمة الصاروخية، بحسب روايتها.

ثم سارعت لتصوير شواطئ مصر على أنها خاوية.. وأن "مصر تتحايل بالإعلام على فراغ شرم الشيخ"، وأنها "أصبحت مهجورة بعد الحادث".. وقالت: "فيما ينتظر آلاف السياح بيأس إيجاد طريق للهروب من مصر، تسعى وسائل اﻹعلام المحلية للبلاد لإيجاد أي سائح بريطاني ما زال على شاطئ شرم الشيخ، ﻹظهار أن الجميع ليسوا في عجلة من أمرهم للمغادرة".

وفي تقرير لها أوردت قائمة بأكثر المطارات خطرًا على السياح في منطقة الشرق الأوسط، زاعمة أن مطارات تونس، والجزائر، والمغرب والسعودية على رأس القائمة.. ونشرت خريطة بأبرز المطارات في الشرق الأوسط وأفريقيا الواجب تشديد الإجراءات الأمنية فيها بسبب نشاطات الجماعات الإرهابية، وهي (حسب الصحيفة المغرضة) مطارات إسطنبول، والجزائر، والرياض، وبنجلاديش، وتونس، ومراكش، وكينيا وبنجلاديش وشرم الشيخ.

وواضح أن المعني "مطار شرم الشيخ".

وبعد اعتذارها عن "نكتة" الصاروخ، لجأت إلى حيلة أخرى للتأكيد على خطورة الوضع الأمني في المطارات المصرية، زاعمة أن الأولية للتحقيقات في الحادث أثبتت أنه تم زرع قنبلة بالقرب من خط الوقود بالطائرة لإحداث انفجار.. وقالت إن المحققين يرجحون تورط أحد الموجودين داخل المطار بزرع القنبلة على متن الطائرة.

تاريخ الصحيفة يدفعنا لعدم تصديقها، والنقل عنها.. كما أن اتهاماتها لأفراد الأمن المصريين بتلقى رشى للسماح للبعض بتفادي إجراءات التفتيش، كان على وسائل الإعلام المصرية السخرية منها، وتفنيدها، ودحضها.. لا ترديدها كما حدث من البعض!

بكل صراحة ووضوح نشطاء التواصل الاجتماعي "فيس، وتويتر" كانوا أكثر ذكاء بكثير من كثير من إعلاميينا.. النشطاء أمطروا الصحيفة بوابل من السخرية، و"التريقة"؛ أجبر الصحيفة الصفراء على التراجع عن مزاعمها بشأن الصاروخ، وبهذا صاروا أكثر فائدة من الفضائيات.

الجريدة الرسمية