رئيس التحرير
عصام كامل

من يملك الساعة الرئاسية؟ «عاوزين نعرفه»


تقول القاعدة السياسية إن لكل قرار توقيتا يجب أن يصدر فيه، يفقد أهميته إذا تأخر ساعة أو تقدم، الملح إن لم يكن مضبوطا أفقد الطعام مذاقه، ونحن نفقد المذاق بشكل مستمر بسبب تلك المشكلة ولماذا تستمر تلك هي المصيبة!


لا يحتاج أحد أن أذكره أن أزمة المخلوع مبارك أثناء ثورة يناير هي التوقيت، ما كان مقبولًا يوم جمعة الغضب لم يعد مقبولًا يوم الثلاثاء الذي ألقى فيه خطابه الأول، وما ارتضاه الثوار في هذا الثلاثاء فقد قيمته بعد موقعة الجمل، رجل فقد الساعة الزمنية ولم يدرك تزايد الأحداث فكانت النتيجة هي خلعه.

رحل مبارك وبقيت آلة التوقيت عند مرسي معطلة لثلاثة أشهر لم يدرك خلالها أن الشعب لم يعد يطيقه، رحيل مرسي لم يكن بشافع لتلك الدولة أن تضبط توقيتها، وإن كنا أدركنا أن انقطاع التيار الكهربائي بسبب «عاشور بتاع الشرقية» لكننا لم ندرك من المسئول عن تأخير الساعة الرئاسية.

غابت الساعة الرئاسية في أزمة السيول التي ضربت كلًا من البحيرة والإسكندرية، كان الرئيس وقتها في لندن التي أخرجت تقريرًا تزعم فيه إسقاط الطائرة الروسية بفعل إرهابي، كان السيسي في 10 داوننج ستريت يتحدث مع كاميرون عن الإرهاب في الوقت الذي كانت فيه قرية « عفونة» تغرق، في أي بلد التصرف الأمثل هو الانتقال إلى موقع الحدث نفسه، لكن تأخر الرئيس جاء بعد أكثر من 72 ساعة ليتفقد الأمر بالطائرة.

الساعة غائبة دومًا، ولا أحد يقول يجب أن تتحرك الآن، فبوتين وافق على حظر السفر لحين الانتهاء من تحقيقات الطائرة المنكوبة، أجهزة الدولة بدأت مسلسل «الولولة»، خراب البيوت أصبح يلوح في الأفق، المصريون يشعرون بالإحباط بسبب الأمطار والطائرة «ضربتين في الرأس توجع» لم يأت الرئيس ظل جالسًا مع كاميرون حتى الخميس بعد أن تفقد المدينة، وصف الكثير تلك الخطوة بأنها «ضربة معلم» ربما لأنهم لم يعلموا أن التحرك كان يجب قبل تلك الخطوة بـ48 ساعة.

هل تورطت الدولة في سرعة إعلانها أن الطائرة الروسية لم تصب بأي عمل إرهابي؟ سؤال مطروح رغم يقيني أن ما تقوم به بريطانيا ليس من قبل الشفقة أو الحب الخالص لروسيا لكن بعيدًا عن تلك الوجهة يبقى السؤال مطروحًا لماذا تسرعت الدولة وهنا «ساعتها متقدمة» لأن تنفي هذا الأمر، هل الأفضل أن يبقى هكذا حتى تتضح النتيجة؟

الساعة تعود مرة إلى التأخير في القبض على الصحفي حسام بهجت الذي نشر تحقيقا عن القوات المسلحة منذ شهر تقريبًا بعد أن نشره موقع «البي بي سي» لماذا تأخرت الدولة في التحقيق معه؟ ربما كان الحظ حليفًا لـ«بهجت» فتم القبض عليه في ذروة كارثة الطائرة المنكوبة ومأساة السيول وتوتر العلاقات الخارجية قليلًا، ربما لذلك تم الإفراج عنه بتلك السرعة.

«نجوع وهنبني بلدنا» كلمة قالها الرئيس أثناء زيارته لشرم الشيخ، الكلمة في حد ذاتها تدعو للتفاني من أجل الوطن، أمر معقول لكنها لمواضع أخرى، ربما تقبلت أنا كمواطن تلك الكلمة ونحن على مشارف مشروع قومي يحتاج جهد المصريين وأموالهم، أو على جبهة قتال نمسك بأيدينا السلاح، كانت هناك مواقف كثيرة يمكن أن أقبلها إلا أن يأتي هذا التصريح بعد أقل من أسبوعين من تصريح الرئيس أن الأسعار ستنخفض، هنا الساعة لم تكن متقدمة ولا متأخرة، الساعة لم تكن موجودة من الأساس، سيادة الرئيس من يملك الساعة الرئاسية؟ «عاوزين نعرفه».
الجريدة الرسمية