رئيس التحرير
عصام كامل

رئيس مركز بحوث الصحراء السابق: 4 ملفات تسببت في خلافي مع صلاح هلال وأدت لإقالتي

فيتو

  • صلاح هلال طلب منى إحالة مسئول للتحقيق لأنه فضحه في الفضائيات
  • «الري» أخفت بيانات مياه المليون فدان عن اللجان الحكومية
  • البنك الدولى رفض تمويل المشروع لنقص دراسات المياه
  • تعهد الري باستدامة المياه 100 عام "غير مدروس"
  • 90 % من مناطق مشروع المليون فدان بلا أي بيانات
  • لا يوجد رقم نهائى أو تقريبى عن حجم المياه الجوفية في مصر
  • ري قرية الأمل من مياه ترعة السلام الملوثة بالصرف الصحى
  • صلاح هلال ألغى اتفاقيات مؤتمر شرم الشيخ الخاصة بالمشروع.. ومحلب منعه
  • وزير الزراعة السابق أفشل لجنة المياه الجوفية بإخفاء خطابات مجلس الوزراء
حاوره: أحمد ممدوح

أسئلة كثيرة فرضتها الظروف والأحداث حول مشروع المليون ونصف فدان، الذي أثقلت به الدولة كأهلها في سبيل الخروج من الوادى الضيق والانفتاح على الصحراء، لكن بين التهويل والتضخيم من ناحية والتهوين والهدم من ناحية أخرى، لم نجد أمامنا شخصًا يتحدث من منطلق موضوعى عن تفاصيل مشروع المليون ونصف المليون فدان كالدكتور أحمد يوسف، رئيس مركز بحوث الصحراء وعضو لجنة مشروع المليون فدان السابق، والذي طرح ومازال رؤيته المستقلة عن المشروع ويكشف لنا خلال حواره لـ "فيتو" أسرارًا كثيرة تنشر لأول مرة.


*نبدأ بالسؤال المحير للكثيرين.. ما هي قدرات مصر المائية في الصحراء؟
- لدينا مياه في أماكن متعددة بالصحراء المصرية ونعلم أماكنها جيدًا ولكن السؤال الذي لم يجب أحد عنه حتى الآن هو الفترة التي تستخدم وتنتهى فيها تلك المياه، ولو كان لدينا إجابة لتمكنا من استصلاح المساحات التي نريدها في الصحراء، ولكن ما يمنعنا غياب الدراسات العلمية.

*ومن المنوط به إجراء تلك الدراسات؟
- على المستوى الرسمى المسئول هو وزارة الرى والموارد المائية لكن الدكتور عادل البلتاجى عندما كان وزيرًا للزراعة طالب بأن يكون مركز بحوث الصحراء شريك في تقدير المياه بالصحراء المصرية؛ لأنه يضم أقدم خبراء المياه الجوفية، ورغم تفعيل ذلك فإن وزارة الرى أخفت البيانات الخاصة بنتائج دراسات الآبار التي تم حفرها وفق لخطة الدولة، ولم تطلع اللجان الخاصة بالمليون فدان وقتها والتي كنت عضوا فيها على تلك النتائج الخاصة بخطة حفر 4 آلاف ونصف بئر.

*هل من السهل حفر هذا العدد من الآبار؟
- الحكومة تلجأ الآن للشركات الخاصة والى شركة صينية مؤخرًا لحفر الآبار الخاصة بالمليون ونصف المليون فدان لاحتياج المشروع إلى نحو 6 آلاف بئر وهو أمر صعب على الإمكانيات المحلية، لأن وزارة الرى وضعت أهدافًا لحفر أكثر من بئر في كل منطقة.

*لماذا يبدو العمل بطيئًا في مشروع المليون فدان؟
- السبب الرئيسى في ذلك هو عدم السير بأسلوب المستوطنات، بأن تقسم مناطق المشروع ويتم حفر آبار اختبارية في تلك الأماكن ومثال منطقة الفرافرة، التي كان من الممكن أن نحفر في بعض مناطقها مجموعة آبار وندرس بياناتها وبعد عام كان سيكون لدينا بيانات كاملة بخصوص كميات المياه ونسبة ملوحتها واستدامتها والمساحات التي تكفى لزراعتها، وهو ما يمكن تطبيقه في المناطق الأخرى كتوشكى والمغرة والمراشدة بالتوازى، لو كان تم تنفيذ ذلك وقتها كنا انتهينا من مرحلة الدراسات التي مازلنا فيها إلى الآن بتكلفة أقل من الذي أنفق، وهو ما اقترحناه في البداية ولكن لم ينفذ وبعد عامين من إطلاق مشروع المليون فدان بدأت الوزارة الرى في تطبيق الفكرة بتقسيم العمل على المشروع على ثلاث مراحل كل مرحلة 500 ألف فدان.

*ولكن وزارة الري حددت بالفعل إمكانيات الآبار بـألفي متر في الساعة؟
لا أعرف على أي أساس تم تقدير ذلك ولكنى على دراية أن علماء داخل وزارة الرى يرفضون ذلك لأن ببساطة هذا التعميم من الممكن أن يسرى على منطقة الخزان الجوفى أسفلها إمكاناته جيدة، فيمكن وقتها سحب الفى متر مكعب من المياه يوميًا خلال 8 ساعات بمعدل 250 مترا مكعبا كل ساعة، بل من الممكن أن يعمل البئر 15 ساعة وسحب 150 مترا مكعبا كل 4 ساعات وتوقيف السحب ساعتين ليعوض الخزان المياه وإتاحة الفرصة لزراعة مساحات أكبر والحفاظ على المياه، لكن ما عممته وزارة الرى لا يسرى مثلا على منطقة توشكى التي لا يمكن سحب أكثر من 50 مترا مكعبا من آبارها خلال ساعة وفى حالة عمل البئر 20 ساعة فلن نسحب سوى ما يقارب ألف متر، وهو ما يدمر الخزان الجوفى هناك، غير ذلك فوزارة الزراعة اعترضت على ذلك القرار لأن القرار حدد ألفى متر للكيلو متر مربع الذي يضم 240 فدانا، وبإجراء عملية حسابية بسيطة سنجد أن نصيب الفدان 8 أمتار مكعبة وهى كمية لا تصلح للزراعة، وبالتالى الحل هو زراعة 25% فقط من المساحة أي 60 فدانا في زمام الكيلو متر مربع.

*لكن هذا باب للتشكيك فيما قالته الرى عن استدامة المياه في الصحراء لمدة 100 عام؟
هذا كلام غير مدروس، لأن في اجتماعات البنك الدولى لتمويل مشروع المليون ونصف المليون فدان، طلب مسئولو البنك الإجابة عن عدة أسئلة، هي ما الدراسات التي تمت على المياه ودراسات الجدوى وكميات المياه واستدامتها، ولم تستطع وزارة الرى أن تجيب لأن 90% من مناطق المشروع لا يتوافر لديها أي بيانات أو دراسات عن كميات المياه واستدامها، ورغم ذلك أكدت الرى استدامة المياه 100 عام، ولم تسطتع أن تثبت ذلك، والنتيجة رفض البنك الدولى تمويل المشروع.

*وما هي المعلومات المتاحة عن المياه الجوفية في مصر الآن واستدامتها؟
لا يوجد رقم نهائى أو تقريبى عن حجم المياه الجوفية في مصر، ولكن لدينا خزانات جيدة ومعروفة واهمها خزان الحجر الرملى النوبى الذي يقع بيننا وليبيا وتشاد، ولكن يتم التعامل معه بشكل خاطئ من خلال السحب العشوائى والجائر، فمن المعايير التي وضعتها الأمم المتحدة للحفاظ على الخزانات من السحب الجائر هو ترك شريط حدودى بعرض 100 كيلو متر بين حدود كل دولة أعلى الخزان لا يتم السحب فيه وهو ما لا يحدث ولا يوجد أي تنسيق بين الدول الثلاث فيما يخص الخزان، وهو ما يهدد عمره، ويجب إيجاد إدارة جيدة في الفترة المقبله، للحفاظ على حقوق الأجيال القادمة.

*هل تمت إعادة الدراسات التي وضعتموها للمليون فدان العام الماضى؟
- الدكتور عادل البلتاجى وزير الزراعة السابق وفريقه العلمى أجروا كل الدراسات الخاصة بالزراعة في المليون فدان وكنا نعمل نحن على ما يخص المياه ولكن بعد رحيل البلتاجى فاجأنا الدكتور صلاح هلال وزير الزراعة السابق خلال أحد الاجتماعات مع رئيس الوزراء السابق إبراهيم محلب ووزير الرى بأنه قرر إلغاء كل الاتفاقيات والتعاقدات التي أجريت في المؤتمر الاقتصادى في شرم الشيخ، وهو ما أصاب المهندس إبراهيم محلب نفسه بالصدمة واعترض على ذلك، وبرر هلال قراره بأن التعاقدات تمت بين المستثمرين وهيئة التعمير والشروط الحالية جعلت كل التعاقدات والتصرف في يد وزارة الاستثمار وأن رئيس الهيئة وقتها اللواء أشرف عبدالعزيز كانت فترة ولايته للهيئة انتهت وتوقيعة غير صحيح، وهو ما رفضه محلب.

*هل لدى الشركات المتعاقدة مع الدولة علم ببيانات المياه وغيرها؟
لا بل يعتمدوا على البيانات التي تعرضها عليهم الدولة والتي يجب أن تكون كاملة، لكن بعض الشركات عرضت على الحكومة أن تمنح لهم الأراضي ويقوموا هم بكل الخطوات التالية من دراسات واستصلاح واستثمار وإنتاج، ولكن ذلك لا يصلح مع طبيعة المشروع، الذي يجب أن يكون تحت إشراف الدولة لتحقيق أهدافها من المشروع، إلى جانب مراقبة المستثمر ليلتزم بكميات المياه المسحوبة من الخزان الجوفى، والحفاظ على عمر البئر، وتأخر الدولة في إعداد دراسات أخرى يعد إهدارًا للوقت وتأخير للمشروع.

*ما دور مركز بحوث الصحراء في الوقت الحالى تجاه مشروع المليون نصف فدان؟
في الوقت الحالى لا يوجد أي دور لمركز بحوث الصحراء تجاة مشروع المليون فدان بشكل عملى، لكن على مستوى تمثيل المركز فالدكتور نعم مصلحى رئيس المركز يوجد في اللجنة، ولكن العمل في المركز توقف فيما يخص المشروع، بعد أن خفضت ميزانية المركز وتوقف 14 مشروعا بحثيا، وعدم مشاركة شعبة المياه والأراضي في أي نشاط بحثى يخص المليون فدان، رغم وجود مشاريع مهمة كدراسات الظهير الصحراوى التي تضم مناطق المليون فدان كالمراشدة وغرب المنيا، إلى جاب مشروعات بحثية مهمة في الفرافرة، بل إنه في وقت وجودى كرئيس للمركز وقبل تخفيض الميزانية كان تدبير نفقات تلك المشروعات يتم بصعوبة.

*وهل تمتلك وزارة الري في الوقت الحالى القدرة على إجراء أبحاث المليون ونصف المليون فدان؟
- بالطبع لا فعلى المستوى الجيولوجى والجيوفيزيائى والاستكشافى لا يمتلكون كوادر في تلك التخصصات المهمة في دراسة المياه في الصحراء، ولكن هذا لا يمنع من وجود كوادر وعلماء في وزارة الرى فعلا، ولكن شيوخ المياه الجوفية في مركز بحوث الصحراء هم من وضعوا البنية التحتية لوزارة الرى والقرار الجمهورى المؤسس لمركز بحوث الصحراء يحملة مسئولية المياه الجوفية بالاشتراك مع الرى، وذلك جعل وزارة الرى تلجأ ممثلة في بعض معاهدها أي مركز بحوث الصحراء للحصول على بيانات المياه في بعض المناطق.

*هل فشلت الأطراف المسئولة عن المشروع في العمل بشكل جماعي؟
في مجلس الوزراء كان يتم عقد اجتماع فيه كل الجهات الممثلة للمياه منها الري وبحوث الصحراء والجامعات والهيئة القومية للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء وشركات البترول، وحضرنا وقررنا أن تلك اللجنة منوط بها الحديث عن المياه الجوفية في مصر واتفقنا على أن نحضر كل البيانات الخاصة بالمياه الجوفية، ولكن بعد عقد عدة اجتماعات اختفت الجنة بسبب لخبطة أحدثها الدكتور صلاح هلال وزير الزراعة الذي كانت تصله خطابات من مجلس الوزراء بإرسال بيانات المياه الجوفية من مركز بحوث الصحراء وكان يوجه الخطابات لمركز البحوث الزراعية الذي لا تتوافر فيه البيانات.

*وهل يجوز أن يقوم أحد المركزين بعمل الآخر؟
- بالطبع لا.. في الأصل القرار الجمهورى المؤسس لمركز بحوث الصحراء يسند له مسئولية تنمية 96% من مساحة مصر وهى الصحراء، ومركز البحوث الزراعية منوط به الوادى والدلتا، لكن نظرًا لأن معظم وزراء الزراعة ياتو من مركز بحوث الزراعية وأن مركز بحوث الصحراء بعيد عن الوجود على الساحة فإن مركز البحوث الزراعية يسند له مهام من المفروض أنها من تخصص مركز بحوث الصحراء.

*حدثنا عن أسباب إقالتك الغامضة من رئاسة مركز بحوث الصحراء؟
-هناك 4 ملفات تسببت في الخلاف بينى وبين صلاح هلال وأدت إلى إقالتى أولها تحويل المخاطبات الموجهه إلى مركز بحوث الصحراء إلى مركز البحوث الزراعية، وكنت اتلقى اتصالات من رئيس مركز بحوث الزراعية الدكتور عبدالمنعم البنا يبلغنى بأن هناك خطابات موجهة إلى بحوث الصحراء حولها الوزير إلى مكتبه وكنت أبلغه أنى لن أعمل من خلال مركز البحوث الزراعية وطالبته بأن يبلغ الوزير ذلك ويطلب منه عقد اجتماع لتوضيح مهام كل طرف.

ثانى الملفات أننى رفضت التجديد للأمين العام للمركز لوجود مخالفات مالية متعلقة به، حفاظًا على سمعة المركز الذي عرفت النيابة العامة طريقها اليه، وأبلغت صلاح هلال أن الأمين العام السابق للمركز يحاول الوصول إليك للحصول على موافقتك للتجديد، إلى جانب وجود شخص آخر اسمه عبدالرحمن سعد وهو من مفجرى الفساد في الوزارة وطالبنى هلال بأن انقله إلى مركز بحوث الصحراء من هيئة التعمير، وفوجئت أنه رجل بدرجة وكيل وزارة ولا يوجد لدى أي عمل أسنده له، وفى يوم حدثنى صلاح هلال من خلال وسيط وطلب منى أن أحيل عبدالرحمن إلى التحقيق لأنه فضح الوزير في الفضائيات، ورفضت لأنه لم يقترف ذنبًا، ورابعًا ملف إقالتى لأحمد القط رئيس المحطات في مطروح وشقيق ممتاز القط، رئيس تحرير أخبار اليوم السابق، بعد أن فشلت المحطة في تحقيق أي إنجازا تحت قيادته، وفوجئت بصلاح هلال يقول لى في أحد الاجتماعات "أنت شلت القط ليه من مطروح" وبينت له الموقف، إلى جانب وجود بعض الخصوم من داخل المركز الذين كانوا على تواصل دائم مع الوزير ومع مدير مكتبه محيي قدح لتشويه صورتى.

*ما هى الروشتة التي تقدمها لإنجاز مشروع المليون ونصف المليون فدان؟
- لابد من أخذ آراء العلماء من خارج السلطة، فهؤلاء لا توجد لهم مصالح مباشرة، إلى جانب وجوب أن يكون هناك تكامل بين كل الجهات والتخصصات المعنية وأن نتبع النظام الإسرائيلى بعمل مستوطنات كتجارب ونقيمها وإذا نجحت نترك لها الفرصة للنمو، ويجب أن نضع في أذهاننا أن الزراعة ليست كل شيء فيجب أن يكون بجانبها صناعة ومجتمعات عمرانية.

*وماذا ترى بخصوص المياه؟
-يجب أولا أن نقيم المياه في الصحراء ونرشد الاستهلاك فيها وأن نعيد إحياء المشاريع القومية السابقة التي صرف عليها بنية تحتية، كترعة السلام التي من المستهدف زراعة 600 ألف فدان حولها كاملة البنية الأساسية، والأزمة في ترعة السلام هي تلوث المياه بالصرف الصحى والزراعى بنسبة عاليه وهى مشكلة ليست عويصة ويمكن علاجها من خلال منع خلط المياه بالصرف الصحى القادم من الدلتا، كما لدينا مشروع توشكى الذي صرف عليه 9 مليارات جنيه يجب استغلاله وامتداد مشروع ترعة الحمام وزمامها أكتر من نصف مليون فدان.

*ماذا عن مشروع قرية الأمل على ترعة السلام؟
- بالفعل المشروع يستمد مياهه من ترعة السلام وأقمنا دراسات لها بتكليف من الدكتور عادل البلتاجى لرغبتهم في الاعتماد على المياه الجوفية؛ لأن الرى قالت إن المياه ستصل إلى القرية كل 13 يوما وهو ما لا يصلح في زراعة الصحراء، فذهبنا ووجدنا أن هناك مياه جوفية ملوحتها 4 آلاف جزء من المليون وهو ما لا يصلح إلا للأشجار، فقرروا عمل خزانات لتخزن مياه ترعة السلام التي لا تصلح لزراعة المحاصيل الغذائية لاستخدامها في الري.

*بالمعدلات التي نسير بها الآن ما هي نسبة الإنجاز المتوقعة في مشروع المليون فدان؟
خلال العام الأول من الممكن الانتهاء من 100 ألف فدان، فالفرافرة وحدها من الممكن أن ننتهى من 30 ألف فدان، والمراشدة في قنا جزء منها واقع على مياه النيل ومنطقة المغرة في الصحراء الغربية.

*هل هناك مشروعات قومية أخرى تتعرض للتعثر في الوقت الحالى؟
مشروع المثلث الذهبى من المشروعات الواعدة التي لا توجد لها بيانات في الوقت الحالى، ورغم ذلك فازت بالعمل فيه شركة بولندية، وقدمت تقريرًا أوليًا عن العمل هناك دون أن يكون لديها بيانات أو دراسات واضحة رغم أنها المسئولة عن إجراء الدراسات ولا تملك سوى بعض البيانات التي جمعتها من مصر، وربما تفشل تلك الشركة لعدم وجود تنسيق واضح مع شركة أخرى.
الجريدة الرسمية