رئيس التحرير
عصام كامل

خطة المخابرات العالمية لتركيع مصر.. تصريحات «كاميرون» و«أوباما» تؤكد المؤامرة.. فك الارتباط بين القاهرة وموسكو على رأس الأهداف.. ومالك الطائرة يعزز فرضية تفجيرها بـ«تكنولوجيا

رئيس الوزراء البريطانى
رئيس الوزراء البريطانى كاميرون و الرئيس الأمريكى اوباما


>> أصابع الاتهام ستطول الدول الداعمة للإرهاب.. وممولى "داعش" من أمراء الخليج

سيناريوهات وتحليلات وتكهنات واستنتاجات وتوقعات واحتمالات، مصطلحات استخدمها الإعلام الغربي، وتحديدا الإعلام الأمريكى والبريطانى حول أسباب سقوط الطائرة الروسية طراز "إيرباص 321"، التابعة لشركة "كوجاليم أفيا" في سيناء، وكان على متنها 217 راكبا و7 من أفراد الطاقم، ولقي الجميع مصرعهم.


ومنذ يوم السبت الموافق 31 أكتوبر الماضى وحتى الآن ولأعوام قادمة سوف تحمل الرحلة رقم "7k9268"، كثيرا من الأسرار، صحيح أن خبراء المخابرات أدلوا بتصريحات خلال الأيام الماضية، أصابت العالم بالارتباك، بداية من تبنى فرضية إطلاق صاروخ على الطائرة، استكمالا لسيناريو "ولاية سيناء" الوهمى، دفعهم للعودة عنه مرة أخرى، الارتفاع الشاهق الذي كانت عليه الطائرة وقت سقوطها، والذي تخطى الـ 33 ألف قدم، ما يعوق السير خلف نظرية صواريخ "داعش" المدمرة التي تم الترويج لها مع اللحظة الأولى لإعلان سقوط الطائرة المنكوية بمن على متنها، وتحولت أشلاء الضحايا والأبرياء إلى مسرح عمليات لترويج النظريات المختلفة.
تبنى الصحف والمواقع الأمريكية على مدى الأيام الماضية لفرضية العمل الإرهابي، في حادث سقوط الطائرة، لم يرق حتى وقت قريب إلى مسلمات ولم يتخط حيز التكهنات والتخمينات والتوقعات.

تحول يثير القلق
التحول المثير للاهتمام، كان بدخول الحكومة البريطانية على خط الأزمة وترجيح رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون، بشكل يصل إلى حد تأكيد امتلاك معلومات عن زرع قنبلة على متن الطائرة، وذلك تزامنا مع زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي، وإعلان لندن إيقاف رحلاتها من وإلى شرم الشيخ، وعقبها بساعات دخول البيت الأبيض لفرض نظرية العمل الإرهابي وتأكيد فكرة "القنبلة"، بعد 24 ساعة من تصريح سابق لجوش أرنست المتحدث باسم باراك أوباما، على عدم تعليق بلاده على حادث الطائرة الروسية وعدم استباق نتائج التحقيقات.

وبعدها بلحظات نشرت صحيفة "ديلى ميل" البريطانية حيثيات جديدة حول الواقعة، وتفجير مفاجأة حول مكان اكتشاف جثمان الرضيعة الروسية دارينا جروموفا"، البالغة من العمر 10 شهور، ستكشف لغز سقوط الطائرة، حيث تم العثور على جثتها على بعد أكثر من 21 ميلًا من موقع الحادث الرئيسي قرب المطار، ما يعزز تفجير الطائرة بالقرب من موقع انطلاقها عن بعد.
التصريحات المتزامنة من لندن وواشنطن، وخروج تقرير بالصحيفة البريطانية أشبه بمعلومات استخباراتية خارجية من جهاز المخابرات البريطانية "MI6"، أو الأمريكية "CIA"، تحمل دلالة على شيء غامض يمتلك معلوماته الموثقة الغرب ونغفله نحن أو نتجاهله أو نعلمه ولا نملك أدلته في ظل سيولة المعلومات وضخامة الحدث الجديد من نوعه على بلد آمن مثل مصر.

وعلى القاهرة الآن فتح كتاب التاريخ وتحديدا يوم 21 من العام 1988، عندما استيقظت الأمة العربية على حادثة انفجار طائرة "بان أميركان" في رحلتها رقم 103 وتحطمت فوق قرية لوكيربي في أسكتلندا وأودى الحادث بحياة 270 من جنسيات مختلفة. وفي حطام الطائرة وجد المحققون شظايا قليلة من قنبلة لوحظ في إحداها وجود أثر ملتو يقود إلى أجهزة المخابرات السرية الليبية. والتي تورط بها نظام العقيد الليبي حينها معمر القذافى، بعد أن ظلت القضية مثارا للجدل الإعلامي، وتم تدوير الاتهام إلى عدد من الدول في قارات مختلفة يجمعهم فقط العداء لأمريكا، وألقت المسئولية أولًا على منظمة فلسطينية، ثم على سوريا، وبعدها على إيران، وأخيرًا توصلت الاستنتاجات والتحقيقات إلى ليبيا.
وتكبد نظام القذافى مبالغ مالية هائلة كتعويضات لعائلات الضحايا واضطر في نهاية المطاف إلى تسليم متورطين محتملين لترميم شرخ جدار العقوبات الدولية التي انهكت نظامه.

لوكيربي مصرية
دخول الغرب على حادث الطائرة الروسية بقوة، وتأكيد "10 داوونج ستريت" و"البيت الأبيض" على فرضية الإرهاب وحسم المعلومات حول زرع "قنبلة"، يجب أن يدفع القاهرة إلى وضع هذا الاحتمال موضع الجد وعدم التهاون به والتعامل معه على أنه أمر مسلم به على الأقل في سير التحقيقات، الحديث هذه المرة لم يخرج من محلل لصالح "سي آي إيه" على قناة "سي إن إن"، أو خبير في متابعة "رادر فلاي" في تصريحات لـ"بى بى سي"، فرضية القنبلة خرجت من مطبخ أعتى أجهزة المخابرات الدولية ونطق بها الكبار.
الكلام السابق لا يعنى سوى أن القاهرة أمام سيناريو كارثى، أو وقعت ضحية لعملية استخباراتية "نظيفة" كما يقال، شاركت بها دول غربية وإقليمة لأهداف تسردها "فيتو" من وجهة نظر تحليلة احتمالية زرع "قنبلة" وطريقة تنفيذها لفتح السيناريو الأسود لهذه النكبة وتداعياته المحتملة مستقبليا.

عنصر إخوانى
وفى مستهل وضع سيناريوهات محتملة لطريقة زرع قنبلة على متن الطائرة المنكوبة، ومع الاعتراف باحترافية الأمن المصري، لكن الظروف التي تمر بها الدولة المصرية الآن وتفتح مسامها بسبب وجود عناصر الإخوان التي تمتلك رغبة انتقامية لعزلها عن المشهد السياسي، ومع امتلاك الجماعة لخلايا نائمة بجميع أجهزة الدولة سواء أعضاء فاعلين لم تكشف عن نفسه سياسيا أو مريدين للأيديولوجية، يجب الأخذ في الاعتبار احتمالية رسم المخطط خارجيا وتنفيذه داخليا بأياد مصرية من خلال عامل شحن وتفريغ، أو موظف بإحدى الإدارات في المطار ينتمى للجماعة وقام بدور ساعى البريد لتوصيل طرد مشبوه في ظل عدم شكوك الأمن.

ذئب منفرد
من غير المستبعد أيضا في سياق السيناريوهات القاتمة لتنفيذ العملية، أن عملية التفجير تم تنفيذها من خلال انتحاري على متن الطائرة منتم لـ"داعش"، بهدف الانتقام من النظام الروسي على مشاركته في الحرب ضد التنظيم الإرهابي، في استجابة سريعة لتنفيذ عمليات إرهابية تستهدف المصالح الروسية ردا على الغارات الجوية في سوريا، والتي حث خلالها التنظيم أنصاره في "القوقاز"، وبطبيعة الحال الشكوك الأمنية لن تطول سائح جاء للتنزه في "شرم الشيخ"، وعلى متن طائرة روسية في ظل العلاقات الوطيدة بين الدولتين، مع الأخذ في الأعتبار احتمالية التساهل الأمني في الإجراءات، لطبيعة المكان السياحى المتميز بهدوء رواده من جهة، وخشية إفساد العلاقات مع موسكو من جهة أخرى في حال تشديد الإجراءات التي ينتج عنها تعطيل في مغادرة الوفود.

التحكم عن بعد
السجل الأسود للشركة الروسية مالكة الطائرة والذي كشفته صحيفة "لوفيجاروا" الفرنسية، وبينت الصحيفة في تقرير نشر بعد يومين من الحادث، يجب النظر إليه بعين الاعتبار أيضا، فحسب الصحيفة الفرنسية، تعود شركة الطيران "ميتروجات" وشركة السياحة "بريسكو" إلى روسي يدعى فيشكان تابولاييف، تحوم حوله شكوك منذ فترة وتتعلق خاصة بطرق تسيير أعماله وشرعيتها، خاصة في ظل شك السلطات بموسكو في أنه مجرد واجهة لرجال أعمال آخرين من الشيشان وتركيا، لتسيير أعمالهما في روسيا.

معلومات الصحيفة الفرنسية مع ظهور تركي وشيشانى ضمن الملاك، يثيران الاهتمام إلى امتلاك إحداثيات الطائرة لأصحابها الأصليين ما يسهل تسليم الإحداثيات الخاصة بها إلى أي جهة مجهولة، لاستخدام تكنولوجيا التحكم عن بعد، وسلب طاقم القيادة المقدرة على التحكم بالطائرة وحوادث الطيران الدولية مليئة بمثل هذه الحوادث وآخرها الطائرة الماليزية نوعية "إيرباص" التي اختفت من شاشات الرادار في 8 مارس 2014، وانتفض العالم لكشف موقع تحطمها أو العثور على حطامها دون جدوى حتى الآن.
وفى 21 فبراير 1973 أقلعت طائرة الخطوط الجوية العربية الليبية الرحلة 114 من طراز بوينج 727 من مطار طرابلس، في طريقها إلى مطار القاهرة الدولي عبر مدينة بنغازي الليبية، وبعد دخول الطائرة الأجواء المصرية، تم التحكم بالطائرة وسحبها إلى سيناء وقامت المقاتلات الإسرائيلية بتدميرها حسبما ذكر موقع "ويكيبديا" الموثق للحدث.

الصناديق السوداء صامتة
صحيح أن القاهرة بالتعاون مع موسكو شكلتا لجنة بحث بمعاونة أطراف دولية، وبالرغم من العثور على الصندوق الأسود للطائرة، فإن انتظار نطق الصندوق بالبراءة أمر بعيد المنال، خاصة أنه عبر التاريخ لم تكشف الصناديق السوداء أسباب سقوط الطائرات، وتلجأ الدول للمعلومات الاستخباراتية فقط لحسم الأسباب وهو الأمر الذي دفع رئيس وزراء بريطانيا بإعلان استعدادها لتحمل اللوم حال أثبتت التحقيقات عدم صدق نظريته عن فرضية العمل الإرهابي في سقوط الطائرة المنكوبة بسيناء.

أهداف خبيثة
على الرغم من التمنيات بعدم صدق الرواية حول تفجير الطائرة بعمل إرهابي، لكن المقدمات تؤدي إلى نتائج والطريق الذي نسير فيها الآن يؤكد أننا أمام "لوكيربي مصري"، يحمل أهدافا خبيثة داخلية وخارجية في ظل تشابك القضايا الإقليمة وسعى الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى رسم خارطة تحالفات جديدة، والتوجه شرقا للتخلص من التبعية الأمريكية التي كبلت مصر وسحبت من نفوذها الإقليمى لعقود وحولتها إلى مفعول به، وأنهت عهد الفعل الذي كانت تمارسها القاهرة في حقية الستينات ما حولها إلى " كوزموبوليتان".

تركيع النظام المصري
ويأتى على رأس أهداف العملية تركيع النظام المصري الجديد، الذي يحكم بطموح جنرال، ارتدى بزته من جديد وانتفض في وجه الغطرسة الأمريكية والغربية، ونوع مصادر تسليح جيشه ويرمى إلى بناء منظمومة اقتصادية، تغنيه عن مد اليد لطلب المعونات، وتعد صناعة السياحة رافدا مهما في المنظومة الاقتصادية الجديدة وضربها يفقد ميزانية الدولة مليارات الدولارات، ويساهم في تحريك موجة الغضب الشعبى التي بدأت تشتعل في ظل الحالة الاقتصادية المتردية وجسد الدولة العليل بالفقر نتيجة فساد الأنظمة السابقة وسنوات الثورة الخمسة التي أرهقت الميزانية العامة.
والأجهزة الغربية تدرك جيدا الآمال الشعبية المعلقة في رقبة النظام الجديد ومدي قدرته على تحقيق الرفاه الاجتماعى.
إضافة إلى ذلك هز الثقة الشعبية في قدرة الأجهزة الأمنية للدولة، وخلق فرصة للتطاول على المؤسسات المهمة، وفتح الطريق أمام وسائل الإعلام الدولية للخوض في ملفات سيادية خلف ستار تغطية ملف حادث الطائرة.

فك الارتباط مع روسيا
الهدف الثانى، الذي لا يقل أهمية في واقعة تفجير الطائرة، إنهاء شهر العسل بين القاهرة وموسكو، وزرع فتن الاتهامات بين البلدين، بهدف فك الارتباط الذي شرع فيه النظام المصري مع الشهر الأول للإطاحة بجماعة الإخوان، المصنفة إرهابية، خاصة أن التفاهمات المصرية الروسية، ودخول دول مثل العراق والإمارات والكويت على خط مباركة التدخل الروسي، في الحرب ضد "داعش" بسوريا، سهلت تواجد الدب الروسي بالمنطقة وعرقلت مؤامرة التقسيم وتنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد بتمكين التنظيمات المتطرفة من الأرض ومنحها دويلات تحمل مسميات طائفية.
وبالطبع حادث جلل بهذا الحجم حال سربت معلوماته السرية الكاملة من صانعيه إلى موسكو، قادر على هز الثقة وإحداث الوقيعة وإنهاء شهر العسل.

ملاحقة النظام دوليا
وبالعودة إلى سيناريو "لوكيربي"، حادث الطائرة من الممكن أن تسعى بعض الأطراف لاستخدامه كوسيلة ضغط تمارس على النظام المصري لعقود مقبلة، بخلق لوبى من أسر الضحايا تتبناه منظمات حقوق الإنسان التي تمتلك بيانات تحريض مكتوبة مسبقا ضد القاهرة، ومن الممكن أن تمتد الأمور لمقاضاة عدد من الدول الداعمة للإرهاب في العالم العربي، مثل قطر وتركيا، وعدد من امراء الخليج المعروف عنهم تعاونهم ودعمهم لتنظيم الدولة "داعش".

التحقيقات وكشف المعلومات
ربما تجب التحقيقات الرسمية والكشف عن تفاصيل كل مسمار في الطائرة على حد قول وزير الطيران المصري حسام كامل، جميع الشكوك والمزاعم والتحليلات، وتبرئ ساحة القاهرة من الاتهام الذي تعده أجهزة المخابرات العالمية الآن، لكن في المقابل على مصر تجهيز ملف معلوماتى كامل عن الواقعة وعدم التردد في عرضه أمام الرأي العام الدولى بمعاونة روسيا خاصة أن الأهداف واحدة والعدو واحد أيضا.

"نقلا عن العدد الورقي.."
الجريدة الرسمية