سعد الدين وهبة يكتب: مظاهرة في جنازة
تحل اليوم الأربعاء، ذكرى وفاة المؤلف سعد الدين وهبة والذي رحل في 11 نوفمبر 1997، ونشرت مجلة «البوليس» عام 1957، مقالا للمؤلف جاء فيه:
منذ سنوات زار مصر أحد الكتاب الفرنسيين وقضى في ضيافة أحد النبلاء السابقين بالقاهرة بضعة أيام ثم عاد إلى بلاده وأصدر كتابا عن مصر، جاء في أحد فصول هذا الكتاب أن المؤلف شاهد أثناء وجوده في القاهرة موكب جنازة رئيس وزراء ذلك العهد وقد راعه بين المشيعين أشخاصا ساروا في صفوف منتظمة حسبهم المؤلف وحدة عسكرية ثم اكتشف أنهم عمال في إحدى شركات المياه الغازية اشتركوا بهذا المنظر في الجنازة كوسيلة للدعاية لمنتجات هذه الشركة.
وسواء كان المؤلف صادقا في روايته أم أنه اختلقها كمادة من مواد التشهير الذي ملأ به كتابه إلا أنى شاهدت في هذا الأسبوع شيئا أعاد لى ذكر ماكتبه الكاتب الفرنسى عن جنازة رئيس الوزراء.
احتفلت البلاد بذكرى باعث الحركة الاقتصادية طلعت حرب وقامت وزارة الإرشاد، بالإشراف على الحفل بذكرى الراحل الكريم، وكان من الضرورى أن يشارك بنك مصر وشركاته في الاحتفال لأنه على الأقل مؤسسه.
وفى غمرة الحماس بالذكرى بدأت بعض المظاهر التعسة تأخذ طريقها، حيث وجد بعض أعضاء مجلس إدارة البنك وبعض المثقفين من ضيوف الحفل في الاحتفال فرصة للدعاية لأشخاصهم والظهور على حساب الذكرى الطيبة لطلعت حرب، ونشرت الصحف في اليوم التالى مقالات مديرى الشركات وهم يتحدثون عن أنفسهم وصورة لكل منهم مصاحبة للمقال في صورة إعلان لم يدفعه السيد المدير طبعا بل يدفعه المساهمون في الشركة وكله على حساب الرجل الراحل وذكراه.
لكن لشد ماحز في نفسى أن تتقدم فنون الدعاية في مصر حتى تسبق الأمريكان فنرى السادة المثقفون يدعون لأنفسهم حتى في الجنازات.