رئيس التحرير
عصام كامل

مخطط «بريطاني- أمريكي» لـ«إسقاط مصر»!!


هل استغلت بعض الدول حادث الطائرة الروسية المنكوبة لإحراج الرئيس عبد الفتاح السيسي، أو بمعنى أدق «إسقاط مصر»؟ ولماذا استبقت بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية نتائج التحقيقات، وأعلنتا أن الطائرة سقطت نتيجة تعرضها لقنبلة، رغم أن نتائج التحقيقات في حوادث مماثلة لم تتضح أسبابها حتى الآن؟ وهل حاولت لندن وواشنطن تصفية حساباتهما مع روسيا بالضغط على النظام المصري، وتوجيه الرأي العام العالمي في اتجاه بعينه؟


كل هذه الاحتمالات واردة.. ولِمَ لا وزيارة الرئيس السيسي الأخيرة إلى بريطانيا، سبقتها دعوات «محدودة» بعدم الترحيب، والتهديد بالتوقيف من قِبل المحكمة الدولية، بزعم ارتكاب جرائم.

ثم وأثناء الزيارة اتخذت الحكومة البريطانية إجراء «صادم»؛ بإعلانها «وقف رحلاتها الجوية لمطار شرم الشيخ، وإجلاء نحو 22 ألف مواطن بريطاني من مصر مهما كانت التكلفة، والمشاركة في التحقيقات بشأن حادث سقوط الطائرة الروسية، وأيضا مراجعة درجة التأمين في المطار».

المسئولون في بريطانيا- وعلى غير العادة- قفزوا على نتائج التحقيق، واستبقوا الأحداث بزعمهم أن سقوط الطائرة الروسية نتيجة تعرضها لـ«عمل إرهابي»!

هنا يبرز تساؤل مهم: لماذا ارتفع الصوت البريطاني هنا، بينما لم نسمعه- مثلًا- عند اختفاء الطائرة «الماليزية» في 8 مارس 2014؟

الإحصاءات والتقارير العالمية تؤكد احتلال الولايات المتحدة المركز الأول في حوادث الطائرات برصيد «788 حادثة»، تسببت في مقتل «10625 شخصًا»، تليها بريطانيا مسجلة «105 حوادث»، تسببت في مقتل «1289شخصًا».. بينما القاهرة تقبع في ذيل القائمة.. فلماذا البروباجندا التي أحاطت بالطائرة الروسية التي سقطت في سيناء؟

إن نتائج التحقيقات في كل حوادث الطيران التي وقعت منذ أن عرف الإنسان الرحلات الجوية لم تسفر عن «نتيجة مؤكدة»، يمكن الاعتماد عليها، بل إن معظمها «تكهنات»، وما حادثة الطائرة المصرية التي أُسقطت في أمريكا التي كان يقودها «البطوطي» ببعيدة عنا، علاوة على مئات الحوادث الأخرى، آخرها التي سقطت في السودان.

خذ عندك أيضًا، اختفاء طائرة «لوكهيد الكترا» فوق المحيط الأطلسي، في 2 يوليو 1937، وطائرة «جلين ميلر» المختفية فوق بحر المانش في ديسمبر 1944، واختفاء 6 طائرات في مثلث برمودا في ديسمبر 1945، وطائرة «BSAA Star Dust» في 2 أغسطس 1947 بالأرجنتين، والاختفاء الغامض للطائرة «Star Ariel» في 17 يناير 1949، وتحطم الطائرة رقم «571» المرتطمة بجبال الأنديز عام 1993، وغرق طائرة «A330 إيرباص» في المحيط الأطلسي...إلخ.. فلماذا لم نسمع عن خوف بريطانيا على رعاياها في هذه الدول؟

إن أصواتًا بريطانية مسئولة ارتفعت تشير إلى أنه «حال عدم ظهور التحقيقات حول سقوط الطائرة الروسية، أو وجود شبهة حول عملية إسقاطها قد يكون دافعًا لمواصلة لندن حظر توافد مواطنيها وخطوط طيرانها إلى شرم الشيخ، وربما تحذو حذوها دول الاتحاد الأوربي»، وقطعًا هذا معناه «ضرب موسم السياحة الشتوي» في مصر المنهكة اقتصاديًا.

بِمَ نفسر حالة «السربعة» البريطانية هذه تجاه مصر؟ وهل يمكن أن نضع استباق لندن نتائج التحقيقات في إطار المؤامرة؟

قد أكون مخطئًا في تحليلي، أو مبالغًا في مخاوفي.. حينما أقول إن مصر «مستهدفة من بعض القوى الغربية».. والقاهرة- على مدى الأسابيع الماضية تتعرض لمُحاولات التهويل من حادث الطائرة الروسية المنكوبة، وهناك «حرب سياسية إعلامية، تقودها بريطانيا، تعكس رغبة غربية في التدخل في الشأن الداخلي المصري، بالإضافة إلى الحرب الاقتصادية التي تستهدف إعادة البلاد إلى حالة الفوضى التي كانت عليها بعد «25 يناير 2011»، خاصة وأن مصر على بعد نصف خطوة من استكمال خارطة الطريق الديمقراطية في بناء المؤسسات الدستورية.

ثم إن مصر بعد تونس، كانت واحدة من الدول التي نجت من الآثار السلبية للمؤامرة التي كانت تستهدف إعادة تقسيم منطقة الشرق الأوسط، فيما سُمي بـ«الربيع العربي».. فما لم ينجح بالمؤامرة، ينجح بالضغط الاقتصادي!

قطعًا من حقك أن تسأل، ولماذا تتآمر المملكة المتحدة على مصر وهي ليست في أوج قوتها؟

وأجيبك بأن المقصود مما يمكن تسميته بـ«تأديب مصر»، هو النكاية في روسيا.. فالعلاقة بين القاهرة وموسكو، انتقلت من مرحلة الزواج المستتر إلى تحالف ظاهر لكل العيان، بالتزامن مع إدارة مصر ظهرها إلى الحليف السابق «أمريكا».

ثم إن الموقفين الروسي والمصري بشأن سوريا واحد وثابت، فكلاهما يعمل على وحدة وتماسك الدولة العربية، بعكس دول غربية كثيرة، وعلى رأسها بريطانيا وأمريكا.

أضف إلى ذلك أن الغرب كمن يريد أن يكتب في ورقتين بقلم واحد، في نفس اللحظة، بمعنى أن هذه الضربة ستفك، أو ستضعف التحالف بين القاهرة وموسكو، وستؤثر على الاقتصاد المصري. لماذا؟
 لأن السياحة الروسية تمثل أكثر من ثلث السياحة الوافدة إلى مصر، إذ يزور القاهرة أكثر من «3 ملايين سائح سنويًا»، ومصر بحاجة لعملة صعبة مع تراجع النقد الأجنبى الداخل إلى خزانتها.

فإذا كنا من أنصار نظرية المؤامرة، وأنا أحد المؤيدين لها، فإن الحرب التي يقودها التابع البريطاني، بالوكالة عن «سيده» في البيت الأبيض، باستغلال حادث الطائرة الروسية، ستضرب السياحة المصرية، وتُحرج رأس النظام في بلادنا، وقطعًا ستترك آثارًا جانبية في علاقة القاهرة وموسكو.

إذن، كيف نتعامل مع الحرب الإعلامية التي قادتها لندن ضد مصر؟

مطلوب وضع خطط عاجلة ومدروسة، تعمل على مستويين، لإزالة الآثار السلبية الناجمة عن الحادث، وذلك بالتعاون مع الأشقاء العرب ودول العالم الصديقة.. ثم مخاطبة الرأي العام العالمي في الخارج بنفس قوة وتأثير الإعلام الغربي، وليس على طريقة الترويج لـ«صفر المونديال»؟!!
الجريدة الرسمية