سلوى الشيني
صديقتي مرهفة الحس أصبحت تنافس الراحل العظيم عمنا محمود السعدني، في عشق الجيزة بشوارعها الواسعة وحواريها الضيقة وذكرياتها التي تشع من كل ركن فيها.. وجمال حمدان وجاهين وشاهين ونجم وغيرهم من عشاق مصر، في حالة الوله لتراب هذا الوطن، بعد أن حطت بها الأقدار على شاطئ الغربة منذ عشرين عاما..
سلوى الشيني، الفتاة الرائعة التي يعرفها زملاء دفعة 87 إعلام القاهرة، قسم صحافة، تخفي وراء ثغرها الباسم حزنا مكتوما وخوفا دفينا وقلقا مضطربا على مصر.
ففي نيويورك، قلب أمريكا النابض، اجتمعت وسائل الإعلام على عقل ووجدان صديقتي؛ حيث تعيش هناك وتستقبل برامج التوك شو المصرية.. وما أدراك ما أفرزته تلك البرامج من قناعات ملتبسة من عينة أن "تجميد الحياة السياسية ضرورة حتمية لحماية استقرار مصر وإنقاذها من التمزق وانفراط عقدها"، ولذلك لا بد من خنق المجتمع المدني والتضييق على الحريات، وانتهاك الخصوصيات، ومباركة كل الإجراءات التي يقوم بها النظام الحاكم؛ لأنه الأدرى والأعلم والأحرص على مصلحة المواطن والوطن.
يا صديقتي ما تبثه هذه البرامج جزء من مخطط استخدمت فيه آلة الدولة كل وسائلها النافذة وأذرعها المؤثرة، وعلى رأسها الإعلام؛ لتشويه ثورة 25 يناير وتصويرها على أنها مؤامرة ضد مصر.. والمشاركين فيها خونة وعملاء، رغم أنها ثورة شعب شاركنا فيها بالملايين من أجل الخير لوطننا.. لكن نجاح الثورة كان سيقوض مؤسسات قائمة على التمييز والفساد.
والحاصل الآن أن الفاسدين والمنتفعين ومنافقي كل العصور، يتصدرون المشهد ويتشدقون ليل نهار بشعارات الوطنية والعدالة الاجتماعية والخير الغزير الذي ينتظر مصر بعد القضاء على الثورة.. في حين أن الحالمين بالتغيير ودولة ديمقراطية وعدالة حقيقية يقبع بعضهم في الزنازين.. ويتعرض آخرون لملاحقات وحملات تشويه.. والباقون تحاصرهم الفزاعات والاتهامات المعلبة سابقة التجهيز.
هذا المخطط أوصل قطاعا من الناس إلى قناعة الاكتفاء بالسيسي.. فلا حاجة لأحزاب أو منظمات مجتمع مدني أو برلمان، طالما أن هذه المسميات ستؤدي إلى الفوضى، وتصل بنا إلى مصير سوريا وليبيا.. رغم أن الدول لا يبنيها أفراد.. تبنيها فقط المؤسسات.
ويا ليت الأمر توقف عند ما تبثه قنواتنا، ولكن تكالبت على رأس صديقتي الميديا الأمريكية، التي ترسم صورة لمصر بعيدة عن الواقع، وتجعل من مجتمعنا ساحة للاقتتال وسفك الدماء وغياب السلام والأمان، فتسلل الرعب والقلق إليها.
يا صديقتي.. أعيدي بهاء القمر إلى وجهك.. وضحكة الطفل لثغرك.. وسكينة أمهاتنا لقلبك كما عهدناكِ.. فمصر الآن بخير رغم كل ما فيها.. والغد أفضل ولو بعد حين؛ لأن ثورة 25 يناير حتمًا ستنتصر!