رئيس التحرير
عصام كامل

مرحلة ثانية بحجج مبتكرة!


اعتبر النخبة ضعف الإقبال على الانتخابات عزوفا للشارع عن السياسة.. رموز يناير اعتبروا النتيجة ليست في صالح الرئاسة، ودليلا على غضب الشارع من "تهميش تيار يناير" لصالح نظام 30 يونيو.. وهو كلام والسلام.


اعتبرت أوساط منُظرين "الثورة"، وساسة "يا مين يجيب لي حبيبي" الجولة الأولى "سياسة منزوعة الجماهير".. بعضهم كاد "يعلق كهارب" نكاية في النظام.. لكن إعادة فحص النتائج، وإعادة تأويل النتيجة، بلا مشاعر صاخبة، ولا تشفي ممن سقط في الشارع، قبل أن يسقط في يده قبل الإعادة، ربما يفيد في تحليل أكثر دقة للواقع السياسي.

أولا: ليس من الإنصاف اعتبار دعوة تحالفات يناير بالمقاطعة، سببا في عزوف الناخبين.. فتيارات يناير، لم تشهد منذ يناير قوة تصويتية، وحشدا سياسيا "عليه القيمة" يمكن أن يغير النتائج، أو قادر على إحداث فارق يدل على قوته.

حتى اللحظة، مازالت تيارات يناير تعطي نفسها أكثر مما تستحق.. هي لا تصدق أن الناخب كشف أغلبها، وأن الشارع السياسي أعلن سقوطها من أول اختبار.. إذا كانت "نخبة يناير" مازالت تسفسط؛ استغلالا للواقع للبرهنة على قدرتها، فهو ليس إلا زيادة في الفشل، ومزيد من النقصان في تقدير المواقف، وإنكارا للحقائق.

أكثر من مرة تدعوا تيارات يناير للمقاطعة، ثم تجيء النتائج، لا علاقة لها بما طالبت به.. في كل استفتاء على الدستور، كانت تيارات يناير تدعو للتصويت بلا.. وكانت النتائج عكس ما طالبت به أيضا.

حتى اللحظة، لا تسلم تيارات يناير بأنها لا تتحكم في قواعد اللعبة.. لا تريد مواجهة نفسها بأن دعواتها للمقاطعة، كانت إعلان إفلاس، بعد الفشل في حفر "أخنان" في بطن الشارع السياسي.. كل مرة يقاطعون فعاليات دستورية، أو استحقاقات انتخابية، يعلقون أسبابهم على "ضبابية الخريطة السياسية"، مع أنه ليس مطلوبا دخول النخب الاستحقاقات، بترتيب ليس من عندهم، وحشود ليس من قدرتهم.. إنما من قدرة ربنا.

يرى نخبة يناير أن المواطن المصري خذلهم، لكن هذا ليس صحيحا.. لا يمكن مع السقوط المدوي في كل استحقاق تحميل الشارع المسئولية.. لماذا لا يبحث ساسة يناير عن الأسباب في إدراجهم، وفي فرش أسنانهم لا في الشارع؟.. متى يسلم صدور ساسة "الثورة" بأنه آن الأوان للانتحار على طريقة الساموراي؛ ندما وحزنا واعترافا بالخطيئة؟

خطيئتهم أنهم فشلوا في سحب الشارع ناحيتهم، ثم كالوا الاتهامات للشارع.. خطيئتهم أن الشارع لما سحب البساط من تحت أرجلهم، شككوا في الشارع، ثم في البساط، ثم غموا أعينهم واعتقدوا أن فشلهم بفعل فاعل، وأشار بعضهم للرئاسة!

70 % لقائمة في حب مصر، و23 % لقوائم حزب النور، دليل على أن الأزمة في الباقين، لا في "فلول" النظام السابق، ولا في المال السياسي، ولا في تربيطات الإسلام السياسي.

لم يكن ضعف الإقبال استجابة لدعاوى المقاطعة.. لو كان لتيارات يناير تلك القدرة، كان أولى حشدهم للتصويت لقوائمهم أو مستقليهم.. الأمر الذي لا بد من الاعتراف به أن الناخب لا يلتهب حماسه إلا مع الأحداث الجسيمة، ولا تشتد حشوده إلا في أوقات الأزمات.

في أوقات الاستقرار السياسي النسبي، لا يهتم الناخب إلا بالاقتصاد وبلقمة العيش وفلوس مدارس العيال.

صحيح الناخب المصري ليس راضيا عن مسالك الاقتصاد، وغلاء لقمة العيش، لكنه في الوقت نفسه ليس راضيا عن نخبة يناير، ولا يعلم عما تبقى منها شيئًا.
 
ليس من الإنصاف، تحميل نظام 30 يونيو أخطاء ساسة مفترض أن يسود وجههم.. وهو كظيم! 

على كل معركة ثانية في المرحلة الثانية على وشك البدء.. دعنا ننتظر ونرى.. حججا مبتكرة في الطريق! 

Twitter: @wtoughan
wtoughan@hotmail.com
الجريدة الرسمية