رئيس التحرير
عصام كامل

خطر العلوم على الأساطير

فيتو

مسكين بابا نويل، نتف المهندسون وأهل الفيزياء والرياضيات ريشه، كان صرحاً من خيال فهوى، كان يزور أطفال المسيحيين يغمرهم بالألعاب والحلوى، وعربته التي تجرّها الآيائل لا ينضب لها مستودع، وإذ بالعلوم تُكره أسطورته على الاستقالة.. سخرية لها أرقام كالأراقم.


عدد الأطفال الذين يزورهم في القارات الخمس نحو من أربعمائة مليون في مئة وعشرين مليون منزل تقريباً، ولديه ليلة واحدة فيها إحدى وثلاثين ساعة من العمل، نظراً إلى اختلاف التوقيت في القارات ودوران الأرض على نفسها. ما يعني قرابة ألف زيارة في الثانية، أي أن البيت الذي يوجد فيه طفل واحد يحتاج فيه بابا نويل إلى واحد في الألف من الثانية لكي يوقف العربة ويقفز إلى المدخنة، ويضع الهدايا عند شجرة الميلاد، ويتذوق الحلوى، ثم يصعد عبر المدخنة، وينطلق بالعربة نحو البيت التالي.

إذا كان متوسط المسافة بين بيت وآخر كيلومتراً وخمسمائة متر، وهو رقم تكذّبه المسافات بين القارات، فإن بابا نويل يقطع في جولاته مئة وخمسين مليون كيلومتر، بغض النظر عن رحلات تجديد الحمولة، ما يعني تنقله بسرعة ألف ومئة وسبعين كيلومتراً في الثانية، ثلاثة آلاف مرّة سرعة الصوت، في حين أن الآيائل لا تستطيع جرّ عربة ثقيلة بأكثر من سبعة وعشرين كيلومتراً في الساعة، وإذا كانت هديته إلى كل طفل كيلوجراماً واحداً فإن العربة ستحمل خمسمائة ألف طن، ما يحتاج إلى ثلاثمائة وستين ألف أيّل. الأيّل الواحد لا يستطيع أن يجرّ أكثر من مئة وخمسين كيلوجراماً، يستدعي الأمر خيالاً مجنحاً حتى يتخيل هذا الجيش الجرّار من الآيائل الطائرة بثلاثة آلاف مرّة سرعة الصوت.

ثمّة قضية أخرى فيها ما فيها، فرحلة خمسمائة ألف طن بسرعة ألف ومئة وسبعين كيلومتراً في الثانية، تشكل مقاومة رهيبة للهواء، ما يجعل الأيليْن في المقدمة يتعرضان لحرارة جهنمية، ويحترقان في أقل من لمح البصر، في أربعة في الألف من الثانية.

أخطر من ذلك بكثير أن تتحرك العربة بتسارع من الصفر إلى ثلاثة آلاف سرعة الصوت في واحد بالألف من الثانية، هذا يعني أن بابا نويل حتى ولو بلغ وزنه مئة وخمسة وعشرين كيلوجراماً، سيجد نفسه مدفوعاً إلى خلفية عربته بقوة مليوني كيلوجرام: بُمْ، وانتهى.
لزوم ما يلزم: إذا أردت الحفاظ على الأساطير، فعليك أن تتجنب العلوم.

نقلاً عن الخليج الإماراتية
الجريدة الرسمية