انقلاب على «بوتين»!
ولأننا شعبٌ هوائيٌ، تحكمه العواطف والانفعالات، فقد نرفع مَنْ نحب عنان السماء، وعندما نكرهه نخسف به سابع أرض، ونمسح به البلاط، ونطلع فيه القطط الفاطسة.
فقد مجَّدنا «حسن نصر الله»، الأمين العام لحزب الله، ارتدينا «تيشيرتات» بصورته، علقنا صوره على زجاج سياراتنا، وحوائطنا في الشوارع، بل أدخلناه إلى غرف نومنا؛ باعتباره رمز الصمود والمقاومة، حينما كان يخوض حربًا ضد الاحتلال الصهيوني في 12 يوليو 2006، التي سميت بـ«حرب تموز»، واستمرت 34 يومًا في مناطق مختلفة من لبنان، خاصة في المناطق الجنوبية والشرقية وفي العاصمة بيروت، وفي شمالي إسرائيل، في مناطق الجليل، الكرمل ومرج ابن عامر.
ثم تذكرنا أن حسن نصر الله «شيعي» يخدم الأهداف الإيرانية الاستعمارية، ومدعوم من الحرس الثوري الإيراني، ويقاتل السنة، فأطلقنا العنان لألستنا لتنال منه سبًا وشتمًا وقذفًا في عرضه ودينه.
ومن قبل «نصر الله» تعاملنا مع «الإخوان»، فالغالبية العظمى كانت «متعاطفة» مع الجماعة، ومُعجبة بسلوكهم، وطريقتهم، واعتدالهم.. بل كان بعضهم يرى أن الإخوان «هدية سماوية» إلى الشعب المصري.. ثم انقلبنا عليهم، ولم «نستحمل» حكمهم عامًا واحدًا، وطاردناهم في الشوارع والأزقة، حتى عادوا إلى جحورهم من جديد!
أيضًا.. هللنا وطبلنا لـ«أوباما» لمجرد أنه قال «السلامو عليكو» بلغة عربية «مكسرة»، في قاعة احتفالات جامعة القاهرة، في أول زيارة له إلى مصر، عقب توليه الرئاسة الأمريكية.. ثم ركبناه الحمار بالمقلوب، وطوفنا به الشوارع نزفه «العبيط أهو.. المجنون أهو»، عندما اكتشفنا - متأخرًا - خداعه لنا، وللعرب والمسلمين، وأنه لم ولن يعمل إلا لمصلحة أمريكا وإسرائيل فقط!
نفس الحال بالنسبة لـ«أردوغان».. فقد كان كثيرون منا «متيمين» به قبل رئاسته لتركيا.. كنا نرى فيه النموذج «الإسلامي» المبهر الذي يصلح لقيادة العالم، ويوحد الدول الإسلامية تحت راية «الخلافة».. لم نكن نرى «عيوبه».. أو بمعنى أدق لم نكن نفتش وراءه.. وفجأة «انقلبنا» عليه.. لم نعد نحن الأحباب الذين يبلعون له «الزلط».. بل صِرنا أعداءً نتمنى له الغلط.. لم نعد نرى فيه إلا كل نقيصة، وكل خطيئة، وكل عيب.
وكدنا ننزلق إلى نفس «البكابورت» مع السعودية، بعد وفاة الملك عبد الله، وتولي شقيقه سلمان مقاليد الأمور في المملكة.. لكن ربنا ستر.
أما أحدث الانقلابات المصرية على أحبابهم، فكان من نصيب «فلاديمير بوتين»، فما أن وافق الرئيس الروسي على قرار تعليق رحلات الطيران إلى مصر، وعودة السائحين الروس إلى بلادهم؛ لحين انتهاء التحقيق في كارثة الطائرة المنكوبة، ومعرفة ملابسات سقوطها بعد إقلاعها من مطار شرم الشيخ.. حتى انهالت التعليقات التي تنال من «بوتين»، معتبرين أنه تخلى عن مصر وعن صديقه «السيسي» في وقت الأزمة.
ولم يكلف المنقلبون المصريون على «بوتين»، عناء فهم أن قرار الرئيس الروسي بمثابة «طمأنة» لمواطنيه، وليس قفزًا على نتائج التحقيقات، التي لو أثبتت أن الطائرة أُسْقِطتْ بفعل «قنبلة» سوف تكون فضيحتنا أكبر من فضيحة «ريهام سعيد»!