قرار اعتزال
هل تعلم أن الإنسان يختلف عن الحيوان في نقطة فارقة، هي أن الإنسان يفكر ويتعلم ويتطور ويتغير من حال إلى حال.. هل تعلم أن القلوب بين يدي الرحمن يقلبها كيفما يشاء.. هل تعلم أن رجلا سأل أحد الصالحين فقال له: ما معنى أن الله قال عن نفسه في سورة الرحمن " كل يوم هو في شأن"؟ فقال الصالح: يغير من حال إلى حال ويرفع أقواما ويخفض أقواما، يهدي من أيس الناس من هدايته، ويضل من كان ظاهره بين الناس عظيم الإيمان.
هل تعلم أن عبد الرحمن السندي الذي أسس التنظيم السري لجماعة الإخوان وخطط ونفذ معظم عملياتها الإرهابية في عهد حسن البنا انشق عن الإخوان ووقف مع جمال عبد الناصر في خلافه مع الإخوان وكان أكثر شخصية ساعدت على القضاء على التنظيم في الستينات وقد وظفه جمال عبد الناصر في شركة مصر للبترول وأعطاه فيلا في حلوان وأمر بعلاجه على نفقة الدولة إلى أن مات عام 1962 بداء القلب، وقد أمر عبد الناصر بمعاش شهري لأسرته ما زالت ابنته تتقاضاه إلى اليوم.
هل تعلم أن الشيخ محمد الغزالي كان مرشحا لمنصب مرشد الإخوان ولكنه ترك الجماعة بعد خلاف طويل وكان أن كتب بعدها كتبا ينتقد فيها أفكار الإخوان وقد استعان به جمال عبد الناصر وقد جعله رئيسا لإدارة الدعوة في وزارة الأوقاف.
هل تعلم أن الشيخ أحمد حسن الباقوري كان من ضمن المرشحين لمنصب مرشد الإخوان ولكنه تركها وتعاون مع عبد الناصر وأصبح وزيرا للأوقاف في عهد عبد الناصر وله عشرات الخطب التي هاجم فيها أفكار الإخوان.
هل تعلم أن الدكتور عبد العزيز كامل كان هو الآخر من المرشحين لمنصب مرشد الإخوان ولكنه تركها عام 1954 وانضم لجمال عبد الناصر وكان السبب الرئيسي في إفساد محاولة اغتيال عبد الناصر في حادث المنشية عام 1954 وأصبح وزيرا لشئون الأزهر في عهد عبد الناصر.
هل تعلم أن وكيل جماعة الإخوان والمؤسس الثاني لها الشيخ أحمد السكري ترك الإخوان بعد خلاف "ضار" بينه وبين حسن البنا وكتب بعدها عشرات المقالات في جريدة حزب الوفد اتهم فيها حسن البنا باللصوصية والخيانة والتخابر مع الإنجليز والإتجار بقضية فلسطين، وعاش بعدها الشيخ السكري منبوذا من الإخوان وتعرض في كتبهم التأريخية لأكبر حملة إهانة وتكفير، وعندما مات عام 1992 لم يحضر جنازته من الإخوان وقتها إلا أنا ومختار نوح... وللعلم الشيخ السكري هو خال الأستاذ مختار نوح.
هل تعلم أن مصر في الزمن الحالي شهدت أكبر عملية خروج فعلية من الإخوان ومن أفكارهم، وقد وقف هؤلاء موقفا وطنيا رائعا عارضوا فيه جماعتهم السابقة بكل قوة وساعدوا في إنهاء وجودها، منهم مجموعة البحيرة الذهبية وعلى رأسهم كامل رحومة وطارق البشبيشي وطارق أبو السعد وسامح عيد وغيرهم، فضلا عن أحمد ربيع من الجيزة، وعلاء موسى من الشرقية، وعاطف جلال من السويس، وإسلام الكتاتني ومئات غيرهم، وقد كتب هؤلاء كتبا وأبحاثا ومقالات تنتقد أفكار المؤسس حسن البنا، وأشهر هذه الكتب كتاب أحمد ربيع "ألغام في رسائل البنا".. مضاف إلى ذلك ما كتبه سامح عيد، أما أكثر المقالات والأبحاث قوة فكانت من قلم طارق البشبيشي وطارق أبو السعد، وتعتبر أفكارهما نواة لتجديد الخطاب الديني لكن للأسف لم ينتبه أحد إليها إلى الآن.
هل تعلم أنني عندما كتبت كتاب "سر المعبد" رفض الإخوان الرد عليه تعاليا، ثم أصدر خيرت الشاطر قرارا للجانهم الإلكترونية بأن يشيعوا فرية أن لا أحد ينشق عن الإخوان، وقال لهم إذا تم نشر هذه العبارة سيتبعها الآلاف ولن يلتفتوا لهذا الكتاب أو لغيره من انتقادات إلا بعين الشك وسيتبعون نظرية المؤامرة وبذلك ستفقد هذه الكتب والانتقادات مصداقيتها، وقد حدث ما توقعه الشاطر إذ أخذ غير الفاهمين أو القارئين لتاريخ الإخوان تمرير هذه الشائعة وكأنها حقيقة لا شك فيها فأصابوا شخصيات وطنية حقيقية بأذى كبير "إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة".
وأخيرا هل تعلم أنني دخلت في عزلة صوفية احتوتني وتملكت مشاعري وجعلتني ذاهلا عن هذه الدنيا رافضا ما فيها، وقد قاطعت في عزلتي أجهزة الإعلام كلها، ولكي تكتمل العزلة أعتذر لأنني سأغلق الهاتف المحمول نهائيا، وأعتذر لكل الأصدقاء والسادة الأجلاء الإعلاميين والصحفيين.