وبدأت الإذاعة في تجديد الخطاب الديني!
لم أكن أبالغ وأنا أخاطب الدكتور سعد الهلالي أمس الخميس مودعا فضيلته: يمكنني أن أصف حضرتك بأنك "أبو حنيفة المعاصر" أو "محمد عبده الجديد" لكن فضيلتك وفي كل الأحوال على نفس النهج ومن نفس المدرسة !
كان الشيخ الجليل قد لبي نداء الإذاعة المصرية التي استجابت- دون غيرها- بدورها لنداء الضرورة ولدعوة الرئيس السيسي بتجديد الخطاب الديني.. والشيخ الجليل يعرف إمكانيات الإذاعة التي لا تقارن بإمكانيات الفضائيات الخاصة إلا أنه هو نفسه ورغم الإغراءات والعروض الفضائية التي لا تتوقف إلا أنه يستشعر خطورة ما جرى للدعوة وللفقه الإسلامي وما وصلت إليه من انحراف أساء للدين العظيم قبل الإساءة إلى أهله.. كما أنه يدرك أيضا دوره كعالم سيحاسبه الله عن علمه وكيف نفع به أو كيف حبسه عن غيره!
دعوة التجديد قديمة جديدة لم يتخلف للدعوة إليها عالم واحد ويندر أن نجد كتابا في الفكر أو الفقه الإسلاميين إلا ويرجع حالة التخلف التي تعانيها أمتنا العربية وحالة الجمود التي نعيشها يرجعها إلى إغلاق باب الاجتهاد والتجديد تجد التشخيص السابق عند الدكتور عبد الحميد متولي وعند السوري محمد شحرور وجمال البنا وأحمد صبحي منصور وعبد الفتاح عساكر والجزائري محمد أركون والماليزي قاسم أحمد والأمريكية آمنة ودود والسوري عدنان الرفاعي والعراقي أحمد الكبيسي وغيرهم وغيرهم وأغلبهم يعترف أن مدرسة النقل في فهم وتفسير الإسلام انتصرت على مدرسة العقل وأطاحت بها وانفردت بتقديم الإسلام للناس والنتيجة هي كم الانحراف والتطرف الذي نراه!
شبكة البرنامج العام هي أول من يستجيب للدعوة الضرورية وتسند المهمة لأحد كبار المجددين المعاصرين علما وأدبا وأكثرهم انحيازا لركني التجديد الفقهي الصحيح وهما "العقل والتيسير" وهو الوحيد الذي لا يشتكي من غياب الفقه الجديد ولا حتى يطالب به بل يذهب إليه مباشرة من خلال استقراء واع للأحكام الفقهية عند أهل الفقه ثم الدفع برأيه هو وما يراه من خلاصة ما فهمه واستنبطه وتوصل إليه وليس مما يحفظه وقال به من سبقه!
شكرا لشبكة البرنامج العام ولرئيسته الإذاعية الكبيرة السيدة ميرفت خير الله التي باتت تشتبك مع قضايا الوطن في الأمن القومي وحروب الجيل الرابع وأخيرا تجديد الخطاب الديني رغم الإمكانيات الضعيفة ودون أي التفات من المسئولين لأهمية الدور الوطني الذي تقوم به الشبكة في حين تذهب ميزانيات لا معنى لها هنا وهناك !
ننصحكم بمتابعة برنامج الدكتور الهلالي "وقولوا للناس حسنا" حيث يقدم رؤى جديدة ومعاصرة لقضايا مهمة وتديره معه الإذاعية فاطمة عمر بكل اقتدار ووعي شديدين وبذل فيه مخرجه المبدع صفي الدين حسن جهدا كبيرا.. وحسن هو من أخرج مسلسل رمضان الماضي الذي أثار جدلا واسعا "التنظيم السري" الذي كتبه الكاتب والمحامي الكبير ثروت الخرباوي وينتظر الكثيرون الجزء الثاني له ليكتمل دراميا ولأول مرة تاريخ الإخوان الإرهابي.. ويأتي إسناد إخراج البرنامج لصفي الدين حسن ليؤكد امتلاك الإذاعة والبرنامج العام تحديدا رؤية شاملة في مواجهة الإخوان الإرهاب والطابور الخامس!