أهل الله..واتباع الطاغوت !!
يقول مراقبون إن مقاطعة "يوراكارتا" الإندونيسية في الطريق لأن تصبح بؤرة تطرف دينى إسلامى جديدة، على مستوى عالمى. لكن اليمين المتطرف وأعضاء الجماعات الإسلامية في البلاد، يرون أن المقاطعة إياها قد وضعت قدميها على أول الطريق الصحيح لإقامة الدولة الإسلامية.
يبدو أن أندونيسيا موعودة، والصراع بين اليمين المتطرف، وبين العلمانيين على أشده. لكن حتى الآن، المتطرفون يكسبون، ويفرحون، ويتقدمون كل يوم على أرض جديدة، وآفاق أوسع.
الأسبوع الماضى، استصدرت السلطات في "يوراكارتا " حكما من قاضى المقاطعة بإعلان زواج رجل وامرأة، لأنهما تقابلا بعد التاسعة مساء في إحدى الحدائق العامة. لم يكن الحكم مصيبة للمرأة، لكنه بالتأكيد كان كذلك على رأس الرجل، وعلى دماغ كل أصحاب العقول في البلاد.
الأندونيسيون في "يوكارتا" يقسمون المجتمع اثنين: ناس "بتوع ربنا"، وآخرون "اتباع الطاغوت". اتباع الطاغوت إشارة للعلمانيين. وفى يونيو الماضى، صدر قانون، بضغط من"بتوع ربنا"، لمنع اللقاءات بين الجنسين بعد التاسعة من مساء كل يوم. قالوا إن شوارع المقاطعة فاضية، وإن غاباتها واسعة، وإذ حدث والتقى رجل وامرأة، فلابد أن ثالثهما الشيطان.
شيخ اسمه قريب من "حسب النبى"، نقلت عنه الصحافة الإنجليزية قوله، إن الخلوة التي لا يطلع على تفاصيلها أحد بين رجل وامرأة تثبت النسب في الفقه الإسلامي، حتى ولو دون زواج. لذلك فالخلوة حرام، وتقابل رجل وامرأة، في حدائق المقاطعة حرام، فإن حدث وتقابلا، ولم تتدخل السلطات لإرغامهما على الزواج..فهو حرام أيضا.
طارت عقول العلمانيين. ما الذي يبقى لم يتدخل فيه الإسلاميون؟
منذ سنوات، طالب متطرفون بتجريم لعب اليوجا، أو تداول كتب عنها في عدة مقاطعات إندونيسية. قالوا إن اليوجا بها طقوس"بوذية"، وألفاظ بوذية، والبوذية ليست من الإسلام، لذلك فاليوجا ضد الإسلام، لأنها قد تفتن المسلمين..فمنعوا اليوجا.
قبلها بسنوات، حدث أن عاشرت زوجة إندونيسية، رجلا على أنه زوجها، ثم اكتشفت بعد دقائق أنه صديق لزوجها مقيم في البيت. السبب أن المسلمين الحنابلة الأندونيسيين لا يكشفون وجوه نسائهم، في العلاقات الحميمة باعتبارها سُنة، ولا يضيئون الأنوار لأنها حرام. فرؤية الوجوه حرام، والكلام في تلك اللحظات بين الرجل والمرأة مكروه.
ذهبت الزوجة للمحكمة، متهمة صديق زوجها بالغش، وذهب الزوج للمحكمة، متهما زوجته بالزنا، وذهب الصديق للمحكمة متهما الزوجة بالإغواء.. وذهب العلمانيون إلى أن كل هؤلاء سوف ينقعون في نار جهنم.. لأنهم مجانين.
مع الاستقرار الاقتصادى، لا يبدو أن المجتمع الأندونيسى سعيد، ولا متوازن. يرى العلمانيون في البلاد، أو دعنا نسميهم التنويرين، أن مشكلاتهم، ومشكلات المجتمعات المشابهة في "فكر جمعى خرافى"، طّور إسلاما عكس الاتجاه، وصنع عقيدة "تركن في الممنوع "، وأمن بدين من نوع خاص يفِضل الانتظار دائما "صف ثانى".
ما الذي يمكن أن يصنعه الاقتصاد في مجتمع، ينتظر دخول دورة المياه بدعاء، والخروج بدعاء، وينام بدعاء، ويقوم بدعاء، ويمنع اليوجا، ثم يمارس الجنس بدعاء وطقوس امتثالا لوصايا المشايخ؟
في أندونيسيا، المعارك مستمرة بين اليمين المتطرف والتنويرين. المتطرفون يحاولون كتابة لفظ "علمانيين" على الحوائط في الشوارع، ويحفزون الناس ضدهم في المساجد، وفى حلقات دروس الأطفال الدينية.
أصوات الإسلاميين أعلى، لكن "عقول" التنويرين أثقل.. ومصائب الإسلاميين..أكثر!
من يكسب في النهاية؟
الإجابة تتوقف على ما الذي سيفعله الرجل الذي زوجوه رغما عنه، لمجرد أنه قابل امرأة بعد التاسعة مساء؟!
لو سكت، فليس متوقعا أن احدًا سيتكلم. ليس ضعفا أكثر من عدم القدرة على رد اعتداء "الزواج"!!
Twitter: @wtoughan
wtoughan@hotmail.com