رئيس التحرير
عصام كامل

الكلام الجد في «زلزال» تصويت مصر للعدو وللشقيق !


قبل أي مناقشة لأزمة تصويت مصر في الأمم المتحده لقائمة من الدول، كان من بينها دولة العدو الإسرائيلي نسجل اعتراضنا الشخصي على التصويت بالموافقة.. حتى ننتهي من الأمر مبكرا لنتفرغ لما هو أهم منا ومن رأينا..


ندخل في الجد وجد الجد، وقبل مناقشة التصويت ذاته وما جري فيه وما فيه من رائحة غير مريحة بل وبعد سعادتنا البالغة من إدراك المصريين لعدوهم الحقيقي، وحالة الحشد الصحيح ضد العدو الإسرائيلي عند أغلب فئات الشعب المصري، وهي ظاهرة صحية ورائعة ابتعدت بالمصريين كثيرا عن أعداء وهميين، وأثبتوا أنهم يعرفون عدو بلدهم وأمتهم الأزلي.. نقول إنه بعد كل هذا الاستهلال نسأل ومن حقنا أن نسأل: عايزين تفهمونا أن الإخوان الذين يقبلون أقدام الأمريكان في واشنطن غاضبون من التصويت لإسرائيل؟

عايزين تفهمونا إن الإخوان وشعارهم الموت في سبيل الله أسمي أمانينا راحوا وجاهدوا في أفغانستان والبوسنة والهرسك والشيشان ولم يذهبوا لتحرير القدس الشريف غاضبون من التصويت لإسرائيل؟ عايزين تفهمونا إن القرضاوي الذي شاهد الدوحة تستقبل شيمون بيريز ومندوبين عن الخارجية الاسرائيلية ومندوبين عن الموساد بل تجمعه شاشة الجزيرة مع افخاي درعي غاضب من التصويت لإسرائيل؟ عايزين تفهمونا إن بعض الماركسيين والشيوعيين والفوضويين المصريين ومعهم حزب البرادعي وأعضاؤه وهم لا يؤمنون بالقومية بشكل عام ولا بالعروبة بشكل خاص غاضبون من التصويت لإسرائيل؟

عايزين تفهمونا إن كثيرين ممن اعتادوا الهجوم على الزعيم جمال عبد الناصر بسبب عدائه الدائم لإسرائيل غاضبون من التصويت للعدو؟ عايزين تفهمونا إن باسم يوسف الذي يجالس صهاينة في أمريكا ويسري فودة الذي عمل في الجزيرة ضد إسرائيل ومع قتالها؟ عايزين تفهمونا إن أغلب المؤيدين للصلح مع العدو فجأة ـ فجأة كده ـ أصبحوا قوميين أكثر من القوميين وباتوا غاضبين من التصويت للعدو؟ إحنا هنهزر؟ ولا هنهزر؟

لا نصدق في الأمر كله إلا أعداء إسرائيل الحقيقيين، ومن حملوا طوال السنوات الماضية أعباء إفشال كل محاولات التطبيع مع العدو الإسرائيلي، واحتجوا وتظاهروا واحتشدوا وكتبوا ودفعوا الثمن، أما غيرهم فكدابو زفة ونصابون ولصوص وراكبو موجة وصائدون في الماء العكر وسائرون مع السائرين بقوة حشد اللجان الالكترونية للإخوان وغيرهم في حرب التصيد للسيسي وللإدارة المصرية لا أكثر ولا أقل!

على كل حال.. نملك بشخصنا المتواضع وغيرنا يملك الحق نفسه أن نرفض ويرفض تصويت مصر للعدو الإسرائيلي.. لكن.. تعالوا نضع أنفسنا لدقائق -دقائق في تصور وليس في تبرير- مكان صاحب القرار المصري، لأنه وحده من طلب دعم الإمارات السنوات الماضية، ولم يرد له ولا لمصر طلب واحد.. والسياسي المصري وهو يري ذلك سيتذكر أيضا أن مصر - وليست السعودية أو الجزائـر- هي من تطلب من الإمارات طوال الأربعين عاما الماضية الكثير والكثير ولا يرد لها ولا لمن يحكمها طلب واحد.. وصاحب القرار يتذكر أن ما وعدت به الإمارات هو وحده ما يتحقق على الأرض من مدارس ومجمعات ووحدات صحية ومزلقانات سكك حديدية واسطول سيارات النقل العام بالقاهرة وسيتذكر أنها الدولة الوحيدة تقريبا التي لا يعاني فيها المصريون ولا يشتكون ولا يرون إلا كل الود والترحاب..

وصاحب القرار يتذكر أن السيسي وعد قبل التصويت وهو يزور الإمارات بدعمها في الأمم المتحدة، دون أن يدرك وقتها فخ التصويت الجماعي، وأن على مصر أن توافق على القائمة كلها وبها ثلاث دول عربية تهمنا الإمارات أولا ثم عمان ثم قطر من أجل شعبها الشقيق فقط، أو نرفضها كلها لأن بها إسرائيل..رغم أن مصر حاولت تغيير صيغة التصويت، وفشلت وأصرت على بيان بعد التصويت للاحتجاج على تعنت اللجنة!

نحن نتحدث على البر.. يحكمنا ما لا يحكم صاحب القرار والعكس صحيح، فيحكمه ما لا يحكمنا وما لا نعرفه..

الملاحظ أن الإخوان أداروا المعركة في طلقتها الأولى ثم تركوها لمن تلقفها منهم ثم صب على نارها زيتا جديدا..الإخوان لا يستطيعون وهم يجلسون على حجر أمريكا أن يدخلوا معركة مع إسرائيل التي تجلس معهم أيضا على الجانب الآخر من حجر أمريكا.. أما التناغم الذي جري والاحتفاء الإسرائيلي بالأمر، وهم يدركون في اللحظة الحالية وبمفهوم المعاكسة أنهم سيضعون أي رئيس يمدحونه ـ بغير داع ـ في حرج..وسيمنحون من يهاجمونه ـ بغير حق ـ الدعم والتأييد..إنه التناغم القديم بين أمريكا وحلفائها والكل ضد مصر!
الخلاصه: التآمر مستمر ولكن ما ظنكم ببلد تعهد الله بحفظه؟!
الجريدة الرسمية