رئيس التحرير
عصام كامل

نادية لطفي: ابتعدت عن الفن بعد تدنى الذوق واحتراما لتاريخي وجمهوري

فيتو

>> المعروض لا يناسب تاريخي ورصيدي الفني
>> ظهورى على الشاشة شبه مستحيل واتخذت موقفا ولن أتراجع عنه

>> عودتي مستحيلة رغم الإغراءات
>> عبدالحليم لم يكن مجرد فنان قدمت معه أعمالا سينمائية ناجحة
>> الدولة لم تتجاهلني وابتعادي عن الأضواء قرار شخصي
>> لم اعتزل الفن ولكن توقفت منذ عشرين عاما
>> ذكرياتي مع العندليب لا تنسي وكان يعجبني ذكاءه وإخلاصه
>> انهيار الفن انعكاس لانهيار الوطن والمجتمع.


قليلا ما تتحدث، استطاعت أن تبتعد عن الاضواء بقرار شخصي منها ولكن لم يؤثر ذلك على حب الجمهور لها حتى الآن، فصاحبة النظارة السوداء فضلت الا يراها الجمهور في أعمال ضعيفة واخفت وجهها مثلما اخفت عينيها من قبل... انها ايقونة الجمال الباقية نادية لطفي التي أكدت في حوار لـ"فيتو" أنها لم تشبع من الفن وابتعادها كان احتراما لتاريخها لمحبيها ولكن "بأمر الحب " عادت إليهم من خلال احتفالاتهم ومناسباتهم الوطنية والفنية الكبيرة... حول ذكرياتها مع زمن الفن الجميل وأسرار حياتها كان لـ"فيتو" معها هذا الحوار الخاص:

_ في البداية.. لماذا اتبعتي سياسة الاختفاء عن المناسبات العامة بالرغم من ظهور العديد من الفنانات المعتزلات في المحافل الرسمية ؟
بالفعل اتخذت قرارا بعدم الظهور سواء في الإعلام المرئي أو المسموع أو المقروء حتى يكون ذلك القرار مكملا لقرار ابتعادي عن الفن ولكن في الفترة الأخيرة عدلت عنه بعض الشيء واستجبت لأكثر من دعوة منها مهرجان القاهرة السينمائي العام الماضي والاحتفال بانتصارت أكتوبر.

_ وما السبب الذي جعلك تتراجعي عن هذا القرار ؟
وجدت أن هناك الكثيرين ممن يحبوني ويريدون أن اكون معهم في مناسباتهم واحتفالاتهم وهذا لا يتعارض مع قرار الابتعاد عن الفن.
_ البعض يظن أن الدولة تجاهلت نادية لطفي في الفترة الأخيرة ؟
على العكس تماما فكما قلت لك إنني صاحبة قرار الابتعاد عن الحفلات والتكريمات ولكن لم أستطيع أن اعتذر عن تكريم الرئيس السابق عدلي منصور لي عندما كرمني وأعطاني وسام الفنون في عيد الفن العام الماضي وكذلك تكريمي بمهرجان القاهرة وإطلاق اسمي على دورته السابقة، فلا أريد أن أظلم الدولة وأقول إنها تجاهلتني.
_ يظل قرار اعتزالك لغزا نريد أن تكشفي أسبابه ؟
سأفاجئك وأقول لك إنني لم اعتزل الفن لأن الفني أكبر من أن اعتزله ومن الممكن أن أمارسه بعيدا عن الشاشة ولكن أنا ابتعدت عن الساحة منذ أكثر من عشرين عاما بعد أن هبط الذوق وتدني واصبح المعروض لا يناسبني ولا يناسب تاريخي ورصيدي الفني الذي قدمته ولا اريد أن أقدم شيئا سيئا حفاظا على الصورة التي تركتها عند جمهورى.
_ هل هذا فقط هو سبب قرار الابتعاد أو الاحتجاب ؟
بالطبع.. فهل هذا ليس كافيا لابتعادي، فرصيدي له حق على ولابد أن أوفيه والكثيرون يتناسون كل ما جيد قدمته مع أول عمل ضعيف تقدمه. 
_ نفهم من ذلك أن بعد قرار ابتعادك منذ عشرين عاما لم تقدم السينما عملا جيدا ؟
لا.. لم أقصد هذا، فهناك نجوم كثيرون قدموا أعمالا راقية قبل أيامي وبعدها وأثناء ما كنت امثل، فلا ننسي أعمال فاتن حمامة وشادية وزبيدة ثروت ونبيلة عبيد مؤخرا ويسرا وعادل امام وكمال الشناوي وعزت العلايلي وغيرها، ولكن اقصد أنه بالرغم من وجود هذه الأعمال الجيدة إلا أن الأمر المسيطر على الفن هو الأعمال غير الجيدة.
_ من وجهة نظرك لماذا تعلق الجمهور بنادية لطفي ويعتبرها حتى الآن من اعمدة السينما خلال الستينات والسبعينات ؟
الأمر متوقف على توفيق الله ومدي تقبل الجمهور للفنان، والجمهور وجد أنني واحدة منهم، أتحدث باسمهم وكل ما أقدمه قريب من مشاكلهم وحياتهم اليومية سواء كانت الأعمال الرومانسية أو الاجتماعية، فلم انس يوما انني قبل أن اكون نجمة فأنا امرأة مصرية قابلت كل ما تقابله المرأة في الحياة سواء كان بمنزلها أو في الشارع أو في عملها.
_ هل من الممكن أن نري نادية لطفي على الشاشة في عمل آخر ؟
لا هذا أمر صعبا للغاية وشبه مستحيل فأنا اتخذت موقفا ولن اتراجع عنه، ودعني اصارحك واقول لك انني لم أعلن اعتزالي كما صرحت لك ولكن توقفت لحين إيجاد شىء جيد ولكن لم يأت شىء فاستمريت في موقفي وأوكد لك أنني لن أتراجع عنه.
_ ألا تحني للفن وللكاميرا وللشاشة الفضية ؟
بالطبع أحن لها كثيرا وطوال أيام ابتعادي كنت انتظر العودة ولكن لم أجد ما يشجعني ودعني أن اقولك لك سرا وهو "إنني حتى الآن لم أكتفِ من الفن ولم أشبع من السينما وانتظرت وطال انتظارى واستسلمت للأمر الواقع " وكنت دائما أقول إنه ينطبق عليَ مقولة الراحل عبدالمنعم مدبولي " ظل يفكر ويفكر.. ثم عاد يفكر ويكفر.. ثم استقر على أن يفكر ويكفر "
_ هل عرضت عليك أدوار خلال السنوات الماضية ؟
عروض كثيرة ومازال يعرض حتى الآن ولكن قراري واحد ولن أتراجع عنه رغم الإغراءات، ويكفيني أن أعيش على ذكرياتي مع كبار النجوم وأكثر ما يفرحني وأفخر به حب الجمهور لي حتى الآن رغم ابتعادي عنهم سنوات طويلة، فلك أن تتخيل أن الجمهور ما زال يحبني ويذكر أفلامي ويحفظ مشاهدها وأغانيها.
_ وما السبب الرئيسي في عدم قبولك لهذه الأدوار؟
السينما والفن أشبههما بالخط البياني، الذي وجدته يتدني في السنوات العشرين الأخيرة، وكل ما يعرض وينتج لا يناسبني، فهذه ليست اللغة أو الحوار أو الموضوع الذي أجرؤ أن أقدمه لجمهوري، فانظر لما يقدم الآن أو منذ عشر سنوات وشاهد مستوى اللغة والموضوعات، فهل من الممكن أن تراني اتحدث بهذه الطريقة وبهذا الحديث بعد المستوي الراقي الذي كنا نقدمه منذ سنوات.
_ بمناسبة الأغاني... حدثينا عن ذكرياتك مع الفنان عبدالحليم حافظ وأغانيه لك ؟
تضحك... "فكرتني بالأيام الحلوة ".. عبدالحليم كان نجما لم يتكرر وكنت أحب فيه ذكاءه وإخلاصه لعمله ولفنه واهتمامه الكبير بكل تفاصيل حياته، وأتذكر أننا صورنا أغنيه "بأمر الحب " في خمسة أيام كاملة، وتشهد دار الأوبرا على ذلك، فلك أن تتخيل أن اغنية في فيلم تأخذ كل هذا الوقت وكل هذا المجهود، وأن يتفرغ نجوم كبار لتصويرها وهي ومجرد أغنية في فيلم، وهذا سبب تميز هذه الفترة، فحب العمل كان يملأ قلوبنا واعيننا ولم تكن المادة والشهرة هي هدفنا لذلك عاشت أعمالنا وبقي تاريخنا شاهدا على ما كنا نفعله، وإذا عدنا لعبدالحليم فلم يكن مجرد فنان قدمت معه أعمالا سينمائية ناجحة ولكنه كان صديقا وفيا وإنسان أثق في رأيه. 

_ في رأيك ما سبب انهيار السينما ووصولها لهذا المستوي الرديء؟
السينما تنهار عندما تنهار الأخلاق وينهار الوطن وأقصد بالوطن الأسلوب ومستوي الثقافة والعلم والمادة وغيرها ولن تنهض إلا عندما ننهض جميعا لأنك عندما تتحدث مع نجم الآن وتسأله لماذا تقدم ذلك الفن بهذه الطريقة تكون إجابته حاضرة ويقول "أجسد ما يحدث في الشارع " ولا تستطيع أن تدينه لأنه على حق.
_ هل تتابعين الأعمال الدرامية والسينمائية التي تعرض الآن ؟
أتابع بعضها بالصدفة ولكن لا أحفظها وأرى بعضها جيدا وبعضها دون المستوي وأحتفظ برأيي لنفسي دون الإفصاح عنه.
_ ولماذا لا تنتقديها وتوجهي أصحابها للصواب ؟
ليس هذا مبدأي في الحياة، ثم أنني لا أحب النصيحة ولا أحب أن أنصح أو أنتقد أحدا فالكل يعرف الصواب من الخطأ وأترك النقد للنقاد والصحفيين، فأنا لست وصية على الفن أو ولية أمر الفنانين، ففي النهاية انا زميلة لهم و"عيب أنقد شغل زملائي"
_ هل مازلت تتابعين أفلامك ؟
بالطبع اتابعها.. فكنت قبل ذلك أشاهدها من خلال الفيديو والآن أتابعها من خلال شاشة روتانا كلاسيك وروتانا زمان وأتابع كل أعمال جيلي وعصري الماضي.
_ وما الشعور الذي ينتابك عندما تشاهدين هذه الجواهر الخالدة ؟
أعود إلى مصر الحقيقية وأتذكر شوارع القاهرة وأخلاق الشارع ورقي الجمهور وأتذكر فطين عبدالوهاب وكمال الشيخ وبركات وصلاح أبو سيف وحسام الدين مصطفى وهنري بركات ورشدي أباظة وسعاد حسني وعبدالحليم وإيهاب نافع وغيرهم. 
_ ما هي رسالتك للجمهور ؟
أقول لهم إنني أحبكم وأشكركم على أنكم مازلتم تحبوني، واعلموا أن ابتعادي عن الفن كان من أجلكم واحتراما لكم قبل احترامي لنفسي ولفني وأتمني أن أظل لديكم فنانة تحبوها وتستمتعون بأعمالها.
الجريدة الرسمية