السيسي.. وخطاب الحبر السري!
الجيش المصري - وهذا حقه - هو بطل خطاب الرئيس السيسي أمس، في الندوة التثقيفية للقوات المسلحة؛ ليس لأن الخطاب كان في ندوة للجيش، ولا لأن غالبية الحضور من أبناء القوات المسلحة، وإنما لأن الجيش - المستهدف دائما من أعداء مصر والعرب - سيقوم قريبا بأهم عمل يخدم المصريين على الإطلاق أواخر نوفمبر، وهو تدخله المباشر وكتاجر تجزئة لضبط الأسعار في الأسواق المصرية، وهو الإجراء الوحيد الذي سيجعل المصريين يشعرون بمختلف الإيجابيات التي تحدث في المجالات الأخرى، ويسحقها ارتفاع الأسعار ولا يشعر بها أحد.
كما أن الجيش في الخطاب هو من حمى مصر وحدودها الغربية قبل 30 يونيو، ومنذ سقوط القذافي، حتى في ظل وجود مرسي والإخوان، كما أن الجيش هو من يقود عملية حق الشهيد، التي ووفقا لكلام السيسي، ستستمر، كما أن الجيش ساهم في التأمين الناجح للمرحلة الأولى من الانتخابات والجيش أيضا من أنقذ الإسكندرية!
الدورة التثقيفية يبدو أنها تحولت إلى النافذة البديلة للحديث الدوري للرئيس السيسي إلى المصريين، ويبدو أنه انحاز إلى فكرة اللقاء المباشر بالمصريين، باعتبارها الأفضل لفكرة الخطاب المسجل التي طالتها ملاحظات وانتقادات عديدة!
هو خطاب الرسائل المتعددة والمركبة.. المباشرة وغير المباشرة.. فالسيسي يرفض الاستعجال في نتائج التحقيقات في حادث الطائرة الروسية، لكنه يؤكد السيطرة على سيناء، وهو ما ينفي فكرة العمل الإرهابي من الأرض.. والسيسي لم يتحدث عن الغضب والجدل المثار حول التصويت في الأمم المتحدة لقائمة من الدول تضم إسرائيل، لكنه يتحدث عن "الأخلاق والشرف والقيم" في السياسة!
وهي رسالة لمن طلبوا من مصر التصويت بالموافقة، ثم امتنعوا هم عن التصويت، كما أن السيسي لم يتحدث عن الشأن السوري، لكنه أشار إلى أن سياسة مصر تعتمد على "عدم التدخل في شئون الغير" ولا "التآمر"!.. والسيسي يهاجم إعلاميين هنا وهناك، لكنه أيضا يتبرأ من إعلام الفتنة بين "25 يناير" و"30 يونيو"، وهو تصريح علني بعدم رضائه عن مجمل ما يقدمه الإعلام، حتى أولئك ممن يبدون أنهم أكبر داعميه، وهو نفي علني عن صلته به، ولا بأصحابه، ولكنه يحمل فوضى السنوات الخمسة الماضية بعض السلبيات والفساد وخصوصا في الأمن والمحليات!
السيسي لا يعيد الكلام عن موضوع تعديل الدستور، لكنه يؤكد ذلك بالقول إن ما تم إنجازه في سبعة عشر شهرا وليس سبعة عشر عاما، لكن ذلك لا يعني رغبته بالبقاء سبعة عشر عاما في السلطة، والسيسي يقول إن دور الحكومة في الانتخابات هو الإشراف والدعوة والتنظيم، وهو بذلك ينفي المسئولية عن نجاح فلان أو علان دون التعرض لأي أسماء!!
السيسي يقول إنه مَن طلب من روسيا إرسال محققين إن أرادوا؛ لينفي أي تأثير للحادث عن التعاون بين البلدين، وهو من يردد بغير أوراق مكتوبة أرقاما وتفاصيل عديدة، ليؤكد إدارته لشئون البلاد بتفاصيلها، ويزيد التأكيد بإقراره بأنه كان يتابع حادث غرق الإسكندرية بالمتابعة المباشرة مع الضابط الميداني هناك!
السيسي يقول في خطاب الأمس، إنه يتابع كل شيء وبنفسه من الإعلام إلى الأحداث والحوادث، ومن الكهرباء والطاقة إلى الألف مصنع، ومن حادث الإسكندرية إلى مدينة الأثاث في دمياط، ومن التلاسن والشتائم على الفضائيات إلى الاستقرار الأمني، ويذكر في الخطاب نسب التصويت في الانتخابات البرلمانية في دول أخرى، ليؤكد نجاح المرحلة الأولى من الانتخابات، رغم أن المقارنة غير دقيقة بين بلد عانى من الانتخابات المزورة لأربعين عاما، ومن إفساد التعددية الحزبية، وبين دول استقرت ديمقراطياتها والعمل الحزبي بها منذ عشرات السنين!
السيسي جدد الأمل، وحاصر الإحباط، ووعد بمواجهة الأسعار وفوضى السوق، واشتكى الإعلام للشعب، وطالب بوحدة المصريين، وتحدث بالعملة المصرية في أرقام الخطاب، ولم يشر ولأول مرة إلى الدعم الاقتصادي الخارجي بأي إشارة.. السيسي قال كل شيء دون أن يقول كل شيء.. سمعنا الخطاب، ولكن كان معه بالتوازي خطاب آخر كما لو كان مكتوبا بالحبر السري، وتبقى العبرة لمن يعي ويفهم!
الدورة التثقيفية يبدو أنها تحولت إلى النافذة البديلة للحديث الدوري للرئيس السيسي إلى المصريين، ويبدو أنه انحاز إلى فكرة اللقاء المباشر بالمصريين، باعتبارها الأفضل لفكرة الخطاب المسجل التي طالتها ملاحظات وانتقادات عديدة!
هو خطاب الرسائل المتعددة والمركبة.. المباشرة وغير المباشرة.. فالسيسي يرفض الاستعجال في نتائج التحقيقات في حادث الطائرة الروسية، لكنه يؤكد السيطرة على سيناء، وهو ما ينفي فكرة العمل الإرهابي من الأرض.. والسيسي لم يتحدث عن الغضب والجدل المثار حول التصويت في الأمم المتحدة لقائمة من الدول تضم إسرائيل، لكنه يتحدث عن "الأخلاق والشرف والقيم" في السياسة!
وهي رسالة لمن طلبوا من مصر التصويت بالموافقة، ثم امتنعوا هم عن التصويت، كما أن السيسي لم يتحدث عن الشأن السوري، لكنه أشار إلى أن سياسة مصر تعتمد على "عدم التدخل في شئون الغير" ولا "التآمر"!.. والسيسي يهاجم إعلاميين هنا وهناك، لكنه أيضا يتبرأ من إعلام الفتنة بين "25 يناير" و"30 يونيو"، وهو تصريح علني بعدم رضائه عن مجمل ما يقدمه الإعلام، حتى أولئك ممن يبدون أنهم أكبر داعميه، وهو نفي علني عن صلته به، ولا بأصحابه، ولكنه يحمل فوضى السنوات الخمسة الماضية بعض السلبيات والفساد وخصوصا في الأمن والمحليات!
السيسي لا يعيد الكلام عن موضوع تعديل الدستور، لكنه يؤكد ذلك بالقول إن ما تم إنجازه في سبعة عشر شهرا وليس سبعة عشر عاما، لكن ذلك لا يعني رغبته بالبقاء سبعة عشر عاما في السلطة، والسيسي يقول إن دور الحكومة في الانتخابات هو الإشراف والدعوة والتنظيم، وهو بذلك ينفي المسئولية عن نجاح فلان أو علان دون التعرض لأي أسماء!!
السيسي يقول إنه مَن طلب من روسيا إرسال محققين إن أرادوا؛ لينفي أي تأثير للحادث عن التعاون بين البلدين، وهو من يردد بغير أوراق مكتوبة أرقاما وتفاصيل عديدة، ليؤكد إدارته لشئون البلاد بتفاصيلها، ويزيد التأكيد بإقراره بأنه كان يتابع حادث غرق الإسكندرية بالمتابعة المباشرة مع الضابط الميداني هناك!
السيسي يقول في خطاب الأمس، إنه يتابع كل شيء وبنفسه من الإعلام إلى الأحداث والحوادث، ومن الكهرباء والطاقة إلى الألف مصنع، ومن حادث الإسكندرية إلى مدينة الأثاث في دمياط، ومن التلاسن والشتائم على الفضائيات إلى الاستقرار الأمني، ويذكر في الخطاب نسب التصويت في الانتخابات البرلمانية في دول أخرى، ليؤكد نجاح المرحلة الأولى من الانتخابات، رغم أن المقارنة غير دقيقة بين بلد عانى من الانتخابات المزورة لأربعين عاما، ومن إفساد التعددية الحزبية، وبين دول استقرت ديمقراطياتها والعمل الحزبي بها منذ عشرات السنين!
السيسي جدد الأمل، وحاصر الإحباط، ووعد بمواجهة الأسعار وفوضى السوق، واشتكى الإعلام للشعب، وطالب بوحدة المصريين، وتحدث بالعملة المصرية في أرقام الخطاب، ولم يشر ولأول مرة إلى الدعم الاقتصادي الخارجي بأي إشارة.. السيسي قال كل شيء دون أن يقول كل شيء.. سمعنا الخطاب، ولكن كان معه بالتوازي خطاب آخر كما لو كان مكتوبا بالحبر السري، وتبقى العبرة لمن يعي ويفهم!