رئيس التحرير
عصام كامل

يا مؤتمراتك.. يا مصر!


المسئولون في مصر المحروسة الآن يكررون قصة قديمة كنت أظنها من طرائف زمانها ولا تصلح لوقتنا هذا حيث التطور ودخول العلم في كل المجالات.

وبطل القصة أقرب لشخصية "عبيط القرية"، لكنه يتمتع بقوة الإبصار، فوقع عليه الاختيار لاستطلاع هلال شهر رمضان عندما كان يتم ذلك بالعين المجردة قبل اختراع الوسائل الحديثة.. وكانت جائزة كبيرة تنتظر أول من يشاهد الهلال في الحال.. ولم يصدق صاحبنا نفسه عندما أعطوه "صرة" مملوءة بالذهب، بعد أن سبق الجميع في مشاهدة الهلال.. ففوجئ الحضور به يشير نحو السماء ويصرخ: "وكمان هلال هناك أهو"!

وكنت أظن أن السادة المسئولين في بلدنا استفادوا مما حدث في مؤتمر شرم الشيخ، والضجة التي أحاطت به حتى وصل الأمر إلى أن عامة الناس اعتقدوا أنهم على موعد مع الخير والرخاء والرفاهية.. حتى أفاق الجميع على حقيقة مؤكدة وهي أن المؤتمر لم يحقق شيئا ملموسا؛ لأننا اعتبرنا عقد المؤتمر هدفا في حد ذاته.. لكن الدول التي نجحت في تحقيق طفرة اقتصادية قامت بوضع قوانين جديدة؛ لجذب الاستثمارات، وهيأت المناخ السياسي والاقتصادي، ثم عقدت مؤتمرات للتعريف بنواحي الجذب.. لكننا فعلنا عكس ما تفعله الحكومات الرشيدة، وأطلقنا الأغاني والخطب والشعارات؛ احتفالا بالمؤتمر الذي انعقد وانفض، ولم يجد جديد على حجم الاستثمارات أو أي نواحٍ اقتصادية أخرى.

لكن المسئولين الأفاضل يكررون قصة صاحبنا، فقاموا بعقد مؤتمر اقتصادي في مرسى مطروح منذ أيام؛ لجذب الاستثمارات على طريقة "وكمان هلال أهو".. ليس هذا فقط بل تم الإعلان عن عقد مؤتمر اقتصادي خلال الأسابيع القادمة؛ لجذب الاستثمارات في الصعيد..

وقد نفاجأ بين لحظة وأخرى بتصريحات رسمية جديدة عن عقد مؤتمر اقتصادي في طنطا؛ لجذب الاستثمارات في وسط الدلتا.. ومؤتمر رابع وخامس وسادس هنا وهناك.

ما هذا العبث يا سادة؟!.. وما هذا الاستخفاف بالعقول لدرجة أن مسئولا كبيرا أعلن أن المؤتمر الذي استضافته مطروح نجح في جذب 200 مليار دولار استثمارات جديدة؟!!!

وما دام الأمر كذلك.. وعلى طريقة "وكمان هلال أهو"، أدعو الحكومة إلى عقد مؤتمر اقتصادي في كل قرية وحي سكني؛ لجذب الاستثمارات وتحقيق نهضة اقتصادية شاملة، وبذلك نضمن التفوق على جميع دول العالم في عقد المؤتمرات وإطلاق التصريحات عن جذب آلاف المليارات من الدولارات.. وأبوكم السقا مات!!
الجريدة الرسمية