رقية السادات والسيسي.. والعم جمال عبد الناصر!
قبل أن يعرفه الناس، أطلق زملاء الضابط محمد عبد الفتاح السيسي عليه اسم جمال عبد الناصر الصغير، وعندما أصبح وزيرا للدفاع وسرعان ما أصبح رجل مصر القوي والأول، فلم تتركه أيضا محاولات المقارنة أو الربط بين السيسي والزعيم جمال عبد الناصر، والحقيقة أنه لن يكون جمال عبد الناصر ولا هو محمد أنور السادات، وسبق أن كتبت في هذا الأمر، ولكن الذي لفت نظري في الأيام الأخيرة من أكتوبر شهر الانتصارات، تصريح للسيدة رقية أنور السادات، الابنة الكبرى للرئيس الأسبق السادات، التي أعرفها عن قرب، والتي أرى أنها الأقرب إلى السادات روحا وعقلا وشكلا، وهي نموذج للمرأة المصرية الراقية في تعاملاتها، والذكية في إجاباتها عن الأسئلة التي نرى أنها صعبة أو ممكن أن تحرج الضيف، تقول كلاما رائعا عن الرئيس السيسي.
فمن الكلمات الرائعة التي تكررها بتلقائية بسيطة راقية عندما تتحدث عن الرئيس جمال عبد الناصر، فهو "عمي جمال"!، فالزعيم والرئيس شيء، وعمي جمال الذي كان دائما قريبا منها ويحبها أمر آخر، لم تؤثر فيها كل ما قيل من خلافات سياسية، أو حتى مشاكل أثيرت عمدا للوقيعة بين أبناء الزعيمين، إنه يبقى دائما عمي جمال عند الراقية الإنسانة رقية محمد أنور السادات.
بمناسبة الاحتفالات بانتصار أكتوبر، سألتها عن حياتها في هذا الشهر؟.. قالت: لا أتحرك ولا أخرج من البيت إلا بعد السادس من أكتوبر، فأنا أعيش هذه الأيام مع أبي القائد والشهيد، ولهذا تكون لديَّ مشاعر لا أستطيع التعبير عنها، لذلك أتعمد الخلوة بعيدا عن المجتمع، ولكن هذا العام منعني البرد القادم مع ابنتي من الحج من الحركة ثلاثة أسابيع كاملة!
وعندما طلبت الحديث عن انتصار السادس من أكتوبر.. قالت: السنة كلها أكتوبر ليس فقط شهر أكتوبر، فقط لا بد من جعل السنة كلها شهر أكتوبر، نستمد منه روح وعزيمة الأبطال الذين حققوا الانتصار العظيم، والأبطال هنا ليسوا فقط القوات المسلحة ولكن الشعب كله.
أعود إلى تصريحات للسيدة رقية السادات في حوار ببرنامج "صباح الخير يا مصر" على التليفزيون المصري، قالت: وجه الشبه الذي يربط الناس فيه بين السادات والسيسي هو عشق الوطن، ولكن كل رئيس يأتي لعصره؛ لأن التاريخ لا يعود إلى الخلف، وكل رئيس يأتي بطريقته وشخصيته ومدى حبه لوطنه.
هنا أختلف مع الصديقة السيدة رقية، لم أر أحدا يقارن بين السيسي والسادات، فالمواقف غير متشابهة تماما، فمثلا السادات هو من أطلق الإخوان المجرمين من السجون، وأطلق الحرية لكل الأفكار المتطرفة المتخلفة للعمل في ربوع مصر بلا أي ضوابط أو معايير على الأقل لتقليل خطرهم، ونجح الإرهاب في زراعة الأفكار الهدامة والمتطرفة ندفع ثمنها حتى الآن، وأعتقد أن هذا القرار الخاطئ من أكبر الأخطاء للسادات، التي اعترف السادات بخطئه في خطابه الأخير، واعترف بصحة موقف عبد الناصر في مواجهته للإخوان المجرمين، وهذا الموقف يقف السيسي عكسه تماما..
فهو الذي قاد القوات المسلحة بمساندة الشعب وثورته على الإخوان المجرمين، ولا تزال حتى الآن المعركة مستمرة، أما عشق الوطن هو أمر بديهي، حتى حسني مبارك الرئيس الأسبق لا نستطيع أن نحجب عنه حب الوطن، بالرغم من أخطائه الشديدة التي جعلتنا نتخلف عشرات السنين، وهنا أذكر رأي السادات في نائبه حسني مبارك في إحدى خطبه: إن قادة إسرائيل يقدرونه جدا، ولا ينسون له دور القوات الجوية في انتصارات السادس من أكتوبر، وبالتالي فليكن الجميع عاشقا لوطنه.
ولكن أتفق مع السيدة رقية السادات، أنه على مدى 30 سنة مضت تم تجريف التعليم والصحة والانتماء للوطن، وأن مهمة الرئيس عبد الفتاح السيسي شاقة وخطيرة، وأخطر من التي كان فيها الزعيم السادات، موضحة أن السيسي يقوم ببناء الإنسان المصري ويعيد بناء الشخصية المصرية!!
وأزيد عليها والأخطر والأصعب مما كانت عليه المسئولية في إبان ثورة 23 يوليو، كان عبد الناصر وراءه الشعب والإعلام والجيش وإرادته الفولاذية؛ لتحقيق العدالة الاجتماعية من المنظور الاشتراكي، صادر وأمم ومنع وأعطى وحارب، وكانت الدولة والشعب خلفه وحدة واحدة، وكان من السهل أن يستعين بقدرات بشرية في جميع المجالات، وكانت هذه الكوادر تؤمن به والهدف القومي، أما الآن فالله يكون في عون السيسي، فلا يجد كوادر بشرية، لا يستطيع تأميم أو مصادرة أو أي قرار قوي يرى أنه لصالح مصر، والإعلام والأحزاب، ما يقومون به لخدمة الأعداء وإن ظهر أنه من أجل مصر.
السيسي.. لا نريده كناصر أو السادات.. ونريده السيسي فقط، الرجل المؤمن بوطنه وعروبته وبدور مصر الإقليمي والعالمي.. وندعو الله أن يوفقه في الوصول إلى الأفضل لمساعدته؛ لأن الصورة حتى الآن مليئة بالفاشلين والمنافقين والنادر منهم كفء للأسف الشديد.. اللهم مصر في حماك، فانصر كل من يعمل لحماها!