من ده بُكرة بقرشين!
وإذ فجأة يا مؤمن يطلع علينا الدكتور (سعد الدين) ويطلب إجراء استفتاء رسمي مفاده: هل توافق على المُصالحة مع جماعة الإخوان أم لا؟، مؤكدًا أن الاستفتاء المُهم لا بُد من طرحه على الشعب، واستبيان رأيه، وكُل واحد حُر، ويجب احترام إرادة الناس!
وبما إن كُل واحد حُر، فبصراحة ماعنديش أي فكرة عن سقف الحُرية الذي وصل إليه الدكتور (سعد) حتى يطرح هذه الفكرة المجنونة؛ إذ أنها تستهدف الضرب في مقتل لثورة يونيو وما تلاها من تبعات، يعني الشعب عمل ثورة على الإخوان وألاضيشهم، وقَلَبهُم من فوق كراسي الحُكم وحبسهم في أقفاص زي الفراخ، بعدما ذاق خلال فترة وجيزة كُل أنواع الإرهاب الفكري وكذلك المادي، والإقصاء والخيانة والتخوين، ولسَّه فيه واحد عاوز يرجع يسأل الشعب: هُما الإخوان حلوين واللا لأ؟.. فأين احترام إرادة الشعب من ذلك؟.. والله وكأن ثورة لم تقُم على رأي المُمثل الهزلي إياه، ومن الواضح أن الأمور السياسية عند الحاج (سعد) تسير في دائرة مفرغة مفادها: تعلِّم في المتبلم ويصبح ناسي، وعايز استفتاء!
وللتوضيح فالخيانة غير التخوين، يعني الحكاية مش مُبالغة لفظية بعد ما أخدتني الجلالة على طريقة (يوسف بك وهبي)، فالخيانة في أن الإخوان خانوا الشعب والبلد والثورة، وحتى بعض المساكين من إللي انتخبوهم واستأمنوهم على البلد، أما التخوين فهو توجيههم للتُهمة الجاهزة لأي مُعارض أو مُناهض أو حتى مُلاحظ بالذوق على سياساتهم الفاشلة الفاسدة بأنه عميل وخاين، على أساس تكلِّم الإخواني يلهيك وإللي فيه يجيبه فيك!
أما الإرهاب فقد بدأ مُنذ بداية ثورة يناير، وكان إرهابًا فكريًا مُريعًا، فإما أن تسير في القطيع، تؤمَر فتُطيع ولا تقول إلا سمعًا وطاعة وماء ماء ماء، وإما أن تكون عدوًا للثورة التي كُنت أحد صُنَّاعها أصلًا، ولولا مشيئة الله كُنت مُمكن تتحوّل لأحد شهدائها؛ علشان الإخوان يتاجروا بيك في مؤتمراتهم الصحفية، ويقولوا إنك إخواني، مع أنك عُمرك ما كُنت بهذا السوء!
الأخ الدكتور (سعد) عرَّاب العلاقة بين الإخوان والأمريكان، وهذا ما اشتهر به حضرته وهو ماسك لهم لا مؤاخذة المنديل، بعد ما حدث الرضاء والقبول بين الطرفين، جاي في وقت انتخابات أول برلمان بعد الثورة ليلقي بهذا الغُثاء كأن البلد ناقصة قرف وطفح مجاري، وهو راسم على وشه ملامح الحَمَل الوديع رغم أن حكاية الوداعة دي ماتمشيش معاه خالص، وإن كان موضوع الحَمَل ده لا يختلف عليه اتنين بالتأكيد!
وكأن المطلوب من البلد أنها تنشغل عن انتخابات البرلمان الداعمة - مهما كانت نسبة التصويت والحضور فيها - ثورة يونيو، والمُكملة لها كآخر خطوة في الاستحقاقات التالية للثورة التي جعلت سيرة الإخوان نسيًا منسيًا إلا على صفحات الحوادث والجرائم، بعدما انتقلوا من مُمارسة السياسة التي فشلوا فيها، والاقتصاد الذي خرّبوه أكتر ما هو، إلى الانشغال بمهنتهم الطبيعية والأصلية في القتل والترويع والإرهاب، والمفروض أننا نسيب كُل الحوادث والبلاوي دي، ونسيب كمان كُل الهَم إللي ورانا وقُدامنا سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وفي التعليم والصحة كمان، علشان نقعُد نتجادل ونتناقش حول جدوى مُبادرة (سعد) للصُلح مع الإخوان!
إن طرح هذا الاستفتاء في حَد ذاته بمثابة جريمة في حق ثورة يونيو التي يرغب الأخ (سعد) ومَن خلفه في طعنها من الخلف بخنجر عبيط ومصدي ومكشوف أوي، لكن في نفس الوقت فهي بمثابة خيبة وتخريف سياسي من أستاذ العلوم السياسية، لاسيما أن طرح الاستفتاء على الشعب معناه ببساطة أن الإخوان مش من الشعب، ولا الشعب من الإخوان، أو كما قال (علي الحجار) إحنا شعب وهُما شعب، ولولا لزوم الوزن والقافية لقال إحنا شعب وهُما قطيع!
أقترح أن يكون الاستفتاء الأنسب للطرح طالما الاستفتاء بياكُل صاحبنا كدة، هو أننا نسأل الشعب عن العقاب المُناسب لمَن يطرح مثل هذه المُبادرات التافهة، بأغراضها الخبيثة الصفراء، وبروائحها النتنة القادمة من بلاد العم (سام)، والعم (أردوغان)، والعمة (موزة)، ويا ترى ربيب أعمامه الثلاثة هذا يكون عقابه أيه؟
يعني نرَكّبه حُمار بالمقلوب ونلِف بيه في البلد وكُل واحد يديله إللي فيه القسمة، أو العيال يغنوا له بُكرة من ده بقرشين، واللا نبصَصُه في المراية ونجبره يتفرَّج على فيديوهاته ومُبادراته ونستحمل لوم حقوق الإنسان لينا على التنكيل بيه بهذه الطريقة غير الأخلاقية، واللا نعمل نفسنا مش واخدين بالنا منه، ونبخل عليه أوي حتى لا يُصبح الصخر مثقالًا بدولار، خصوصًا مع الأزمة الأخيرة في العُملة الصعبة؟!