«أبو مازن» أمام مجلس حقوق الإنسان: حالنا هو الأسوأ والأخطر.. نطالب مجلس الأمن بإنشاء نظام دولي لحمايتنا.. السلام والأمن لن يتحققا إلا بإنهاء الاحتلال.. وإسرائيل تخرق القانون والضغط يولد الان
ألقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن كلمة أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف داعيا إياهم لتفعيل كل آليات حقوق الإنسان لوقف جرائم الاحتلال الإسرائيلي وتوفير حماية دولية لفلسطين.
نظام حماية دولي
أكد عباس في كلمته، أن ما يحدث بفلسطين الآن هو ما سبق وحذر منه، حتى أصبحت حالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة وبما فيها القدس الشرقية، نتيجة استمرار الاحتلال الإسرائيلي وممارساته، هي الأسوأ والأخطر منذ عام 1948 وهو الأمر الذي يستدعي تدخلًا قويًا وحاسمًا وتحملا للمسئولية قبل فوات الأوان من منظمة الأمم المتحدة بهيئاتها المتخصصة ووكالاتها الدولية كافة، ودولها الأعضاء، وبخاصة مجلس الأمن لإنشاء نظام خاص للحماية الدولية للشعب الفلسطيني وبشكل فوري وعاجل.
إنهاء الاحتلال
وقال عباس: "هنا نؤكد أن السلام والأمن والاستقرار لن يتحقق إلا بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي واستقلال دولة فلسطين، وبعاصمتها القدس الشرقية، على حدود الرابع من يونيو عام 1967، وفق قرارات الشرعية الدولية، وليس من خلال استخدام القوة الغاشمة، والاستيطان الاستعماري، والعقوبات الجماعية، وهدم المنازل، والإعدامات الميدانية، وإنكار الآخر، وإمتهان كرامة أبناء شعبنا، وبث سموم الكراهية والحقد تجاهه".
وأضاف: "لقد حذرت على مدى السنوات الماضية مما يجري في القدس وما حولها، من تضييق للخناق، وانتهاك للحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وما تقوم به الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة وخاصة منذ ما بعد العام ٢٠٠٠، بتغيير ممنهج لهوية القدس وطابعها التاريخي والديموجرافي، وبما في ذلك زيادة الاستيطان، والحفريات غير القانونية تحت المسجد الأقصى والبلدة القديمة، وإقامة الجدران بهدف عزل الأحياء الفلسطينية، وإغلاق مؤسساتها الوطنية، والتضييق على أهلها بمختلف الوسائل بهدف إخراجهم منها".
الضغط يولد الانفجار
وشدد عباس: "كنت قد نوهت مرارًا وتكرارًا بأن الضغط سيولد الانفجار، وأن انتهاكات المستوطنين والمتطرفين المحمية من قوات الاحتلال الإسرائيلي، لحرمة مقدساتنا المسيحية والإسلامية في القدس، وخاصة المخططات التي تستهدف المساس بالمسجد الأقصى، بهدف تغيير الوضع القائم فيه منذ ما قبل العام 1967 وما بعده، من شأنه أن يحول الصراع، من سياسي، إلى نزاع ديني، ستكون عواقبه وخيمة على الجميع، وهذا ما لن نقبله ولن نقر به أبدًا".
اتفاقية جنيف الرابعة
وأوضح أنه يتحدث اليهم ليجدد تأكيده على أهمية الدور الذي يضطلع به، وكذلك القرارات الصادرة عنه، حول ضرورة احترام إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، للقانون الدولي، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني، قائلا: "في هذا الخصوص، فإننا نؤكد على أهمية تنفيذ الإعلان الصادر عن مؤتمر الأطراف السامية المتعاقدة لاتفاقية جنيف الرابعة، الذي عقد في ديسمبر من العام 2014، حول الانطباق الكامل غير المشروط لاتفاقية جنيف الرابعة في دولة فلسطين المحتلة، وبما فيها القدس الشرقية، والذي تضمن كذلك، ضرورة قيام الدول بشكل فردي، وجماعي، بتحمل مسؤولياتها في احترام وتنفيذ بنود هذا الإعلان بشكل لا يقبل التأجيل.
وشدد على أن إسرائيل تخرق قواعد ومباديء القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وتتصرف كدولة فوق القانون دون رادع أو مساءلة أو محاسبة، فهي من ناحية تنقل جزءًا من مواطنيها للسيطرة على أرض الشعب الفلسطيني، في إطار عمليات استيطان استعماري، وتنهب موارده الطبيعية، وتشيد لمستوطنيها الجدران، والطرق، ونظم المواصلات، لفرض أمر واقع جديد، ضمن نظام خاص بهم قائم على التمييز العنصري.
انعدام الأمل
وقال عباس: "إن انعدام الأمل، وحالة الخنق والحصار والضغط المتواصل، وعدم الإحساس بالأمن والأمان الذي يعيشه أبناء شعبنا، كلها عوامل تولد الإحباط، وتدفع الشباب إلى الحالة التي نشهدها اليوم، من اليأس، والتمرد على الواقع، والانتفاض لكرامتهم وكرامة وطنهم وشعبهم ومقدساتهم، التي تُمتهن في كل لحظة، وعلى مدى سبعة عقود مضت، في ظل احتلال لا يكف عن القتل، والتنكيل، والسلب، والزج بأبنائنا وبناتنا وأطفالنا في السجون".
وأوضح أنه في إطار استمرار تصرف إسرائيل كدولة فوق القانون الدولي، فقد قامت قواتها الاحتلالية، مؤخرًا بتصعيد ممارساتها الإجرامية لتصل إلى حد تنفيذ إعدامات ميدانية بحق المدنيين الفلسطينيين العزل، واحتجاز جثامينهم، وبما فيهم الأطفال، وأمعنت في ترهيب المواطنين من خلال فرض عقوبات جماعية، وبما فيها هدم المنازل، والإبعاد القصري، وفرض الحصار على أحياء سكنية بأكملها، والاعتقالات العشوائية، إلى جانب الزج في السجون الإسرائيلية بما يزيد عن ستة آلاف أسير فلسطيني، مؤكدا أن استمرار الوضع الراهن أمر لا يمكن القبول به، ومن شأنه أن يدمر ما تبقى من خيار السلام على أساس حل الدولتين.
وجه الرئيس الفلسطيني سؤال أخير للحاضرين قائلا: "ألم تتساءلوا إلى متى سيظل الاحتلال الإسرائيلي الذي طال أمده لأرضنا؟ وإلى متى سيبقى شعبنا محرومًا من التمتع الكامل، وغير المنقوص، بحقوقه التي كفلتها الشرعية الدولية، وأولها حقه الأساس في الحياة، وتقرير المصير، وبناء دولته المستقلة ذات السيادة، وكذلك حقه في العيش كإنسان وفق ما جاء في المعاهدات والاتفاقيات الدولية، فهل هذا كثير؟".