رئيس التحرير
عصام كامل

إعادة الهيبة للجنيه.. واجبة


لماذا لا تكون بعض الشخصيات النافذة ماليا أو مصرفيا متورطة مع حسن مالك وشركاه في الإضرار بالجنيه المصري لصالح الدولار؟!

سؤال يتردد منذ القبض على مالك، إضافة إلى أسئلة أخرى عن عدم القبض على مالك طوال العامين الماضيين، وتركه حرا طليقا في البلد، يتحرك كيفما يشاء، في وقت ظن ملايين المصريين أنه هارب خارج البلاد؟


حسن مالك معروف بأنه خزينة مال الإخوان والممول الرئيسي لأنشطتها، ويدير كثيرا من مشاريعها وملفاتها الاقتصادية، ولا ننسى أنه يترأس مجلس الأعمال التركية في مصر، ووكيل مجموعة من الشركات والمنتجات التركية، وكلها أسباب تجعل القبض عليه أمرا حتميا، لذا فإن تأخر القبض عليه يعتبر فضيحة بكل المقاييس ويحتاج إلى تفسير صريح وعاجل من الداخلية.

على المنوال ذاته، يجب أن يكون هناك تفسير شفاف يفند أسباب استقالة محافط البنك المركزي قبل شهر واحد من انتهاء مدته القانونية، وإذا كان تقدم بها منذ فترة فلماذا تأخر قبولها إلى وقت حدوث انهيار غير مسبوق للجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي؟

مسألة توضيح أسباب الاستقالة ليست ترفا ولا فضولا من الشعب، بل ضرورة؛ لأن محافظ البنك المركزي صاحب أرفع وأخطر منصب مالي في الدولة، لديه صلاحيات تحديد قيمة العملة الوطنية ورفعها أو خفضها أمام سلة العملات العالمية، ويتحكم في مفاصل الاقتصاد المصري، ويدير مداخل البلد المالية ومديونياتها، بمعنى أنه مهندس المال العام، فلا يعقل أن تمر استقالته مرور الكرام، ولا أن نتجاهل قراراته المتتالية بخفض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار، حتى فقد الجنيه نحو ربع قيمته أمام الدولار الأمريكي وضاعت هيبته تماما في وقت قياسي.

قرارات محافظ البنك المركزي المستقيل خطيرة، وأثرت سلبا على مفردات الحياة كلها في مصر، ويجب ألا ينتهي الأمر عند حدود قبول الاستقالة، بل لا بد من وجود شكل من أشكال المحاسبة الدقيقة لما اتخذه من قرارات وضعت الاقتصاد المصري برمته على شفير الهاوية.

وخلال الأيام القليلة المتبقية من المدة القانونية لمحافظ البنك المركزي المستقيل، عليه عدم اتخاذ قرارات أو إجراءات أيا كان نوعها أو سببها، حتى لا يزيد "طين" الوضع المالي "بلة"، وكفى ما حدث من انهيار نتيجة سياسته وقراراته، ذلك أن خفض قيمة الجنيه المصري زاد من كلفة الاستيراد الذي نعتمد عليه لتسيير كثير من أمور حياتنا، وبالتالي وضعنا أمام موجة جديدة من الغلاء الذي أثقل كاهل أطياف المصريين، ولا ننسى زيادة معدل التضخم نتيجة تراجع قيمة الجنيه، وما يمثله هذا من ضغط جديد على الحكومة وزيادة أعبائها أمام الشعب، خصوصا فيما يتعلق بمواجهة جشع التجار الذين يستغلون قرارات خفض الجنيه ويسحبون السلع من الأسواق؛ من أجل تخزينها فترة ثم إعادة طرحها بأسعار مرتفعة، تزيد من معاناة الشعب الذي يعاني من الأساس.

ومع محاسبة المقصرين في القبض على حسن مالك وشركاه المتحكمين في شركات الصرافة والمؤثرين على حركة التداول في البورصة والتحكم في سعر الدولار وانهيار الجنيه المصري، يجب على محافظ البنك المركزي الجديد اتباع سياسة حكيمة واتخاذ خطوات إصلاحية، من شأنها إعادة الهيبة إلى الجنيه المصري ورفع قيمته، والتحكم في سعر صرف العملات الأجنبية، بما يقطع الطريق على من يريد التلاعب سواء من الإخوان أو من معهم من الفاسدين والعملاء، كما يجب إعادة الاعتبار إلى المنتجات المصرية وزيادة جودتها، وتقليص الاستيراد إلى الحدود الدنيا إن أردنا صالح الشعب والبلد.
الجريدة الرسمية