رئيس التحرير
عصام كامل

إسكان اللاجئين في ضواحي المدن لا يساعد على الاندماج

فيتو

تشهد ضواحي بعض المدن الأوربية مشاكل كبيرة ترتبط بالمهاجرين بسبب عددهم الكبير فيها. وتحذر باحثة ألمانية من خطط المدن التي تسعى إلى إسكان اللاجئين في الضواحي، حيث قد يؤثر ذلك على العملية الاندماجية.

قبل عشر سنوات توفي زياد البنا (17 عامًا) وبونة تراوري (15 عامًا) بصقعة كهربائية، حيث اختبأ الشابان في محطة كهرباء هربًا من الشرطة في حي "كليشي سو بوا" الواقع بالضاحية الشرقية لباريس.

وتلت وفاتهما مظاهرات وأعمال عنف عمت مختلف المدن الفرنسية. ويرجع علماء الاجتماع أسباب أعمال الشغب خلال تلك الفترة إلى وجود نقص في سياسة التخطيط العمراني في المدن الفرنسية.

ففي الخمسينات من القرن الماضي شيدت عمارات سكنية كبيرة في ضواحي المدن الفرنسية لإيواء المهاجرين القادمين من المستعمرات السابقة، مثل شمال أفريقيا.

في ألمانيا في كان مجلس بلدية هامبورغ قد صادق هذا العام على خطة مشروع بناء العديد من الأحياء حتى نهاية عام 2016 والتي تضم 800 وحدة سكنية لإيواء قرابة 4500 لاجئ. وسيكون بإمكان أشخاص آخرين من غير اللاجئين الانتقال للسكن في تلك الأحياء بعد خمسة أعوام على إطلاق المشروع.

في هذا الحوار تكشف بيرغيت تسور نيدن*، باحثة في علم الاجتماع بجامعة هومبولت في برلين، عن سلبيات السكن في الضواحي بالنسبة للمهاجرين واللاجئين:

DW: إيواء اللاجئين في مساكن لائقة هو حاجة ملحة، لكن ما هي الاستفادة من مخطط مدينة هامبورغ؟

بشكل عام، إن تجميع عدد كبير من الناس من نفس الطبقة الاجتماعية في أماكن خاصة بهم فقط، مثل اللاجئين الذين وصلوا حديثا إلى ألمانيا، أعتبره فكرة سيئة.

فالهدف المنشود هو أن يندمج هؤلاء الناس هنا، ولتحقيق ذلك يجب أن يكونوا على اتصال مع ناس آخرين من داخل المجتمع الألماني.

ولن يحصل ذلك فقط عندما يلتقون في السوبر ماركت والمدارس. ولتحقيق ذلك يلزمهم أن يستعملوا نفس البنية التحتية التي يستعملها غيرهم من الناس الذين يعيشون في ظروف اجتماعية أخرى.

بالنسبة لعالم الاجتماع الراحل هلموت هويسر مان فإن المشكلة الكبيرة التي تعاني منها الضواحي الباريسة هي بعدها الجغرافي عن مركز المدينة.

أما في هامبورغ فمساكن اللاجئين التي سيتم بناؤها ستكون في موقع قريب من المركز إلى حد ما، وستكون المدارس الموجودة أصلا ومراكز التسوق وأماكن العمل قريبة منهم. فما هي إشكالية المشروع؟

المشاكل ليست مبرمجة سلفًا، ولكن الأبحاث توضح أن بعض الأحياء أو بعض المدارس يمكن أن تصبح وصمة عار. وهذه الوصمة لا تأتي من خارج عين المكان فقط، بل تنطلق أيضا من السكان في تلك الأحياء.

ومن خلال العزلة والانغلاق فقد يتولد لدى الناس المعنيين شعور بضرورة البقاء بعيدين عن المجتمع.

لديك تواصل مع المدارس التي تشكل محور أبحاثك العلمية. ما هي السياسات التعليمية النموذجية التي يمكن نهجها تجاه اللاجئين؟

مبدئيا ليست المدارس سيئة في حد ذاتها لأنها تستقبل أطفال من أصول مهاجرة، ولكن إذا بقي هؤلاء الأطفال طيلة مرحلة الدراسة فيما بينهم، فقد يؤدي ذلك إلى حدوث تطور غريب على المستوى الاجتماعي.

وعدم بقاء التلاميذ طيلة مدة الدراسة هو شيء إيجابي، فمن خلاله لا يحدث تمييز عرقي وثقافي داخل المدارس، كما يساهم في تنمية الأطفال وتطورهم اجتماعيا، وأيضا في تعلم اللغة سويا.

ما هو دور المحيط السكني خلال عملية اكتساب اللغة؟

رغم أن الجيران غير ملزمون في علاقاتهم بالاعتماد على بعضهم البعض، أو التعلم من بعضهم البعض، أو التواصل فيما بينهم، إلا أن علاقة الجوار تعطي بطبيعة الحال مزيدا من الفرص وتحفز اللاجئين والمهاجرين بشكل قوي على الحديث باللغة الألمانية وتعلمها عندما يتم الحديث بها في محيطهم.

ماذا يجب على البلديات الانتباه إليه عندما تخطط لتوفير السكن للاجئين؟

من المهم إسكان اللاجئين في مساكن يحيط بها جيران من طبقات اجتماعية مختلفة، لتكون لديهم فرصة التواصل مع أشخاص آخرين، وفرصة الذهاب إلى المحال التجارية المتاحة، سواء ألمانية أو تركية أو غيرها، بحيث يضطرون دائما إلى الاعتماد على مجتمعهم.



هل تعتقدين أن بناء مساكن للاجئين بالقرب من مراكز المدن أمر مفيد؟

أعتقد أن ذلك أمر صعب للغاية. بدل ذلك يجب أن يكون أمام اللاجئين فرصة للبحث عن مسكن في سوق العقار.

هل من الأفضل تقديم منح خاصة بتكاليف الإيجار، عوض تقديم سكن جاهز للاجئين؟

هذا أمر ضروري، حتى ولو أصبح العثور على مسكن يمكن تسديد إيجاره بمساعدات من الدولة أمرا صعبًا في مدن مثل هامبورغ وبرلين أيضا. طبعًا لا ينطبق ذلك على اللاجئين فقط، حيث يجب إعادة النظر في سياسة الإسكان بشكل عام لتوفير مساكن للجميع بأسعار معقولة وليس للاجئين فقط.

*بيرغيت تسور نيدن، باحثة في علم الاجتماع في جامعة هومبولت في برلين. وتركز في أبحاثها على السياسات المتبعة في مجال الهجرة.

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل

الجريدة الرسمية