رئيس التحرير
عصام كامل

«المحنة العربية».. آليات تحول الدولة ضد الأمة

فيتو

صدر حديثًا عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الطبعة الرابعة من كتاب «المحنة العربية: الدولة ضد الأمّة» في 368 صفحة من القطع الكبير، للمفكر برهان غليون.


ويمثّل هذا الكتاب محاولة مبكّرة لفهم الآليات والسياقات التاريخية والسياسات التي حوّلت الدولة الحديثة، في فكرتها وتجسيدها المادي، من أداة للتحرر والانعتاق عند العرب إلى "غول" ابتلع الحداثة والمجتمع في الوقت نفسه، وأخضعهما لمصالح خاصة غير إنسانية، وأدى في النهاية إلى تفجير المجتمعات وتشظّيها وتشتيتها. ويقدّم هذا الكتاب الذي صدرت طبعته الأولى في بيروت عام 1993، عناصر أساسية للإجابة، قبل الأوان، عن السؤال الذي طرحته فيما بعد ثورات الربيع العربي، في شأن تفسير القطيعة، ومن ثمّ العداء الذي أظهرته الدولة "الحديثة" "الوطنية" للمجتمع، ووقوف ما سمّي، منذ ذلك الوقت، "الدولة العميقة"، وبعنف لا سابق له، ضد تطلّعات الشعوب.

يقع الكتاب في سبعة فصول رئيسة، يفترض الفصل الأول "إشكالية الدولة" أنّ البحث في الدولة وفهم مشكلاتها يمثّلان المدخل الرئيس لتحليلٍ وفهمٍ للأزمة الشاملة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية التي تعيشها المجتمعات العربية.

فيما يتحدث الكاتب في الفصل الثاني "عصر التكوين: الأمة والشعب"، ويبدأ الفصل الثالث "عصر التنظيم: الدولة والسلطة" بالحديث عن الغزو الفرنسي لمصر، على أساس أنّ الحملة الفرنسية كانت لحظة فارقة في التاريخ العربي الحديث.

ويستهل الكاتب الفصل الرابع "عصر التغيير أو في أصل القطيعة بين المجتمع والدولة" بالحديث عن الثورة القومية التي حصلت بسبب عدم قدرة الدولة الوارثة للاستعمار على حلّ المشكلات العقائدية والسياسية والاجتماعية المتعلقة ببناء الأمّة، وفي الفصل الخامس "عصر المحنة أو ثمن الحداثة المجهضة".

فيما يخصص الفصل السادس للسؤال "إلى أين يسير الوطن العربي؟" وفيه يرى المؤلف أنّ أمام العالم خيارين، أولهما هو النزاع الأهلي، والصراع بين الإسلام والعلمانية أو بين النخب الممثلة للتيارين، شارحًا الأخطار الناجمة عن هذا الصراع، أمّا الخيار الثاني هو خيار التغيير، طريق الديمقراطية والوحدة، وإن كان هذا الخيار يبدو أكثر إيجابية من الخيار الآخر إلّا أنّ الكاتب يرى أنّ صعوبات جمّة تقف في وجه الوصول إلى هذا الخيار، كما يخصص الكاتب الفصل السابع والأخير "النتائج" لاستعراض نتائج هذا البحث الشامل.

ولد المؤلف برهان غليون في مدينة حمص عام 1945، ودرس حتى نهاية المرحلة الجامعية في سورية، ثمّ سافر إلى فرنسا عام 1969، حاز الدكتوراه في علم الاجتماع السياسي من جامعة السوربون الثامنة عام 1974، وعمل مدرّسًا لعلم الاجتماع السياسي في جامعة الجزائر من 1975 إلى 1978، ثمّ في جامعة باريس الثالثة منذ عام 1990، انتخب رئيسًا للمجلس الوطني المعارض عام 2011، من مؤلفاته: بيان من أجل الديمقراطية (1978)، المسألة الطائفية ومشكلة الأقليات (1979)، اغتيال العقل (1985).
الجريدة الرسمية