حوادث الطرق مصائد الموت
آلاف المصريين تزهق حوادث الطرق أو ما اصطلح على تسميته «الثعبان الأسود» أرواحهم سنويًا، ووفق معدّلات تفوق ضحايا جميع الحروب التي خاضتها مصر، فيما تتوزّع الاتهامات وتقتسم المسئولية بين استهتار السائقين وسلوكيات المواطنين الخاطئة من جهة، وسوء حالة الطرق وعدم مطابقتها للمواصفات الهندسية من الجهة الأخرى.
وتظل حوادث الطرق كارثة بكل المقاييس، تزداد تفاقمًا يومًا بعد آخر؛ إذ أنّه ووفقًا لإحصائيات منظمة الصحة العالمية حول بلدان العالم المختلفة في العام 2012، احتلت مصر المرتبة العاشرة عالميًا؛ إذ جاءت الهند في المرتبة الأولى تلتها الصين، ثم الولايات المتحدة الأمريكية، ليبلغ عدد الوفيات الناجمة عن حوادث الطرق في مصر نحو 12 ألفًا، فيما بلغ عدد المصابين 40 ألفًا.
تصدرت مصر المراكز اﻷولى في عدد ضحايا حوادث الطرق والكباري؛ نتيجة الإهمال، فمنذ عام 1992 وخلال عشرين عاما أصبح الناتج 245 ألف قتيل ومصاب في 73 ألف حادث بمعدل 25 ضعفا للمعدلات العالمية.
تزايدت في الآونة الأخيرة حوادث انهيار الكباري، ما يدق ناقوس الخطر تجاه تردى أوضاع الكبارى التي تعتبر بمثابة شريان الحياة بالنسبة للمواطنين.
وفقا لآخر إحصائيات الجهاز المركزى والتعبئة العامة والإحصاء، يبلغ عدد الكبارى 1530 كوبرى بجميع المحافظات، نصفها على الأقل في حالة شديدة التردى وقابلة للانهيار في أي وقت؛ نتيجة لقلة أو انعدام الصيانة الدورية، التي تعتبر بمثابة المتهم الرئيسى في مسلسل انهيار الكباري، بالإضافة إلى الحمولة الزائدة والتخطيط السيئ في إنشاء عدد كبير من الكباري.
الإهمال بالكبارى قد يتسبب بشكل واضح في حدوث شروخ بالأجزاء الخرسانية، والصيانة حاليا تحتاج إلى استخدام أجهزة حديثة وإعداد مهندسين متخصصين قادرين على إجراء الصيانة، ونحن نعانى من ضعف شديد في عمليات الصيانة، ولا نتحرك إلا بعد وقوع الحوادث ليكلفنا ذلك أضعاف المبالغ المطلوبة.
تحولت مشكلة الفواصل وانهيار أسوار الكبارى وزيادة حوادث الطرق إلى أزمة، بجانب تسرب الرطوبة داخل الخرسانة المسلحة، ما قد يتسبب في حدوث صدأ حديد التسليح المكون للكوبري، وتآكله بمرور الزمن، لنرى في يوم من الأيام انهيار أحد الكبارى أمام أعيننا، ومن هنا علينا حل المشكلة قبل أن تحدث كارثة.
والحقيقة الموْكدة، أنه كان يجب أن نستفيد من تجارب الدول الأخرى في هذا المجال، فمنذ عدة سنوات قامت بعض الدول بالتوقف عن عمليات إنشاء الكباري، وتم تخصيص هذه الميزانية لعمليات الصيانة.
وترصد «فيتو» إحصائيات حوادث الطرق:-
2013
بلغ عدد الوفيات في مصر من حوادث الطرق 12 ألفا، وعدد المصابين 40 ألف مصاب بنهاية عام 2013، حسب إحصائية منظمة الصحة العالمية، ويتراوح المعدل الطبيعى لحوادث الطرق بالعالم لكل 10 آلاف مركبة ما بين 10 و12 حادثة، ولكن في مصر يصل لـ25 حادثة.
بالإضافة إلى مؤشر قسوة الحادث التي تصل إلى 22 قتيلا لكل 100 مصاب، لتحتل مصر المركز الأول، ويحتل ضحاياها ضعف المعدل العالمى في العالم.
وخريطة الحوادث في مصر تنقسم ما بين طرق لا تشهد حوادث إلا قليلا، وطرق أخرى تم تخصيصها من أجل إنهاء حياة المصريين، وهى الطرق التي يطلق عليها طرق سيئة السمعة، خاصة أن تلك الطرق تشهد يوميًا حوادث تنهى حياة الكثيرين، ومن تلك الطرق طريق محور 6 أكتوبر، الذي شهد وحده 757 حادثة في عام واحد، بالإضافة إلى الطريق الدائرى من ناحية الأوتوستراد، الذي حل في المركز الثانى بـ490 حالة في عام، أما طريق الشيخ زايد فشهد 443 حالة في عام 2012 فقط.
لم يقتصر الأمر على القاهرة فقط، بل إن هناك طرقا أيضا في المحافظات تعد طرقا سيئة السمعة، منها طريق أسيوط – سوهاج، الذي يعد الأعلى من حيث معدلات الحوادث، يليه طريق الشرقية والقليوبية، بجانب طريق الموت الذي يربط بين القاهرة والبحر الأحمر وهو طريق الكريمات، أما طريق الغردقة – رأس غارب، يدخل هو الآخر موسوعة الطرق سيئة السمعة بين طرق مصر.
وتعد محافظة بنى سويف الأولى بين محافظات مصر في حوادث الطرق؛ حيث أعلنت المحافظة أنها فقدت 45 مواطنا خلال شهرين فقط، وتعتمد المحافظة على ثلاثة طرق فقط، أحدها الطريق الصحراوى الرابط بين بنى سويف وأسيوط والمنيا وسوهاج، والطريق الآخر الزراعى المتوقف عن العمل منذ أكثر من ثلاثة أشهر، وكان هو الآخر أحد الطرق التي شهدت العديد من الحوادث.
2014
شهد عام 2014، الكثير من حوادث الطرق، التي راح ضحيتها مئات المواطنين الأبرياء، الذين لا ذنب لهم سوى ركوب السيارات والسير على الطرق العامة.
وتؤكد الإحصائيات، حسب منظمة الصحة العالمية عام 2014، أن عددَ الوفَياتِ بسبب حوادثِ الطرق في مصر يتجاوز الخمسةَ عشر ألفا، فيما يصل المصابون إلى الخمسين ألفا تقريبا، سنويا، ما يجعل معدلَ القتلى في مصر ضِعفَ المعدلِ العالمي، ويُرجِعُ الخبراءُ ذلك إلى العنصر البشري، الذي يرَوْنَ أنه يتحمل المسئوليةَ الأكبر، فضلا عن تقصير حكومى وتداخل في المسئوليةِ بين مؤسساتِ الدولة.
2015.
كما كشفت الإحصائيات، تصدر مصر الترتيب العالمى الأول في عدد ضحايا الطرق خلال هذا العام، والمركز 122 عالميًا في جودة الطرق.
حيث يوجد 63 ألف حادث العام الماضي، نتج عنها 13 ألفًا و500 قتيل، و15 مليار جنيه التكلفة الاقتصادية للحوادث، وأوضحت الإحصائية، أن عدد الحوادث التي تعرض لها طلاب المدارس في مصر هذا العام، وصل لـ10 حوادث مروعة لحافلات مدرسية بجانب حوادث فردية أخرى.
وحول زيادة حوادث الطرق الفترة الأخيرة في مصر، يقول الدكتور خالد عباس، عميد معهد النقل القومى وأستاذ الطرق: إن مصر تقع في المجموعة الأولى لحوادث الطرق، لافتا إلى أن كثرة الحوادث يرتبط بعدد المركبات والسكان؛ حيث إن الصين وأمريكا والهند تقع أيضا في المرحلة الأولى لحوادث الطرق.
وأضاف أن معظم الحوادث تقع نتيجة لأخطاء السائقين، وسيارات النقل الثقيل، فلا بد من فصل سيارات النقل الثقيل، في طرق خاصة؛ حتى لا تقع هذه المصائب التي نراها كل يوم، وأيضا لا بد من مراجعة الأراضى الزراعية الموجودة على الطرق، مثل طريق مصر الإسكندرية الزراعي.
وأشار عباس، إلى أن السيارات لا بد أن تخضع لصيانة مستمرة، وعدم إعطاء الرخصة لأى شخص، وإعداد إستراتيجيات للسائقين، حيث إن هناك سائقين لا يفارقون القيادة لمدة 24 ساعة، وهو ما يتسبب في الكوارث، لافتا إلى أن هناك دولا كثيرة في العالم تمنع القيادة أكثر من 8 ساعات في اليوم.