النقد الدولي يواصل إملاء الشروط.. والحكومة ''محلك سر'
رهن ''صندوق النقد الدولي'' الموافقة على منح مصر قرض قيمته 4.8 مليار دولار بانتهاء الحكومة من مراحل الإصلاح الاقتصادي، وتحديدًا إعادة هيكلة الدعم والإصلاحات الضريبية، وإيجاد حلول لعلاج تفاقم الدين المحلي؛ حتى تستطيع الحكومة الوفاء بالتزاماتها محليًّا ودوليًّا في حال الحصول على قرض الصندوق.
واشترط مسئولو الصندوق تخفيض الإنفاق الحكومي المصري المتزايد كنوع من الترشيد، وفي المقابل وعد مسئولو الحكومة المصرية بسرعة تنفيذ تلك الإجراءات بعد تأجيل زيارة وفد الصندوق من سبتمبر الحالي إلى أكتوبر المقبل بعد الانتهاء من الاجتماع السنوي للصندوق بطوكيو.
وتبرز المشكلة الحقيقية في طلب الصندوق خفض قيمة الجنيه مقابل العملات الأجنبية وعلى رأسها الدولار، وهو الأمر الذي قوبل بالرفض من الرئيس مرسي ورئيس حكومته هشام قنديل.
وفي هذا الشأن، قال الدكتور فاروق العقدة، محافظ البنك المركزي: ''إن طلب الصندوق خفض قيمة العملة المحلية مرفوض نهائيًّا وأكد على أن الفيصل في ذلك هو العرض والطلب''.
وفي الوقت الذي اعتبر فيه البعض هذا الطلب تدخلًا في الشأن الداخلي المصري وحذر من مخاطر الاقتراض من الصندوق خشية التبعية الاقتصادية التي طالما عانت مصر منها؛ أكد وزير المالية الدكتور، ممتاز السعيد، أن صندوق النقد الدولي لا يضع شروطًا على أساليب وأوجه صرف القرض المنتظر منحه لمصر، مؤكدًا أن الصندوق يريد فقط تخفيض حجم الدين العام، وترشيد الإنفاق في الموازنة العامة للدولة، واعتبر طلب الصندوق بخفض قيمة الجنية مطلبًا خطيرًا لأنه يؤدى إلى رفع أسعار السلع والخدمات، حيث إن حجم الواردات يفوق حجم الصادرات.
من جانبه رأي أيمن محمد عبد المنعم، مدير مخاطر الائتمان ببنك الاستثمار العربي، أن المفاوضات بشأن إقراض مصر من صندوق النقد الدولي اتخذت منحى خطير في الآونة الأخيرة لاسيما مع استمرارها لفترة تقرب من العام ما بين شد وجذب بين مسئولي الصندوق والمسئولين المصريين، فيما توقع فشل المفاوضات في نهاية المطاف.
وفيما يخص طلبات الصندوق بشأن إجراء إصلاحات اقتصادية تخص الدعم والضرائب وعجز الموازنة قال عبد المنعم: ''إنها مطالب مشروعة بشرط عدم التدخل في تنفيذها محليًّا من قبل الصندوق، أما طلب خفض قيمة العملة المحلية فهو طلب غير مبرر لاسيما وأن خفض قيمة الجنيه يزيد من أعباء الحكومة فيما يخص ارتفاع أسعار السلع والخدمات وارتفاع فاتورة الاستيراد وزيادة عبء الدين لا سيما الخارجي؛ حيث إن ارتفاع الدولار يرفع من قيمة القروض الخارجية بالعملة الأمريكية في حالة انخفاض قيمة الجنيه".
ونصح عبد المنعم المسئولين المصريين بالبحث عن بدائل من الآن تحسبًا لرفض القرض من الصندوق، مشيرًا إلى أن أهم تلك البدائل الاعتماد على الدول العربية في الاقتراض وهو ما بدأ بالفعل من بعض الدول وعلى رأسها السعودية وقطر، مطالبًا بفتح خطوط اتصال مع الكويت والإمارات وكذلك إيران.