رئيس التحرير
عصام كامل

أمين الحسيني.. هتلر فلسطين «بروفايل»

فيتو

كرس حياته للنضال من أجل القضية الفلسطينية، اعتبره الصهاينة سبب تأخر قيام دولة الاحتلال لعشرات السنين، يعد أشهر الشخصيات الفلسطينية في القرن العشرين، التحق بالكلية الحربية بإسطنبول، ليلتحق بعدها بالجيش العثماني، وأخيرًا اتهمه رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، بأنه وقف وراء إبادة اليهود وليس هتلر، إنه المفتى الفلسطينى الأسبق الحاج أمين الحسينى.


ولد الحاج أمين الحسيني بالقدس عام 1895، وتلقى تعليمه الأساسي فيها، وانتقل بعدها إلى مصر ليدرس في دار الدعوة والإرشاد، أدى فريضة الحج في سن السادسة عشرة ليكتسب لقب الحاج، والتحق بعدها بالكلية الحربية بإسطنبول، ليلتحق بعدها بالجيش العثمانى ثم التحق بعد ذلك بصفوف الثورة العربية الكبرى.

أثار «نتنياهو» زوبعة كبيرة حول «الحسينى»، في أعقاب تصريحاته الأخيرة التي قال فيها: إن الزعيم النازى أدولف هتلر، لم يكن يرغب في إبادة اليهود، بل أراد طردهم فقط، لكن «الحسيني» ذهب إلى «هتلر» وقال له «إذا طردتهم سيأتون جميعا إلى هنا»، فسأله هتلر «إذا فما الذي نفعله معهم؟» وأجاب المفتي «احرقهم».

كانت عائلة «الحسينى» ميسورة الحال، كان من بين أفرادها ثلاثة عشر شخصًا تولوا مناصب إدارية وسياسية في القدس.

حياته في القاهرة

تلقى علوم القرآن واللغة العربية والعلوم الدينية في فترة مبكرة من عمره، أدخله والده «مدرسة الفرير» لمدة عامين لتعلم الفرنسية، ثم أُرسل إلى جامعة الأزهر بالقاهرة ليستكمل دراسته، كما التحق بكلية الآداب في الجامعة المصرية، وكذلك في مدرسة محمد رشيد رضا «دار الدعوة والإرشاد».


الحرب العالمية الأولى

نشبت الحرب العالمية الأولى عام 1914، فلم يستطع العودة لاستكمال دراسته، فذهب إلى إسطنبول ليلتحق بالكلية العسكرية، وتخرج برتبة ضابط صف في الجيش العثماني، وقد ترك الخدمة لاعتلال صحته بعد ثلاثة أشهر فقط من تخرجه، وعاد إلى القدس، فما لبثت القوات العربية والبريطانية أن سيطرت على القدس سنة 1917 فالتحق بقوات الثورة العربية وجند لها المتطوعين.

شارك أمين الحسيني في العمل الوطني الفلسطيني منذ نهاية الحرب العالمية الأولى عام 1918م، وشارك في عقد «المؤتمر العربي الفلسطيني» الأول عام 1919م، والمظاهرات الفلسطينية عام 1920م، وقد اتهمته السلطات البريطانية بأنه وراء هذه المظاهرات، وهاجم شباب القدس القافلة البريطانية المشرفة على ترحيله للسجن، وهرب إلى سوريا، وحكم عليه غيابيًّا بالسجن 15 سنة، وتحت ضغط الغضب الفلسطيني تم العفو عنه.


فشل ثورة القسام

تولى منصب المفتى العام للقدس بعد وفاة أخيه كامل، وأنشأ المجلس الإسلامي الأعلى، وبعد فشل ثورة القسام عام 1936، أنشأ اللجنة العربية العليا التي ضمت تيارات سياسية مختلفة.

وأصدر المندوب السامي البريطاني، قرارا بإقالة المفتي من منصبه والقبض عليه، وحينها هرب «الحسيني» إلى لبنان، حيث اعتقلته السلطات  الفرنسية، وبعدها استطاع الهروب من لبنان إلى العراق، ثم تركيا، ثم ألمانيا حيث مكث فيها قرابة 4 سنوات.


زيارة ألمانيا

وكان غرض «الحسيني» الأساسي من زيارته ألمانيا هو الاعتراف الرسمي من جانب دول المحور باستقلال مصر، السعودية، العراق واليمن، والاعتراف بحق البلدان العربية الخاضعة للانتداب مثل لبنان وفلسطين والأردن بالاستقلال، والاعتراف بحق العرب في إلغاء الوطن القومي اليهودي وعدم الاعتراف به.

استطاع المفتي الهروب من ألمانيا في اللحظات الأخيرة قبل سقوط برلين، وتم القبض عليه في فرنسا، وقضى يومين في زنزانة مظلمة، ولكنه تقدم للضابط المسئول وعرّفه بنفسه ومكانته، وطالب أن يعامل بالشكل اللائق، وبالفعل انتقل إلى منزل جنوب باريس، وعندما أعلن عن وجوده في فرنسا، بدأت المطاردة له من السلطات البريطانية والأمريكية والصهيونية داخل فرنسا، ورفضت فرنسا أن تسلّمه بسبب خلافها مع المصالح البريطانية والأمريكية.


خطة اغتياله

وحرصًا على عدم استثارة المشاعر الإسلامية، وتدخل ملك المغرب ورئيس تونس أثناء وجودهما في باريس، طالبا باصطحاب المفتي معهما، وتدخلت الجامعة العربية، ورئيس باكستان محمد على جناح، من أجل سلامة المفتي، ورفضت فرنسا، وبدأت المقايضة الأمريكية مع مشروعات إعادة إعمار فرنسا بتمويل أمريكي، وقبل أن تقرر فرنسا تسليمه لأمريكا استطاع أن يهرب المفتي من فرنسا عن طريق استخدام جواز سفر لأحد أنصاره في أوربا، وهو الدكتور معروف الدواليبي بعد استبدال الصورة، ونجح المفتي في الوصول إلى القاهرة عام 1947م، وظل متخفيا بها عدة أسابيع حتى استطاع أن يحصل على ضيافة رسمية من القصر الملكي تحميه من المطاردة الدولية لشخصه.


تعطيل قيام دولة الاحتلال

أثناء حياته دعت المنظمات اليهودية إلى قتله قائلة: «يجب أن يموت أمين الحسيني حتى نجد من الفلسطينيين من يتفاوض معنا».

وبعد موته قال أحد زعماء الكيان الصهيوني: «قد كان مقدرًا أن تنشأ دولة إسرائيل خلال عشر سنوات أو خمس عشرة سنة من بدء المشروع، ولكن أمين الحسيني جعل الأمر يحتاج إلى عشرات السنين».

توفي «الحسيني» عام 1974 ببيروت، وشيع بجنازة رسمية حضرها الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات.
الجريدة الرسمية