رئيس التحرير
عصام كامل

إعلام عايز إعدام !


كشفت المرحلة الأولى من انتخابات ثورة الثلاثين من يونيو، عن مجموعة من الحقائق المفزعة والمطمئنة معًا، حسب موقعك من الرؤية ومن التحليل.

ففي الوقت الذي أعلنت فيه اللجنة العليا للانتخابات النسبة الحقيقية للمشاركة في عملية التصويت داخل لجان ١٤ محافظة، وهي ما يزيد قليلا على ٢٦٪، أي نحو سبعة ملايين، من ٢٧ مليونًا، فاجأ الناخب المصري جمهور المترقبين بأنه لم يحسم رأيه سوى في أربعة مرشحين أبرزهم الزميل عبد الرحيم على الذي ساعده صندوقه الأسود في غزو الصندوق الانتخابي الأبيض !

وقال بيان اللجنة العليا إن الإعادة ستتم في جميع مقاعد الفردي في الـــ ١٠٣ دوائر، ومؤدى هذا ببساطة أن الناخب غير مقتنع بالأسماء المطروحة فرديا لعلة حزبية موصومة كعلة الانتساب للحزب الوطني، رغم أن هذه العلة ذاتها شفعت لقوائم حققت نسبة نجاح كبيرة، تضمنت معلولين من الحزب الوطني !!

ربما كانت وصمة الوطني سببًا في نكبة الفردى، لكن الأقوى سببًا هو الجهل بالمرشحين، ولغياب الخبرة الكافية للقيام بعملية تسويق سياسي ناجحة لعناصر لها تاريخ نيابي من داخل السلطة، أو لعناصر ولدت من رحم الأحداث والزلازل، وسواء كان هذا أوذاك، فإن ما جرى يؤشر إلى الفشل الذريع للدور التحريضي التخويفي، معًا وفي آن واحد للفضائيات، الخاصة، بل الرسمية التي انزلقت بسذاجة إلى حفر التناقض في تسويق مضمون منطقي للرسالة الإعلامية!

بعبارة أوضح فإن الفضائيات بمذيعيها من حملة الحناجر الميكروفونية، وبعض تونات التشليق، ومعها وعليها مواقع إخبارية، راحت على مدى أسابيع طويلة من بدء الحملة الانتخابية رسميًا تخوف الناخبين من مجلس النواب القادم، بوصفه البعبع الرهيب الذي سيجيء ليخطف الرئاسة من الرئيس، وليجعل الرئيس السيسي بلا ظهير، وبلا معين، بل إن مخيون حزب النور، ومن ورائه الإخوان سيكونون الأغلبية التي ستختار رئيس الحكومة القادم !

بالطبع، سيكره الناس العملية النيابية الفجة المقرفة المخيفة هذه، طالما ستعطي للسلفيين والإرهاب والنوشتاااء، قبلة الحياة، وبلاها مجلس، وكفى بالرئيس حاكمًا ومشرعًا، بلا مناوئين !

بالطبع أيضًا لم يقصد الرئيس إلى هذا أبدًا، بل إنه انتبه إليه مبكرًا، حين حذر من سوء فهم مقصده حين قال إن الدستور المصري مكتوب بحسن نية، وفهمها الإعلاميون بأنها إشارة الهجوم على الدستور الذي ظلم منصب الرئيس.

من ناحية أخرى، أرسل الإعلام الرسالة المضادة لرسالته التحذيرية، بل ضربها في الصميم.. فماذا فعل ؟!

مع بدء الحملة الرسمية ومع كلمة الرئيس، التي ناشد فيها الناس لحد التوسل، النزول والاحتشاد وتكريم أرواح الشهداء، وتقدير تضحياتهم ودمائهم في سبيل الوطن، مضى الإعلاميون العباقرة يعزفون هم أيضًا لحن التوسل والمناشدة، وانزل يا شعب، انزل يا حمار انزل يا غبي، انزل يا مواطن، شارك قبل أن تلفظ أنفاسك، على طريقة صلي قبل أن يصلى عليك، انقذ الصندوق، وانقذ السيسي، واعط صوتك للدولة المدنية !

ضرب نار في اتجاهين على مسافة نصف متر ! ارتبك الناس.
من شهر قالوا المجلس بعبع وإرهابي وكهف تخلف ومغارة لمخيون وبديع وأنسالهم.
وبعد شهر قالوا المجلس عنوان الدولة، وعون الرئيس، ويفتح لمصر خزائن القروض !
ارتبكت الكتلة التصويتية، وركنت إلى الأنتخة أو الراحة، واستسهلت أسلوب المهاودة.. أي حاضر من عيني قوي قوي، بكرة، اشوفك غدا !!

أظن أيضا أن على الأحزاب العجوزة أن تدخل عيادات الشفط والنحت، أو إعادة الشحن النفسي، كما أظن أنه من الخطأ اعتبار السلفيين انقطم وسطهم وانكسر بأسهم !

ما خفي كان أعظم وما سوف نراه في الإعادة، سيكون دروسًا لابد من حسبانها، من جانب كل الأطراف داخل المشهد السياسي الوطني.
الجريدة الرسمية