رئيس التحرير
عصام كامل

العزوف الانتخابي.. التباس وعدم اقتناع


مشهدان في المرحلة الأولى لانتخابات البرلمان لا بد من التوقف عندهما، أولهما تصدر المرأة المصرية مجددا اللجان الانتخابية، بنسبة اقتراع بلغت 4 أضعاف مشاركة الرجال، فهي رغم مسئوليتها في البيت والعمل ومع الأولاد لبت نداء مصر وأدلت بصوتها، في وقت تفرغ فيه غيرها إلى متابعة مواقع التواصل الاجتماعي والتحريض على المقاطعة أو تحليل ضعف الإقبال على التصويت، دون أن يكلف نفسه عناء المشاركة في الانتخاب.


المشهد الثاني تمثل في كثافة تصويت الأقباط، خصوصا في المحافظات التي تعتبر من معاقل الجماعات الإسلامية، وهنا لا بد من التنويه إلى الحس الوطني العميق لدى الإخوة الأقباط؛ لأن مجرد المشاركة وحجب الأصوات عن السلفيين ومن معهم، فيه خير مصر كلها وليس فقط الأقباط، فالجميع يعلم ما يريده السلفيون ومن أجله يلعبون على جميع الحبال، إلى أن يحكموا قبضتهم على مصر، وحينها يظهرون الوجه الحقيقي، وهو أبشع من الوجه الذي أظهره "الإخوان" عندما وصلوا إلى الحكم.

نأتي إلى العزوف الواضح عن المشاركة في الانتخابات البرلمانية، التي تناولتها بكثير من الشماتة صفحات "الإخوان" والمقاطعين أمثال "6 إبريل" والداعين إلى المقاطعة منهم البرادعي وأطراف المؤامرة على مصر.. فإذا أنتم دعيتم إلى المقاطعة؛ لعدم اعترافكم من الأساس بالدولة ونظام الحكم فيها، فلماذا تهتمون برصد وتحليل نسبة المشاركة وتداعيات المقاطعة؟!

أما إذا أردنا التحليل العقلاني والمنطقي لعزوف المصريين عن المشاركة في المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية، فنجد لها مجموعة أسباب، لعل أولها وأهمها هو حالة الاطمئنان التي يعيشها الشعب في ظل إدارة حكيمة للرئيس السيسي، فهم عندما لمسوا إخلاصه ودأبه في العمل وإنشاء مشاريع قومية عملاقة، اعتبروا وجود البرلمان مثل عدمه؛ لأن الرئيس "نصير الشعب"، ولا ننسى أن وجود مادة في الدستور تتيح للبرلمان سحب الثقة من الرئيس، جعلت الكثيرين يمتنعون عن الاقتراع؛ حرصا على الرئيس ومحبة فيه.

من بين أسباب العزوف عن الانتخاب، أن الشعب تشبع ومل من الاقتراع خلال السنوات الماضية، كما فقد الثقة في البرلمان تحديدا، فهو إما أن يكون مواليا للنظام وجاء بالتزوير كما حدث عام 2010، أو برلمانا سلفيا وإخوانيا يعمل لصالح الجماعات الإسلامية مثل برلمان 2012، لذا وجد أن عدم وجود برلمان أفضل من مجلس نواب لديه من الصلاحيات ما يفوق صلاحيات الرئيس نفسه.. بمعنى أن الشعب لا يريد برلمانا!!

ولا ننسى هنا أن وجود مجموعة من القوائم إلى جانب آلاف المرشحين سواء من الأحزاب أو المستقلين، أوجد نوعا من الارتباك والتشويش لدى الناخب، كما أن فشل الأحزاب والمرشحين في إقناع الشعب ببرامجهم وأهداف سعيهم لدخول البرلمان، كانت أيضا من أسباب إحجام الناخب عن المشاركة والإدلاء بصوته.

وعندما نتحدث عن اللجنة العليا للانتخابات، نجد أنها تتحمل جزءا من مسئولية الالتباس الحاصل، فالصورة غير واضحة لدى الناخب البسيط على الأقل، عن عدد من ينتخبهم وطريقة الانتخاب وغيرها من الأمور، ما جعله يمتنع عن التصويت.

هناك موقف شخصي حدث معي ويمكن تطبيقه على الكثيرين؛ حيث تعودنا أن انتخابات المصريين في الخارج تتم في يومين، من هنا فضلت الذهاب إلى السفارة في اليوم الثاني، عندما علمت بوجود زحام شديد في اليوم الأول.. وكانت الصدمة عندما وصلت، بأن علمت أن سكان القاهرة سيدلون بأصواتهم الشهر المقبل، أردت تقديم شكوى تعبيرا عن غضبي؛ لأننا لم نعرف أن انتخابات الخارج تتم على مرحلتين تماما مثل انتخابات الداخل، فكان الرد أن الشريط الإخباري في الفضائيات ذكر هذه المعلومة، وهذا طبعا ليس مبررا كافيا.

العزوف عن الانتخاب حصل في المرحلة الأولى، وبقي على الجميع تدارك الخطأ والعمل على الحشد وزيادة الإقبال وتعويض ما فات في المرحة الثانية والإعادات.
الجريدة الرسمية