رئيس التحرير
عصام كامل

هذا المذموم كوكب


أجمل مافي التحليل النفسى أنه يساعدنا على معرفة أسباب السلوكيات العدوانية الصادرة عن الناس. يفسر لنا أسباب المشاكل النفسية، يخبرنا أن سيكولوجية المستهزئ فيها الكثير من العِلل. الشعور بالنقص واحدة منها، فهو يريد إسقاط النقص الذي فيه على قامات لايرقى إليها ولو عاش أعمارًا عشرة.


أغرتني فكرة معرفة خفايا نفوس المُستهزئين والمزدرين، فأوغلت فيها قليلًا، لأتعرف على أن هذا الشخص" المريض" يمارس حيلة نفسية اسمها الإخفاء، بهدف تغييب، أو إخفاء جوانب معتمة في شخصيته، قد يكون طول القامة منها، مايدفعه للاستهزاء والحطّ من قدر غيره.

قادني الإيغال أكثر إلى معرفة أن الازدراء بالآخرين، يقوم بتفريغ شحنات حقد وغضب عدوانية من دواخل صاحبه السادي، فكل مستهزئ سادي بنسبة ما، يحقق متعة ما جرّاء توهمه بأن الآخرين يتألمون من شتمه لهم. وهو ما يعبر عنه المأثور العربي الشهير: ما من أحد تكبر أو تجبّر إلا للذة وجدها في نفسه.

الحطّابون الصِغار يتوهمون أن بمقدورهم هدم الهرم بفأس. هل من عاقل يهدم هرمًا بفأس؟ كيف لأحد يفترض أنه من قادة الرأي العام، لصفته الوظيفية في الإعلام، أن يسفّه قامات فنية حفرت في ماضي الذاكرة وحاضرها، فنًا بعذوبة النسيم؟

ميادة الحناوي، وبليغ حمدي، مع حفظ الألقاب، هما موضع سخرية هذا "القائد المفترض" فهو يسأل على صفحته بالموقع الأزرق سؤالًا بمنتهى السذاجة، سؤالا يحمل الازدراء في طياته: "أريد من محبي ميادة الحناوي ذكر سببين فقط لهذا الحب بعيدا عن سهوكة بليغ حمدي ولوعته؟". أنتهى السؤال- المعجزة، المشبع بتحقير القامتين.

يُفترض بالإعلامي أن يعرف أن الناس تختلف في ميولها الفنية، وإن حدث وأنها مالت إلى فنان بعينه، فهو"ميل الطبع إلى شيء يستحسنه" ولأن هذا الفنان يُشبع رغباتها وتطلعاتها العاطفية والنفسية، ولا حاجة لمثل هذه السذاجة.

أما وأن يطلق هذا الاتهام على صفحة من يفترض به رياديًا، فهو لدليل قاطع أنه تبوأ منصبه بالصدفة، لا بالجدارة، وهو مايرتب عليه الكثير من الأسئلة والاستفسار،إذ كيف لشخص من وزن "رئيس تحرير" أن يكيل بذيء الكلام عن قامة بعلو غيمة، اسمها بليغ حمدي، وعن فنّانة صاغت ذاكرة جيل بأكمله!

على الأقل يفترض بمن يقارب أو يقترب منهما أن ينطلق من لحظة تاريخية، نبتا فيها، وليس انطلاقًا من موقف مسبق، على من يتصدى للتقييم، أن يقيم الحدث الفني انطلاقا من الحدث نفسه، وليس ارتكازًا على الأفكار المقولبة، المشوهة، السوداء.

هو الإعياء هي عوارض المرض النفسي التي قدمنا لها بداية. هي عدم وعي وإدراك للذات ووزنها قياسا بالذوات الأخرى هو الإفلاس، الحقد. هل ثمة من يقارب تجربة الفنانين بالشتيمة، أو بالازدراء والسخرية؟ هل ثمة من يقول عن بليغ حمدي أنه "يتسهوك".
الجريدة الرسمية