جريمة الإعلام في الانتخابات البرلمانية!
كان متوقعا عدم إقبال المواطنين على انتخابات مجلس النواب لأسباب كثيرة، منها أن الشعب زهق من انتخابات 2011 وحتى الآن، ذهابا للجان الانتخابية وعودة ثلاثة استفتاءات على الدستور، وثلاثة انتخابات رئاسية في 2012 جولتان، وكل جولة يومين، و2014 جولة واحدة ثلاثة أيام، ومجلس الشعب في 2012 ثلاثة مراحل، كل مرحلة جولتان، وكل جولة يومين، ومجلس الشورى مرحلتان، كل مرحلة جولتان، وكل جولة يومان، ثم الانتخابات الحالية مرحلتان، وكل مرحلة جولتان وكل جولة يومان، ما يقرب من 25 يوما انتخابات، بالإضافة إلى ثورتين وعلى مدى الأربع سنوات الماضية، نزول مستمر إلى الشارع، فكان من الطبيعي أن يمل الشعب من كثرة الخروج في الشوارع مظاهرات وانتخابات.
فضلا عن شعوره بأن هذه الانتخابات هي الأقل أهمية من الاستفتاء على الدستور أو انتخابات الرئاسة؛ ولأن المواطن المصري لا يعمل إلا تحت ضغط ولا يتحرك إلا إذا شعر بأن الوطن في خطر، وهو يرى أنه لا خطورة على مصر من عدم مشاركته في انتخابات مجلس النواب، بل إن بعضهم يرى أن وجود مجلس النواب نفسه قد يمثل خطورة على مصر.
أيضا من الأسباب الرئيسية التي أدت إلى عزوف المواطنين عن التصويت في الانتخابات هي الإعلام؛ لأنه وبكثرة استضافته للمرشحين التافهين فقد قام بارتكاب جريمة في حق البلد؛ لأنه قام بالاستهزاء من المرشحين المفترض أنهم سوف يمثلون الأمة في حالة الفوز في الانتخابات، حينما يكون هناك إصرار من أهم وأشهر برامج التوك شو على استضافة الراقصة سما المصري، التي كانت مرشحة للانتخابات في الوقت الذي يتم فيه تجاهل المرشحين المحترمين، بل معظم القنوات الفضائية فرضت مبالغ مالية كبيرة على المرشحين مقابل الظهور، حتى الإعلام الرسمي، فكانت النتيجة عدم وجود دعاية إعلامية كافية على المرشحين، ما عدا سما المصري، التي وصل بها الحال أن تفرض شروطها على هذه البرامج.
أيضا لا ننسى صراع الأحزاب على التورتة، أكثر من 103 أحزاب لا يعلم أسماءها المتخصصون في العلوم السياسية، أحزاب عبارة عن رئيس الحزب وسائقه يسعون لمصالحهم فقط، وصراع على ثلث مقاعد البرلمان فقط، تاركين الثلثين فبدا الأمر للمواطن كأنه صراع مصالح لا أكثر من ذلك، فقرر حرمانهم من شرف المشاركة وفضل عدم التصويت.
وأخيرا المرشحون أنفسهم، والحق يقال إن معظمهم لا يستحق أن ينال شرف عضوية برلمان مصر ما بعد ثورتين عظيمتين، برلمان نراه مهما جدا للحياة السياسية المصرية، وعليه أعباء كثيرة ويشارك في اختيار الحكومة ومساعدة الرئيس في إدارة البلاد في هذه المرحلة المهمة والخطيرة، كما أن النظام الانتخابي ساهم في ذلك، فمصر لا ينفعها سوى النظام الفردي فقط.
كل الأسباب التي ذكرتها هي نتاج طبيعي لحالة الفوضى التي تعيشها البلاد، التي نتمنى أن تخرج منها سريعا؛ لأن الفوضى لا تحقق تقدما، والانضباط هو الذي يبني الأوطان.
egypt1967@yahoo.com