رئيس التحرير
عصام كامل

أهل العشرينيات يتخيلون.. معجزات سنة 2000!!

مصر فى العشرينات
مصر فى العشرينات

فى مجلة اللطائف المصورة العدد 622 الصادر بتاريخ 10 يناير 1927 نشر هذا الموضوع النادر عن تخيل أهل مصر وقتها للعالم سنة 2000 وستجد من خلال متابعة الموضوع أن الكثير من تلك الأشياء تحقق بالفعل والبعض لم يتحقق بعد وربما فى المستقبل يتحقق، ولكن بعد قراءة الموضوع حاول أن تفعل أنت أيضا ما فعلوه قديما وتخيل العالم سنة 2100 كيف سيكون حال مصر والعالم؟!!

يتهيأ العالم الآن للدخول في تطور جديد يشمل كل شيء ويبلغ طوره النهائي عندما يصبح أطفالنا شيوخاً مسنين وأن الرخص والامتيازات التي توقعها الحكومات كل يوم للمخترعين والمكتشفين تؤلف حلقة متينة تصلنا بذلك للمستقبل السعيد فكم من الناس يا ترى، الذين يتشرفون بكتابة أسمائهم في ذيول تلك الرقوق يوقنون أنه لو أتيح لهم أن يعيشوا حتى سنة 2000 بعد الميلاد فسوف لا يرون شيئاً مما ألفوه في هذه الأيام وهو يحسب اليوم من حاجاتنا الضرورية التي لا نستغني عنها حتى الوقود والمواشي.

ذلك العهد الجديد آت لا ريب فيه وهو إرث الكثيرين من أطفالنا، وكما كان آباؤنا يحملون بنصيبنا في الحياة، هكذا نحن اليوم نري نصيب أطفالنا في مستقبل حياتهم، وسيكون المتغير المقبل واسع النطاق، فستكون يومئذ القاطرات الحديدية التي تجرها العربات اليوم شيئا عتيقاً سنة 2000 ينظر إليه أبناء ذلك الجيل كما ننظر نحن الآن إلي الطنابر الخشبية التي كان عليها الممول في عهد سلالات ستوارت الملكية في القرن السادس عشر الميلادي.. وستبقي القطارات مستعملة ولكنها ستحمل الركاب وتسير بالكهرباء بسرعة تكاد لا تخطر لنا الآن على بال بحيث تقطع المسافة بين الإسكندرية ومصر بتسعين دقيقة، أجل، وستكون الكهربائية القوة الوحيدة المحركة لكل آلات العالم وأجهزته.

ولكن هذه الزحافات الأرضية لن توافق إلا أقلية ضئيلة من المسافرين، فإن أكثر الناس سيفضلون في تلك الأيام أن يركبوا متن الهواء بسرعة تعدل ضعفي أو ثلاثة أضعاف سرعة القطارات، وستشق عباب الجو أساطيل هائلة تسع الواحدة من طياراتها خمسين راكباً وتسير من لندن إلي باريس في ساعة واحدة، أما أولئك الذين لا تتحمل أعصابهم سفر الهواء فسيسافرون إلي فرنسا بالقطارات حيث يكون قد تم فتح نفق المانش بين انجلترا وفرنسا.. وفوق ذلك فسوف تطوق الكرة الأرضية منطقة من الأنفاق في كل أنحاء العالم فيكون المسافر حراً، إذا هو أراد، من مخاطر البواخر والطيارات كلتيهما.

ويقول المستر اديسون المخترع الشهير إنه من قريب يتمكن الناس من تحويل المعادن وسيكون تحويل المعادن إلي معدن آخر أمراً مألوفاً كصناعة المطاط وحينئذ يستطيع كل إنسان أن يحول قضيباً من الحديد مثلاً إلي كتلة من الذهب الخالص.

وسيكون الذهب وافراً ورخيص الثمن فلا يحتاج الإنسان إلى نفقات كبيرة لشراء سرير من الذهب ويركب سيارة من ذهب ويزين حجراته بأثاث محلي بذلك المعدن الثمين.

ومن الممكن أن البيوت بعد ثلاثة أجيال من هذا التاريخ ستجهز بناية مصنوعة من الصلب أو «أحد أنواع النيكل» فيصبح الدولاب الضخم خفيف الوزن يمكن حمله ونقله من مكان إلي مكان كما ننقل الآن كرسياً صغيراً بخمس النفقة التي يدفعها في الوقت الحاضر.

وستتكفل الكهربائية بالقيام بكل شئون المنزل فيفتح الباب بالكهربائية وتنظف الملابس والأحذية بالكهربائية، ويطبخ الطعام وتنظف الأواني بها.

وقد تطبع الكتب في سنة 2000 على صفائح النيكل خفيفة ورقيقة فيمكن جعل الكتاب الواحد ثلاثين ألف صفحة، وتكون صفائحه أكثر ليناً وأطول تحملا من الورق العادي.

أما في عالم الصناعة فإن الانقلاب سيكون علماً ومدهشاً: فلا تحتاج إلى آلات عديدة وماكينات مختلفة فإن الآلة الواحدة حينئذ ستعمل عمل عشرين آلة اليوم.

وقال المستر اديسون إنه بعد قرن من اليوم سيكون لدينا آلات خياطة يوضع في طرفها الواحد القماش والخيطان والأزرار فتخرج من الطرف الثاني ثياباً تامة الخياطة صالحة للبس!

وسيكون عدد سكان لندن إذ ذاك أربعة عشر مليوناً أي ضعفي عدد سكانها اليوم تقريباً وستكون مساحتها مليون فدان مربع وستكون مدينة هادئة شوارعها مرصوفة بالنيكل وهو أمتن وألين وأخفت صوتاً من الكاوتشوك فتسير عليه العربات الكهربائية بأقصي سرعة فلا يسمع لها أدني صوت ويصبح جو المدينة صافياً رائقاً لا يعلوه غبار ينعقد فيه سحائب وستكون الانقلابات في غير ما ذكرنا أغرب وأعجب كثيرا، فيتمكن العلماء الطبيعيون من تغيير الجنس فيولدون الإناث ذكوراً أو إناثاً كما يشاءون بل إنهم سيتمكنون من تحول الفصائل والأنواع فيولدون البقرة مثلاً حصاناً ومن الممكن أن يستطيع المرء في لندن أن يحدث أخاه في كندا ويراه أمامه كأنه يجالسه في حجرة واحدة «نقول، وقد تم هذا الاختراع منذ الآن وصار المتكلم بالتليفون يرى صورة من يخاطبه أمامه».

وقال أحد العلماء المشهورين إنه سيستغني حينئذ عن البهائم والمواشي التي تمدنا باللحوم لطعامنا وسيستغني أيضا عن المراعي والحقول ومناجم الفحم والوقود.

وستعود الدنيا إلى جمالها الطبيعي القديم فتكسوها الحدائق الغناء والغابات الرائعة والأزهار اليانعة وتصبح الدنيا روضة أريضة يهنأ فيها الإنسان بحياة كلها هدوء وطمأنينة وراحة وصفاء على ما ورد من أوصاف العصر الذهبي السعيد في الأشعار والقصص الخيالية كاليوتوبيا وغيرها.

وسوف يعمل الناس جميعاً، ويكون عملهم محبوبا تقر به العين وترتاح إليه النفس حيث سيجد كل واحد جزاء عمله موفوراً، ويتمكن من ترقية شئونه العقلية والأدبية والفنية أو الذوقية، وتبلغ نفسه أقصى ما يمكن بلوغه من درجات الارتقاء.

وستكون أنواع الطعام كلها صناعية، تحل المختبرات العلمية محل المزارع والحقول، ويقوم العالم الكيمائي مقام الراعي والفلاح، ويحل العلم محل الطبيعة وقد يفوقها في حسن الإنتاج.

لقد سرنا حتى الآن شوطاً بعيداً في هذا السبيل فقد وفق الأستاذ برتلو الكيمائي الفرنسوي الشهير قبل سبعين سنة من يومنا هذا إلي صنع مواد دهنية لها أهمية عظيمة في إعداد الطعام، وقد سبق ذلك اكتشاف العلماء سر صنع السكر والكربون وهي من المواد الضرورية للحياة، ومن المحتمل أن يصل العلم يوماً إلى تحضير المواد الزلالية في المختبرات العلمية، فيكمل بذلك صنع المواد اللازمة لغذاء الإنسان، وعليه سيكون لنا بدلاً من حقول القمح والذرة وقطعان المواشي والأغنام آلاف من المصانع الكبري تحوي جيشا جراراً من الكيمائيين ومساعديهم يجهزون الأطعمة والأغذية التي يحتاج إليها سكان العالم كافة.

وهنالك أمر لابد منه لإتمام هذا الانقلاب الكبير وهو أن يكون لنا موارد حرارة وقوة لا نفاذ لها فإن مناجم الفحم ومنابع البترول آخذه في النفاد، أقرب مما يتصور أكثر الناس، ولابد للإنسان بعد ذلك من أن يستعيض عنها بموارد آخرى لا ينفد.

ولدينا في الحرارة الكامنة في جوف الأرض هذا المورد الدائم الذي لا ينقطع، والذي يمكن أن يستمد منه العالم ما يحتاج إليه من الحرارة ملايين السنين.

وكل ما يلزمنا للحصول على تلك القوة أن نحفر في الأرض حفرة عمقها ثلاثة أميال، وهناك نجد الحرارة التي هي منبع كل حياة وأساس كل صناعة وهنالك الماء تحت ضغط شديد وقد ارتفعت حرارته ارتفاعاً كبيراً وفيه ما يكفي لتحريك كل آلات العالم بدون أن يكلف الإنسان شيئاً مذكوراً، وأن تكريره الدائم في أحواض الطبيعة يهبنا ماء نقياً خالياً من كل الجراثيم والميكروبات المرضية.

ومتي وصلنا ذلك الخزان العظيم أي جوف الأرض وهو كرة جوفاء قطرها أكثر من ثمانية آلاف ميل وحرارتها مرتفعة إلى درجة تصهر كل المعادن المعروفة بل تجعلها بخاراً فهناك لا نصبح في حاجة إلى الفحم أو زيت البترول لأن لدينا مخزناً عظيماً من قوة الكهربائية بل نستعين بهذا المورد علي أداء كل الأعمال بدون أن نكلف أنفسنا نسباً أو مالاً وبدون أن نحسب حساباً لنفاده.

يبلغ شخص واحد في كل سبعة من الناس سن الثمانين وعلى ذلك فسيدرك ولابد بعض أحداثنا السنة 2000 ميلادية الباقي لها فقط 74 سنة وسيسعدهم الحظ بأن تري عيونهم أمجاد العالم الجديد على أن في ظني الامتياز الخطي لمدة تسع وتسعين سنة لآيات لقوم يدركون.

 

 

 

 

 

الجريدة الرسمية