النور.. من غراميات ونيس إلى شفايف الشحات!
وسط حالة من عدم الاكتراث بتحركات حملة "لا للأحزاب الدينية"، التي لم تتجاوز بضع لافتات بعرض الطرق والشوارع والميادين والجدران.. استيقظنا على قنبلة مدوية يوم الجمعة الثاني من أكتوبر الجاري.
القنبلة كانت خبرًا يؤكد أن الحملة نجحت في جمع مليوني ونصف المليون توقيع لحل الأحزاب الإسلامية، وعلى رأسها حزب النور السلفي.. الأمر الذي يعني القدرة على جمع أضعاف، رقم التوقيعات المذكورة في فترة زمنية وجيزة، وما سوف يترتب عليه من تشكيل خطر حقيقي قد يعصف بالحزب تمامًا.
السؤال.. إلى أي مدى تصل مسئولية حزب النور السلفي عن تلك الحملة المحمومة والمتعجلة لإقصائه من المشهد السياسي بل الاجتماعي، وإن أمكن ــ بالمرَّة ــ من الحياة كلها؟
بداية علينا أن نعترف بأن المطالبين بإقصاء الأحزاب الدينية هم النخب العلمانية المصرية، على اختلاف مرجعياتها الفكرية.. بيد أن الحياد يدفعنا إلى تناول الموقف بهدوء لعلنا نلامس الموضوعية.. من هذا المنطلق دعونا نعبر عن قطاع يراقِب عن كَثَب، يضع أمامه الحقائق مدموغة بأدلة مطبوعة ومسموعة ومرئية.. هنا ينبغي القول إن حزب النور هو من سلَّم رقبته أو بالأحرى ذقنه لمخالفيه.. كيف؟.. تعالوا نرى:-
كان للحزب مواقف متلونة بل بالغة الفجاجة في تلونها، وتركت انطباعات غير مريحة وغير مُطَمْئِنَة.. تَنَقَّل قادته بين الرأي ونقيضه.. ليس على المستوى السياسي وحسب، بل على الأرضية الدينية التي هي، كما يعلنون مرجعيتهم وقدس أقداسهم.
حتى النقاب الذي يعد الرمز والأيقونة التي يتزيَّن بها السلفيون، فوجئ الرأي العام بأن عبد المنعم الشحات، أحد أهم القيادات السلفية، لم يجد غضاضة في التنازل عن الدفاع عنه، ويسوق ردّا "بنكهة الميوعة" في مواجهة قرار رئيس جامعة القاهرة بمنع المنتقبات من إلقاء المحاضرات بالنقاب، وقال الشحات: لا بد للطلبة من رؤية الشفايف.. وعايز أغني للعيون السود وخايف، يزعلوا مني الخدود ولا الشفايف.. فيما أعلن الشيخ برهامي رفضه للقرار، فأصاب الناس الحَوَل.. واحترت أصدق مين واحترت أكذِّب مين!
هذا بالضبط ما قصدت الإشارة إليه، وهو أن مشايخ النور السلفي هم الذين سلموا رقابهم لمخالفيهم، من تباين المواقف وتلونها من النقيض إلى النقيض، وكأنهم تحولوا إلى ترزية فتاوى، ومصممي أزياء دينية حسب ظروف الطقس!.. فتراكمت الهواجس، وقيل بين ما قيل إنهم لا أمان لهم.. اليوم معك بمبررات معلبة، وغدًا مع غيرك بمعلبات جديدة.
دعك من ذكريات غراميات ونيس، ومناخير أنور البلكيمي.. وشفايف الشحات.. وأصل معك إلى الأهم، وهي فتوى مبايعة المتغلب بالشوكة.. ألا ترى أنهم لا يجدون غضاضة في أن يطلقوا غدًا فتوى مبايعة المتغلب بالشوكة والسكينة؟!
التاجر يلهث دائمًا نحو السلامة والربح.. أليس ما ذكرناه تجارة بالفتاوى.. تجارة بالدين؟!