رئيس التحرير
عصام كامل

جمال الغيطاني.. رحل الزيني بركات «بروفايل»

الكاتب الكبير جمال
الكاتب الكبير جمال الغيطاني

جئنا إلى الدنيا وسنمضي عنها، فنحن لسنا بمعمرين وسنترك آخرين يأملون في قدوم الأيام السعيدة، فالوافد من بعيد في نظر القوم غريب، وهم في نظره كذلك، فالكل على هذه الأرض غريب.


كانت هذه فلسفة الكاتب الكبير جمال الغيطاني في الحياة، الذي توفي منذ قليل في مستشفى الجلاء العسكري بعد صراع مع المرض عن عمر يناهز 70 عاما، يعلمها جيدًا من التقاه ويعرف أنه ظل محتفظا بطباعه الصعيدية، وترى أيضًا صورته طافية تتضح في كتاب أو حوار أو مقال أو على شاشة، تلتقيه في أعماله وهو يصف الأمكنة والحارات والمقاهي، يصنع شخوصًا ويحدد مصائرهم.

ونعى الكاتب محمد سلماوي، رئيس اتحاد الكتاب العرب، "الغيطانى" في تدوينة له على موقع "تويتر" قائلا: "رحم الله الكاتب الكبير جمال الغيطانى الذي يمثل رحيله صباح اليوم الأحد، خسارة فادحة للأدب الروائى والكتابة الصحفية وللثقافة العربية بشكل عام".

أكثر من 50 عملا هي حصيلة إبداع جمال الغيطاني، المولود في التاسع من مايو 1945 في قرية جهينة محافظة سوهاج، جاء بعدها إلى القاهرة القديمة وبالتحديد في منطقة الجمالية، ليعيش فيها ما يقرب من ثلاثين عامًا، وتزوج عام 1975، وله من الأبناء محمد وماجدة.

تلقى الغيطاني تعليمه الابتدائي في مدرسة الجمالية، والإعدادي في مدرسة محمد على، ثم التحق بمدرسة العباسية الثانوية الفنية التي درس بها ثلاث سنوات فن تصميم السجاد الشرقي وصباغة الألوان، وتخرج عام 1962، وعمل في المؤسسة العامة للتعاون الإنتاجي رسامًا للسجاد الشرقي، ومفتشًا على مصانع السجاد الصغيرة في قرى مصر، وهو ما سمح له بزيارة جميع محافظات مصر، وكانت لهذه التجربة تأثير في حياته الأدبية.

بعد أن كتب مجموعته القصصية الأولى «نهاية السكير»، استبدل الغيطاني في عام 1969، عمله ليصبح مراسلا حربيا في جبهات القتال، وذلك لحساب مؤسسة أخبار اليوم، وتردد على جبهة القتال بين مصر وإسرائيل بعد احتلال سيناء، وشارك في تغطية حربي الاستنزاف وأكتوبر على الجبهتين المصرية والسورية، ولبنان والجبهة العراقية خلال الحرب مع إيران.

شغف الغيطاني بالأدب والقراءة جعله يتحول للعمل كمحرر أدبي للجريدة نفسها منذ عام 1985، ثم وصل ليصبح رئيسًا لتحرير "كتاب اليوم" السلسلة الشهرية الشعبية، ثم رئيسًا لتحرير أخبار الأدب مع صدورها عام 1993.

الغيطاني صاحب مشروع روائي فريد، استلهم فيه التراث المصري ليخلق عالما روائيا خاصا به، تأثر فيه بصديقه وأستاذه الأديب العالمي نجيب محفوظ، وكشف في تجربته عن عالم آخر يعيش بيننا من المعمار والناس، تشعر به في روايته «شطح المدينة»، أو «المسافر خانة»، أنتج الغيطاني طوال رحلته أكثر من 50 عملا، وترجمت أعماله إلى الفرنسية والألمانية.

حصد الغيطاني العديد من الجوائز المحلية والعالمية، منها «جائزة الدولة التشجيعية للرواية عام 1980»، «جائزة سلطان بن على العويس عام 1997»، «وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى»، «وسام الاستحقاق الفرنسي من طبقة فارس»، «جائزة لورباتليون» لأفضل عمل أدبي مترجم إلى الفرنسية عن روايته «التجليات»، مشاركة مع المترجم خالد عثمان في 19 نوفمبر 2005، «جائزة الدولة التقديرية (مصر) عام 2007، التي رشحته لها جامعة سوهاج».

«هحكيها زي ما سمعتها وأنا طفل»، هكذا كان يطل علينا الكاتب الكبير جمال الغيطاني، عبر شاشة دريم من خلال برنامجه «تجليات مصرية.. قاهرة نجيب محفوظ»، الذي كان يدور في منطقة القاهرة القديمة.

دخل الغيطاني عالم الدراما التليفزيونية، بعملين أدبيين، أحدهما «الرفاعي»، الذي يصور إحدى بطولات القوات المسلحة في حرب رمضان 1973، والثاني «الزيني بركات»، الذي يصور الحياة في العصر المملوكي.
الجريدة الرسمية