رئيس التحرير
عصام كامل

د. فخري الفقي عن انخفاض الدولار: «المركزي» يضحي بسعر الصرف جزئيا حتى يحافظ على الاحتياطي النقدي

فيتو

  • ليس صحيحا أن شريف إسماعيل تدخل في قرار تخفيض سعر الجنيه

أكد الدكتور فخري الفقي، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة ومساعد مدير صندوق النقد الدولي الأسبق، أن توجه الحكومة إلى تخفيض قيمة الجنيه أمام الدولار ليس جديدا؛ حيث اتبعت مصر عبر حكوماتها المختلفة سياسة تخفيض الجنيه، لافتا في حوار لـ"فيتو"، حول تفسيره لانخفاض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار والعملات الأخرى، إلى أن مصر تتبع "تعويم مدى" وليس حرا، ويعني التعويم المدى ترك سعر الصرف يتحدد وفقا للعرض والطلب، مع لجوء المصرف المركزي إلى التدخل كلما دعت الحاجة إلى تعديل هذا السعر مقابل بقية العملات.

وإلى تفاصيل الحوار:-

* إلى أي مدى ترى أن قرار البنك المركزي بتخفيض قيمة الجنيه أمام الدولار بمثابة تعويم للجنيه حتى ولو بشكل غير مباشر؟
البنك المركزي اتخذ قرارا بخفض سعر الجنيه 3 مرات خلال الـ10 أشهر الماضية، أولها في شهر فبراير الماضي عندما ارتفع سعر الدولار من 7.18 إلى 7.63 قرشا، كما ارتفع أيضا منذ نحو 3 أشهر بمقدار 20 قرشا، أي بنسبة 2.5%، وأخيرا تخفيض قيمة الجنيه 20 قرشا.

و"المركزي" يتبع سياسة مرنة لسعر صرف الجنيه مقابل الدولار وليس تعويما، فالأخير يقصد به ترك العملة المحلية لقوى العرض والطلب بصورة حرة، لكن "المركزي" يمسك بزمام الأمور وسعر الصرف، وهذا لا يمنع أنه بين الحين والآخر يتجه إلى تخفيض الجنيه، حسب الضغوط القائمة وندرة الدولار.

* بما تقدر نسبة خفض سعر الجنيه خلال الأشهر الـ10 الماضية؟
تصل إلى نحو 10%.

* إذن كيف ترى أن ما يحدث ليس تعويما؟
هو ليس "تعويما حرا" فهذا النمط نجده في السوق السوداء، فهو يرتفع وينخفض وفقا لقوى العرض والطلب، وهو بعيد كل البعد عن سعر السوق الرسمية، فهناك فجوة تقدر بـ 5% بين سعر السوق السوداء والرسمية، وبالتالي ما يتبعه "المركزي" سياسة مرونة وليس تعويما.

* منذ متى بدأ تعويم الجنيه المصري؟
هناك ترتيب لسعر الصرف، واتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي يعطي 3 اختيارات، الأول "نظام الربط" ربط عملة البلد بعملة دولة أخرى؛ بحيث ترتفع وتنخفض طبقا للعملة المربوطة بها، "النظام الثاني" وهو اتجاه الدولة بشكل نادر إلى تخفيض العملة، أما النظام الثالث فهو "التعويم الأكثر مرونة"، وينقسم إلى نوعين:-

الأول: تعويم حر وهذا لا نتبعه على الإطلاق، بل تتبعه الدول الكبيرة مثل أوربا واليابان على سبيل المثال، فليس هناك أي تدخل من البنك المركزي.

والثاني: تعويم مدي وهذا ما تتبعه مصر، ويديره البنك المركزي، وهو النظام الأكثر مرونة، فالمركزي يكون أكثر مرونة في تعديلات سعر الصرف، عندما يصبح الدولار أكثر ندرة في السوق، فإنه يتدخل عندما يكون هناك انفلات في سعر الصرف، من خلال عرض دولارات بشكل كبير لإشباع السوق، ويتم الشراء للمحافظة على استقرار سعر الصرف، ونجد أن التعويم المدي نظام تتبعه مصر دوما.

* هل ترى أن هناك ضغوطا من حكومة شريف إسماعيل لاتخاذ قرار تخفيض سعر الجنيه؟
هذا الكلام غير صحيح؛ لأن حكومة محلب طبقت هذا الأمر مرتين، والبنك المركزي مستقل تماما عن الحكومة وفقا لقانونه رقم 88 لسنة 2003، والحكومة لا تملي أي سياسات نقدية على البنك المركزي.

* ما هي آثار تطبيق التعويم المدي للجنيه المصري؟
من أهم السلبيات: زيادة الأسعار نتيجة ارتفاع سعر الدولار، علما بأن مصر دولة مستوردة في المقام الأول، بالإضافة إلى تأثيره على زيادة معدل التضخم في السوق المحلية، ولا شك أن هذا الأمر يترك ضررا واضحا على محدودي الدخل ويزيد معاناة المواطن الفقير.

وأيضا فإن وجود أكثر من سعر للصرف بالسوق يعرقل حركة الاستثمار؛ لأن المستثمر أمامه سعران "الرسمي، السوق السوداء"، هل يتعامل بـ8.45 قرشا "سعر الدولار في السوق السوداء"، أم بالسعر الرسمي 8.03 قرشا؟

* وماذا عن الإيجابيات؟
"المركزي" يضحي بسعر الصرف جزئيا؛ حتى يحافظ على الاحتياطي النقدي، حتى لا يتدهور، وبالتالي تتم المحافظة على "التصنيف الائتماني"، وكما أكدت فإن "المركزي" يتبع سياسة التعويم المدي، وهو أكثر مرونة لسعر الصرف، وتتم المحافظة على هاتين النقطتين، فعندما يرتفع الدولار، فلا أستطيع إشباع السوق، وبالتالي لن يتم البيع من الاحتياطي النقدي، وبالتالي تتم المحافظة عليه. 

* هل ترى الوقت مناسبا لتعويم الجنيه؟
نحن بالفعل نطبق التعويم منذ سنوات طويلة، وهذا طبقا لاتفاقنا مع صندوق النقد الدولي في فترة التسعينيات.

* هل هناك بديل أمام الحكومة عن تعويم الجنيه؟
من الممكن أن تتفق الحكومة مع صندوق النقد الدولي على نظام الربط، ولكن ليس بالدولار، بل بسلة من العملات التي يكون بها درجة تقلبات أقل من الدولار في سعر الصرف؛ لأن الربط بالدولار يعاني من تقلبات كبيرة بالسوق العالمية، بل يتم الربط بالدول التي بها تجارة كبيرة معنا.

* كيف نتلافي أي ارتفاعات مقبلة في سعر الدولار؟
حتى نتلافي أي توقعات بارتفاع، فمن الممكن أن نتبع حزمة من السياسات، وهي ترشيد الواردات وليس حظرها، وبالتالي يقل الضغط على الدولار؛ حيث بلغت قيمة الواردات 62 مليار دولار، فما المانع من تقليل القاتورة بمقدار 4 مليارات دولار، وبما لا يخل بالتزاماتنا تجاه منظمة التجارة العالمية.
الجريدة الرسمية