رئيس التحرير
عصام كامل

عن «المسيحي» الذي صنع «فجر الإسلام»!


هل تعرف أن هذا الرجل - الذي مرت ذكرى مولده أمس الأول - هو من وضع الموسيقى التصويرية للأفلام التالية وساهم في إنجاحها كلها، حتى أننا نستطيع أن نعرف الفيلم من مجرد الاستماع إلى موسيقاه دون أن نراه، وفي نجاح لم يحققه أحد غيره إلا "تلميذه"، الذي نافسه بقوة حتى صار أستاذا كبيرا جدا في عالم الموسيقى، وهو الفنان علي إسماعيل؟
 
إليك بعض الأمثلة، ولن تصدق أنها لموسيقار واحد ولن تصدق أنك لا تعرفه أو على الأقل لا تعرف ذلك حتى الآن.. فؤاد الظاهري هو من وضع الموسيقى التصويرية للأعمال الخالدة: صراع في الوادي.. رد قلبي (جائزة).. رصيف نمرة 5.. لا أنام.. الفتوة.. الوسادة الخالية.. باب الحديد.. الزوجة الثانية (جائزة).. طائر الليل الحزين (جائزة).. القاهرة 30.. الحب الضائع.. قنديل أم هاشم.. السكرية.. أميرة حبي أنا (جائزة).. لا يا من كنت حبيبي.. صراع في الميناء.. الحموات الفاتنات.. دليلة.. شباب امرأة.. شلة الأنس.. على من نطلق الرصاص.. قاهر الظلام.. الحب وحده لا يكفي.. إعدام طالب ثانوي.. درب الهوى.. الشيطان يعظ.. أبو البنات.. البنات عايزة أيه.. شفيقة ومتولي.. دائرة الانتقام.. بدور.. ليل وقضبان.. نصف ساعة جواز.. كرامة زوجتي.. صراع في النيل.. خلخال حبيبي.. لوعة الحب.. في بيتنا رجل.. ورابعة العدوية، وهو من وزع موسيقى فيلم خلي بالك من زوزو!.. تخيلوا كل ذلك؟!


المدهش أن فؤاد الظاهري الأرمني الأصل المسيحي الديانة - وربما كان من طائفة الروم الكاثوليك - هو من وضع موسيقى فيلم "فجر الإسلام" لمحمود مرسي وعبد الرحمن علي ونجوى إبراهيم وسميحة أيوب.. وما به من مشاعر روحانية مدهشة، إلا أنه ترك أغنية ختام الفيلم "إلى رحاب يثرب"، الشهيرة بـ"هذه الأمة قوة" لمحمود الشريف، وقد كتبها طبعا الشاعر الكبير الراحل عبد الفتاح مصطفى!

هذا الفنان العظيم هو من وزع أغاني تخونوه وعلى حسبي وداد لبليغ حمدي، وأمجاد يا عرب أمجاد لأحمد صدقي، وقلبي دليلي لمحمد القصبجي، وحبيبي الأسمر والقمح وأنا لك على طول لمحمد عبد الوهاب، ويا حلاوة الدنيا واوعى تكلمني لزكريا أحمد، وفيلم زمان يا حب لفريد الأطرش، وفيلم لحن الوفاء لرياض السنباطي، وغيرها من عشرات بل مئات الألحان موزعة على أفلام وأغاني ومسرحيات غنائية، وتوزيع جديد ومختلف لأغاني سيد درويش!

فؤاد جرابيد بانوسيان ذو الجذور الأرمينية، الذي لقب بالظاهري؛ لإقامته في حي "الظاهر" الشهير العريق بقلب القاهرة.. وكيف لا وقد عاش ومات مصريا إلى حد لم يصل إليه مصريون كثيرون، وساهم في تشكيل وجدان المصريين والعرب، وأضاف للموسيقى العربية الكثير، وأمتعنا ونقل لنا أجواء الحارة المصرية والشارع المصري والجامعة المصرية والنيل والريف والفرح والمعارك والثأر والابتسامة والغضب والحزن والسعادة والحب والصراع والانتصار والغياب والفراق والوداع والألم والنجاح في مصر، كما لم يعبر عنه أحد من قبل.. يستحق اسمه التكريم ويستحق أن تعرف الأجيال الجديدة أحد عظماء الموسيقى العربية على الإطلاق!
الجريدة الرسمية