رئيس التحرير
عصام كامل

تحت الأرض.. فى يومٍ من الأيام كان هناك "وطن"


فى فيلم "أمير كوستاريكا".. تحت الأرض يحبس شخصٌ ما مجموعة من اليوغوسلافيين خلال الحرب العالمية الثانية بحجة حمايتهم من الألمان، ويشكلون وحدة لتصنيع السلاح للنضال ضد الاستعمار، ويظل يقنعهم بأن الحرب لم تنته بعد ويفقدهم الشعور بالزمن ويستغل السلاح المصنع فى تجارته التى تصب فى آخر الأمر فى الحرب الأهلية بين البوسنة والهرسك..

ويظن من تحت الأرض أنهم يخدمون الوطن ويحتفظون بإجلالهم لتيتو (الرمز) وبنقائهم إلى أن يخرجوا ويكتشفوا الخديعة فى وهج حرب أهلية لا يدرون أنهم ينتمون لأى طرفٍ فيها، ويصاب زعيمهم بالجنون (أو بالعقل ربما) ويُشكل فصيلًا يُحارب الطرفين دون تفرقة بين صربى وبوسنى..
 كثيرٌ ما يعود إلى الفيلم فى هذه الأيام ونحن نشهد انقسامًا واستقطابًا يكاد يحولنا للمصير نفسه.. من الجلى أن "صاحب الكورة الميكازا"- راجع المقال السابق - يلعب دورًا أساسيًا فيه، أحياناً باسم حماية الثورة من الثوار وأحيانًا باسم حماية الشريعة خشية  ألا تمثل فى المجتمع والدستور.

وسيقول الكثيرون إن مصر ليست يوغوسلافيا ومصر ليست تونس ومصر ليست ليبيا أو سوريا ولكننى أعتقد أن الكثيرين سيجزمون أن مصر لم تعد مصر من الأساس.. وإن لم ننتبه لما يحاول الطرف الآخر أن يدفعنا إليه.. فبلا شك لن يدافع عنا أمريكا أو الخارج أو حتى الجيش.. الثورة البمبى (الماضية) والتى اندفعنا فى اليوفوريا الناتجة عنها واعتقدنا أنها نالت الأورجازم الخاص بها اتضح أنها كانت تتصنعه وأن الطريق مازال طويلًا..
 وأننا استبدلنا فاشية نظام بالارتماء في أحضان بقاياه لمرحلة ثم بالارتماء في أحضان فاشية وليدة جديدة، ظانين أننا محصنون ضدها.. خطيئتنا خلال السنتين الماضيتين هى أننا كنا دائمًا نُخطئ فى اختيار من هو عدونا ومن هو حليفنا..

ولكننا نتعلم.. أو هكذا أتمنى!

الجريدة الرسمية