هل يصبح الإبراشي داعمًا للثقافة؟
في حلقة برنامج العاشرة مساء، والتي حاول فيها وائل الإبراشي استعادة روح الرقي الفني والثقافي بتذكيرنا جميعا ببعض من الممارسة الثقافية والفنية الراقية؛ هي حلقة أعتقد أنها سَتُودع عن استحقاق ضمن قائمة الإعلام المسئول والهادف في أرشيف برامج التوك الشو المصري، نعي جميعًا أن الحلقة تأتي على خلفية الرد حول الصراع الذي وصل من قبل أطراف أخرى لمرحلة الإسفاف والألفاظ غير اللائقة، فكان الرد بما يشبه البيان العملي بأن أوقظ فينا الإبراشي وطاقم عمله الحس الرفيع بالتذكير ليس بالأعمال الراقية فحسب، بل بالشخصيات الراقية التي كانت خلف هذا الفن، وعبر المخرج الجميل جميل المغازي تم تقديم لقاءات لم نشاهدها من قبل، وتم تذكيرنا بالروح الكامنة خلف المبدع، تلك الروح التي نفتقدها في مرحلتنا الحالية في صراع الأجساد على التسابق في إظهار نفسها وليس فنها.
لا نحتاج لتدليل كبير على أن الشأن الثقافي والفني المصري في حال يرثى له، ولا نحتاج لتدليل أن الاهتمام بالشأن الثقافي والفني يكاد يكون أمنا قوميا، فالطفل أو الشاب الذي تتم تغذية سلوك العنف لديه يتحول لقنبلة موقوتة، يصبح غير قادر على التواصل مع مجتمعه، لكن الإنسان الذي تمت تغذيته ثقافيا وفنيا ومبني على أسس وأصول سليمة، ويستطيع تذوق الجمال الفني والأدبي والموسيقى لا يمكن له أن يحرق أو يكسر أو يدمر.
لقد ألقى الإبراشي حجرا في المياه الراكدة، وهذا الحجر هو مسئولية برامج التوك شو في مقاومة الانحراف الثقافي والفني والخلقي في المجتمع، كيف تواجهه، وقدم نموذجا في هذه المواجهة عبر تقديم وإعلاء ما هو جيد، وتجاهل واخفاء ما هو رديء، وهو دور كان لسنوات غائبا عن برامج التوك شو، وكنا نتساءل دائما لماذا لا يلتفت إليه أحد.
رسالتي للعاشرة مساء ولكل فريق العمل أن ما بدأتموه بالأمس لن يكون ذا قيمة لو كان مجرد حلقة وانتهى الأمر، الحقيقة أن هناك قدرا كبيرا من الممارسة الثقافية والفنية الرفيعة تحتاج لمن يزيل عنها الركام، وتحتاج من فريق العاشرة مساء أن يحيط به وأن يعيه وأن يقدمه للناس، هناك عدد كبير حصد جوائز كثيرة من أرقى الجوائز الثقافية والفنية العربية والدولية ولا أحد يسمع عنه، أو يعرف به، لمجرد أنهم ليسوا من المقيمين في القاهرة أو ليسوا من الذين لديهم صلات ومعارف في الصحف والمجلات، هناك من حصدوا جوائز الشارقة، والبردة، ووصلوا للمراحل قبل النهائية في شاعر المليون، وهناك أدباء ومثقفون يتصدر إبداعهم بشكل يكاد يكون منتظما كل دوريات الدول العربية، ويكتبون في كل المجلات الثقافية الرفيعة على مستوى العالم العربي، ويعرفهم القراء العرب أكثر مما يعرفهم القراء المصريون.
أتمنى وأطالب بأن تكون هناك خطة منظمة لتقديم الثقافة الرفيعة والثقافة الراقية وإفساح المجال وإعطاء الفرصة لجيل جديد وأسرة ثقافية جديدة تواجه المستحيل من أجل أن تقدم إبداعها ودراساتها ورؤيتها دون أي دعم من أي أحد، فهل يكون برنامج العاشرة مساء داعما للثقافة والفن فيما هو قادم؟