رئيس التحرير
عصام كامل

مليونيراتنا.. ومليونيراتهم


نشرت مجلة "بيزنس إنسايدر" الأمريكية، وشركة الأبحاث "ويلث - إكس"، المتخصصة في تقديم المعلومات والتفاصيل المختلفة عن أثرياء العالم، أن بيل جيتس مؤسس شركة «مايكروسوفت» الأمريكية، تصدر قائمة أكثر 20 شخصًا سخاء وتبرعًا في العالم لعام 2015.


وحاز جيتس، على لقب الرجل الأكثر سخاء في العام الحالي، بتبرعات بلغت 27 مليار دولار على مدى حياته، وتبلغ ثروته الحالية 84.2 مليار دولار، ويكرس جيتس معظم وقته حاليًا للأعمال الخيرية، وإدارة مؤسسة "بيل وميليندا جيتس"، مع زوجته.

واحتل المركز السادس في القائمة الملياردير السعودي سليمان عبد العزيز الراجحي، وبلغت تبرعاته طوال حياته 5.7 مليارات دولار، من إجمالي ثروته الحالية البالغة 590 مليون دولار، بنسبة سخاء 966%.

وذكر تقرير لمركز الأبحاث السويدي "كريدت سويس" بعنوان: "معلومات الثروات في العالم 2015"، أن 1% فقط من سكان العالم يمتلكون نصف ثرواته، فيما يتزايد عدم المساواة بين الأفراد، وتتدهور أوضاع الطبقة الوسطى في مختلف الدول لصالح الطبقة الغنية جدًا.

وبالنسبة لمصر، يبلغ نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي من الطبقة المتوسطة 5.508 دولارات، في حين يبلغ معدل الثروة لكل فرد ناضج 6.983 دولارات، بينما يبلغ إجمالي الثروة في البلاد 379 مليار دولار، بنسبة مشاركة في الثراء العالمي تبلغ 0.2%.. كما قدر التقرير الثروات في مصر بأنها "فقيرة".

لا ينكر منصف أن الكثيرين من أثرياء مصر ينفقون، وبسخاء، على الفقراء والمحتاجين.. لكن المثير لدينا هو أن الفقر مستمر.. استوطن بلدنا.. وينتشر، ويتوغل، ويستوحش.. والفقراء يزدادون فقرا.. وقلما يخرج أحد الأنجال من الدائرة السوداء.. لماذا؟!

هذا ما يحتاج إلى دراسات اجتماعية، واقتصادية، وجغرافية.. أيضا.. كيف تتنافس قرى في الصعيد على لقب "الأكثر فقرا"، بما يصاحب الحالة الاجتماعية المتدنية من جهل ومرض.. و"بهدلة"؟!

في المرحلة الابتدائية، درسنا قصة عن تلاميذ إحدى المدارس الذين قرروا تنظيم مسابقة فيما بينهم عن أفضل عمل للخير.. وفاز بها مجموعة منهم، جمعوا مبلغا من المال وأعطوه لشاب من أسرة فقيرة؛ فإذا به يستغله في التجارة، ويصير رجل أعمال كبيرا.

وهناك مثل سائر يقول: "لا تعطني سمكة أسُدّ بها رمقي، ولكن علمني كيف أصطاد"..

أعرف أيضا أن هناك رجال أعمال ومليونيرات يحاولون تغيير الأوضاع القائمة القاتمة في مصر.. ولكن هناك البعض ممن لا يفعلون ذلك، ولا يهتمون بالعمل على مواجهة الأزمات التي يرزح تحت نيرها الوطن.. بل إن هناك من لا يبالي من أين اكتسب ثروته، ولا كيف.. فقد تكون من وسائل غير مشروعة.

الأغرب أن عددا معتبرا من المصريين يسعون بإلحاح لتولي مناصب تنفيذية، لا لشيء إلا من أجل الثروة والمال.. وقد يكون الثراء هنا بطرق غير مشروعة، وهو ما يحدث غالبا.

أما صغار الموظفين، فهم لا يشعرون بالجوانب الخيرية التي يمارسها الكثيرون من رجال الأعمال، ولا تطالهم آثارها؛ ومن ثم فإنهم يقدمون لأنفسهم الأعذار لكي يتقاضوا الرشاوى، وغيرها من صور الفساد.

ما رأيكم في أن نعمل على إعادة نظام الوقف، طبعا بعيدا عن وزارة الأوقاف والحكومة عامة، حتى لا يفشله "الروتين" والفساد.. من خلال تكوين تجمع من رجال الأعمال، وكبار الاقتصاديين، والمسئولين السابقين، وأساتذة جامعات.. على أن يتبرع المشاركون من رجال الأعمال بمصانع وشركات وحسابات في البورصة، والبنوك.. وأن تظل تحت إدارة أصحابها؛ لضمان جدية سير العمل، واستمرارية الربح.. مع وقف أرباحها على أغراض الدراسة والبحث العلمي، وتطبيق الاختراعات، وتنفيذ الابتكارات المفيدة، ورعاية الموهوبين، وتبني المتفوقين، والإنفاق على المبعوثين للدراسات العليا في الجامعات الأجنبية.. وما إلى ذلك.

التجمع المقترح يتولى رئاسته مجلس إدارة منتخب، ويقبل التبرعات من أي شخص.. ولا يقبل القروض مطلقا.. ولا يجوز تدخل الدولة فيه بصورة أو بأخرى.

في هذه الحالة سيشعر الفقراء بكرم الأثرياء، ولو بعد فترة.. لكن "نظام الأوقاف" "ق. خ" (قطاع خاص)، سينجح في سد الفجوة بين الأغنياء والفقراء، في الحالة المصرية.. بعد سنوات سيأخذ الفقر في التراجع والاضمحلال.
الجريدة الرسمية