سامح الصريطي!
هل يجد سامح الصريطي - مع حفظ كل الألقاب - وقتا للعمل بالتمثيل؟.. كيف يمكنه ذلك ووقته بالكامل يذهب لزملاء مهنته وأعضاء نقابته وللعاملين بالتمثيل؟.. وهل يجد سامح الصريطي وقتا للسفر وللراحة وللاستجمام ولصحته ولأسرته؟.. كيف ذلك وهو ينتقل من مؤتمر إلى آخر ومن عمل خيري إلى عمل خيري آخر؟!
هذا النجم قصته مدهشة.. هو أنشط نقابي في مصر بلا جدال.. فعند أي مكروه أو شائعة عن مكروه أصاب نجما أو فنانا أو ممثلا كبيرا أو صغيرا، فلا تسأل النقابة ولا تسأل الصحف ووكالات الأنباء ولا الفضائيات، ولا حتى تسأل أسرة النجم أو الفنان بل عليك على الفور إن كنت مهتما أو مهموما بالبحث عن الحقيقة، أن تسأل وكيل النقابة الفنان سامح الصريطي.. ليس لأنه وكيل النقابة.. فما أكثر وكلاء النقابات ووكلاء الأندية ووكلاء مؤسسات كثيرة لا يعرفون عنها شيئا.. ولكن لأن الصريطي هو الأسبق للسؤال، وإلى الاهتمام بزملائه وناخبيه، ومن تولى أمرهم لا يبخل في العطاء بشيء!
قبل سنوات وفي قاعة كبيرة بباخرة نيلية شهيرة، وبينما يواصل نجمنا الكبير حديثه عن صور متعددة من الانحطاط الأخلاقي، وراح يستنكر ظاهرة العري عند بعض فئات المجتمع، فإذا بأحد الجالسين يعترض ويحتج، معتبرا أن هذه حرية شخصية ولا يحق لأحد أن يدين من يفعل ذلك.. وبينما تتأهب القاعة للاحتاج على الاحتجاج، فإذا بنجمنا الكبير يقدم اعتذاره للمحتج ولكل من أساء لهن حتى بغير قصد!
وقبل سنوات سألتني النجمة سيمون ونحن بصدد عدة حفلات زفاف جماعي خيرية لغير القادرين، أشرفت عليه صحيفة كنت أترأس تحريرها - وقد شاركت فيها بالكامل مشكورة - وعما إذا كنت أوافق على مشاركة الأستاذ الصريطي لنا.. ورغم أدبها الجم في السؤال إلا أنني أبديت الدهشة على طرحه.. فلا يمكن إلا قبول مشاركة النجم الكبير الذي يذهب بالفعل جزء من وقته للعمل الخيري والإنساني، ويفعله بصدق لا مثيل له.. وقد حضر بالفعل حفل المنيا وساهم في إسعاد مئات الأسر!
سامح الصريطي.. بطل مظاهرات استعجال الحرب مع العدو الإسرائيلي في أوائل السبعينيات، وهو طالب جامعي قبل حرب أكتوبر، هو نفسه الناصري المتمسك بثوابت الناصرية في العدل الاجتماعي والوحدة العربية والتخطيط الشامل للاقتصاد الوطني، إلا أنه هو نفسه حلمي خليف الانتهازي المنقلب على الناصرية في "ليالي الحلمية"، وهنا يقول في تصريحات صحفية إنه يقبل القيام بدور الرئيس مبارك شرط موضوعية الدور، منحازا بذلك إلى مهنته وموضوعيته مختلطة بموقفه السياسي، الذي لم نره فيه مرة واحدة متشنجا هستيريا بل عرفناه دائما هادئا عاقلا نموذجا في الاتزان والحكمة!
الصريطي.. وقد جاءني صوته - وقد كنت مندفعا مسرعا - ليلفت انتباهي إلى وجوده غارقا وسط مجموعة من الشباب في بهو فندق هيلتون رمسيس في استراحة بين اجتماعات المؤتمر القومي العربي المنعقد بالقاهرة، لا يبخل عنهم بخبراته ولا يتكبر عليهم بنجوميته.. وهو صاحب الابتسامة الطيبة الذي يخجل من رفض أي دعوة لأصدقائه، وما أكثرهم في موسم الانتخابات، وقبل أيام كرموه في الأردن، ويلعب دورا في تلطيف الأجواء في أزمة العامل المصري بالأردن، رافضا أن تدفع العلاقات المصرية الأردنية ثمن انفعال البعض.. وقد كان!
الصريطي الذي لا يتخلف عن تكريم من يستحق التكريم، والوقوف إلى جانب كل من يستحق الوقوف معه، يدفعنا للتساؤل: ومن يكرم الصريطي إذن؟.. ألا يستحق الرجل تكريما بعد تكريم؟.. ألا يستحق الرجل - وهو يستحق بطبيعة الحال - أن تقول له جهة ما.. في قصر السينما.. في جمعية نقاد وكتاب السينما.. في أتيليه القاهرة.. في أي مكان هنا أو هناك، إنك تقوم بدور مجتمعي ونقابي فريد، وتستحق تكريما عنه وبجدارة؟.. أم بات التكريم حكرا على نوعيات بعينها تشتري التكريم بوسائل شتى؟!
كثيرون بيننا يستحقون التكريم.. فكرموهم ولا تبخسوهم حقهم.. يرحمكم الله ويرحمنا!