رئيس التحرير
عصام كامل

الفن والإعلام.. إباحية وابتذال


أعود مجددا إلى طرق مجالي الفن والإعلام المرئي، باعتبارهما وجهين لعملة واحدة، وصلا معا إلى مرحلة غير مسبوقة من التدني والابتذال، تأخذ معها المجتمع إلى هوة سحيقة من الانحطاط الفكري والثقافي، وتربي الجيل الجديد على قيم وعادات سيئة، أبعد ما تكون عن الخلق المصري الرفيع والاحترام والأدب في التعامل والسلوك.


أبدأ من الفنانة شيرين عبد الوهاب، التي يحبها الجميع كصوت جميل وصاحبة أغنيات متميزة، لكن للأسف تضع شيرين نفسها في "مواقف بايخة" لا محل لها من الإعراب، وقد تكون حرة في تصرفاتها إن كان ما تبديه ينعكس عليها وحدها، لكن المشكلة أن تصرفاتها تسيء إلى البلد، باعتبار أنها تمثل مصر في لجنة تحكيم برنامج the voice.

مؤكد أن الجميع لاحظ أن شيرين أدنى ثقافة وعلما موسيقيا من باقي نجوم تحكيم البرنامج، وبدلا من الاجتهاد على نفسها لزيادة حصيلتها الموسيقية حتى تصبح على السوية ذاتها مع زملائها، وجدناها تلجأ إلى "الشو" بتصرفات تنم عن قلة ذوق وعدم احترام لنفسها وللبرنامج وللمشاهدين وبالتالي لبلدها.. شيرين أرادت أن تبدي إعجابها الشديد بصوت الجزائري ناصر عطاوي، فإذا بها تخلع الحذاء وتستخدمه في الطرق على زر الإعجاب والرغبة في ضم صاحب الموهبة إلى فريقها.

تصرف شيرين "المشين" صدم من في الاستديو ومن يتابع الحلقة، فاضطرت تاليا إلى الاعتذار رسميا لمشاهدي الوطن العربي.. طبعا هذه ليست المرة الأولى التي تعتذر فيها شيرين، ويبدو أنها لن تكون الأخيرة ما دامت تترك لنفسها العنان، وتتصرف بصبيانية دونما تفكير في عواقب "الحركات" التي ترتكبها.

شيرين تخطئ وتعتذر لكنها لا تتعلم من الخطأ، أما غيرها فيخطئ ويكابر ويتمادى، وهذه النوعية لن "تتأدب" وتعود إلى الصواب إلا بحكم قضائي يجعلها "عبرة" لمن يفكر في تحريض الشباب على الفسق والفجور، وأقصد هنا الفنانة انتصار، مقدمة برنامج "نفسنة"، فهي اختارت قاعدة "خالف تعرف"، وغردت خارج سرب زميلتيها في التقديم..

انتصار اعترفت بفخر شديد، بأنها تشاهد الأفلام الإباحية، وطبعا هذه حرية شخصية، لكن "إذا بليتم فاستتروا" بمعنى أنه لا يحق لها ولغيرها تحريض الشباب على أن "يصبر نفسه بمشاهدة الأفلام الجنسية، ما دام غير قادر على الزواج".. صحيح أن زميلتها عارضتها، لكن انتصار تمادت بأسلوب فج، وعندما أحيلت إلى القضاء بتهمة التحريض على الفسق والفجور، تبجحت ولم تعترف بالخطأ، بل قالت إنها "لم تخطئ وما قالته ليس عيبا؛ لأن الأفلام الإباحية متاحة ويشاهدها الكثيرون وليست مشكلتها أن المجتمع يريد دفن رأسه في التراب"!!

سببت ريهام سعيد، مقدمة برنامج "صبايا الخير"، الحرج الشديد للمصريين، عندما عرضت لقطات مهينة للاجئين السوريين يتدافعون لنيل المساعدات التي جلبتها إليهم، وقالت بطريقة أقرب إلى الشماتة "إن هذا هو حال الشعوب التي تضيع أوطانها".. صحيح أن ريهام فعلت الخير، وقدمت مساعدات، وأرادت توضيح أن من انجرف مع المؤامرة ضاعت بلده وأصبح لاجئا.. لكن أسلوبها وطريقة كلامها أضاعا الخير، وعادا علينا جميعا بالسلب.

نأتي إلى السينما المسيئة، التي صورت مصر على أنها عشوائيات وبلطجية وراقصات مبتذلات ومخدرات وسكارى وأسلحة بيضاء.. تلك "الخلطة" يجيدها السبكي وسيطر بها على الساحة، في ظل عزوف بقية الشركات عن الإنتاج، فلم يجد المتلقي سواها فأقبل عليها، وحققت الأفلام عشرات الملايين من الإيرادات، جعلت السبكي يتفنن في جعل البلطجي بطلا محبوبا ودائما ينتصر في النهاية، لذا اعتبره كثير من الناشئة قدوة يحتذى بها، وهنا الطامة الكبرى؛ لأن البلطجي "مجرم" مكانه السجن، لا أن ينتصر على الجميع وتحيطه القلوب بالمحبة.

وكانت نتيجة أفلام السبكي، أن عرض أحد الآباء فيديو لابنته الصغيرة ترقص بسلاح أبيض، على أغنية شعبية تماما كما يفعل أبطال أفلام السبكي، باعتبارهم القدوة التي تقود وتوجه الناشئة.

حذرنا مرارا من حرب الجيل الرابع اعتمادا على "الميديا"، وما ذكرناه أعلاه من نماذج البرامج والتصرفات والآراء التي تعرضها هي جزء من حرب الجيل الرابع، كما أن أفلام السبكي التي تهدم المجتمع جزء آخر من الحرب، ومواجهة كل هذا لا يكفيه المقاطعة الشعبية، بل يجب أن تشدد الدولة قبضتها الرقابية على الإعلام والفن؛ للحد من الإباحية والابتذال والإساءة المتعمدة إلى الشعب والبلد.
الجريدة الرسمية