قواعد اللعبة الروسية الأمريكية في سوريا
تمتلك كل من روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، أسلحة تستطيع أن تدمر كل مدينة في العالم 7 مرات، وكل مدينة لن تستغرق أكثر من 10 دقائق لمساواتها بالأرض، هذا ما أورده وزير الدفاع الأسبق أمين هويدي، عن قوة التسليح العالمية في عام 1982، مشددًا على أن سلاح التسليح لا يتوقف منذ حرب أكتوبر ويتضاعف بشكل مهولي، ولك أن تتخيل إلى أين وصلت قوة تدمير الأسلحة التي تملكها كل دولة ونحن في عام 2015.
على إثر تلك القوة كانت موازين القوى في العالم، ومن ثم اتباع سياسة عدم الصدام بعد الحرب العالمية الثانية، ففي ظل تلك القوة المروعة يصبح أي صدام بين القوتين هو قرار نهائي بإفناء الجنس البشري، ورغم الصراعات المستمرة إلا أنه يبقى خط فاصل بين الدولتين يمنعهما من الصراع.
وفلسفة الصراع الآن بين روسيا وأمريكا، الذي يبدو ممتدًا وطويلًا يعتمد على أذرع إقليمية لكل من الدولتين، وهو المبدأ الذي ترسخ بعن أن أعلن الرئيس الأمريكي الأسبق «ريجان» أن أمريكا لن تستطيع أن تدافع عن كل شبر في العالم، لكن يمكنها أن تساعد قوى الخير للمساعدة، إذًا قرر الأمريكان ألا يغوصوا في الحروب بأنفسهم بعد تجربة الاتحاد السوفيتي في أفغانستان، قرروا أن يخوضوا الحروب من خلال جنود يمولوهم هم، أما الاتحاد السوفيتي لم يكن أحسن حالًا من تلك النظرية.
أقول تلك المعطيات بعد أن قرر الرئيس الروسي خوض معركة لتقوية نظام بشار الأسد في سوريا، بعدها بأسبوع أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية دعم المعارضة السورية بـ50 طنا من الأسلحة، اللعبة نفسها تعود بكل القواعد لم يتغير شيء، روسيا تغامر، أمريكا تدعم جماعات بالأسلحة، دول تحارب وأخرى تنتظر، لا يمكن أن ينزل الاثنان إلى الساحة، نظرية دولية متفق عليها دون أن يوقع أي من الأطراف عليها.
بتلك اللعبة يبقى شيء آخر هو ما يطرح نفسه.. ومتى تنتهي؟.. ما هي قواعد إنهاء الحرب عند الطرفين؟، هل بانتصار أحد الطرفين؟، أو بمعنى أدق متى تنتهي الحرب في سوريا؟.. هل يكسب بشار؟.. هل تنتصر المعارضة؟.. هل تفنى سوريا؟.. نظريات الصراع الدولي لا تشير إلى كل هذه الاحتمالات، بل في كل الصراعات الدولية التي خاضها الطرفان، كان الفيصل هو في الاتفاق على مصالح بعينها، قد تكون المصالح بعيدًا عن الأرض المتنازع عليها، أي يمكن بانتصار بوتين في أوكرانيا، ترك روسيا فريسة للجماعات الجهادية، والعكس من الممكن حدوثه إذا قررت أمريكا التخلي عن نظرتها تجاه سوريا، مقابل التمسك بقضايا أخرى مثل أوكرانيا أيضًا.
بخلاف المسميات يبقى لنا مجموعة من النتائج، أولها أنه لا صدام محتمل بين الولايات المتحدة وروسيا، بشار ليس هو القضية بقدر المصالح والتسوية الممكن الاتفاق عليها بين القيصر وبين الرئيس الأمريكي، العرب لن يكون لهم دور في إنهاء الأزمة، وأخيرًا إننا أمام عالم يمكن أن ينتهي بغباء بشر، إذا قرروا استخدام ما صنعوه بأيديهم.