رئيس التحرير
عصام كامل

طمئنوا الرأي العام!


«ليس كل ما يعرف يقال»

هذه الجملة ليست مجرد حكمة، ولكنها واحدة من القيود التي تفرض نفسها على كل من يتولى مسئولية، ناهيك إذا كانت هذه المسئولية هي مسئولية إدارة شئون بلد من البلاد.. فهناك أمور لا يمكن الإفصاح عنها؛ لأن الحديث حولها قد يحبط تخطيطا لشيء ما أو يلحق الضرر بالأمن القومي أو يُمكِّن الأعداء والخصوم من النيل منا.


ولكن.. على الجانب الآخر، سياسة التعتيم شديدة الضرر ولا فائدة منها، وتمنع التواصل بين المسئول والرأي العام، وتفتح الباب أمام الشائعات والأكاذيب، وتمنح أيضا الأعداء والخصوم الفرصة لتأليب الرأي العام على من يحكمون.. ولعلنا نتذكر أن التعتيم الذي كان يسود البلاد قبل ٢٠١١ بخصوص المستقبل السياسي لها، كان أحد أسباب القلق الذي اعترى فئات واسعة من المصريين، وهو القلق الذي كان أحد دوافع الانفجار الثوري الشعبي في ٢٥ يناير.

وفي ظل الثورة التكنولوجية في مجال الاتصالات، صار التعتيم مستحيلا، وقبل ذلك مستهجنا وغير مقبول من الرأي العام.. وهنا أضحى ضروريا الحرص على تواصل دائم ومستمر، لا يتوقف بين عموم الناس ومن يحكمون.. وإذا اضطرب هذا التواصل أو أصابه الفتور، فنحن إزاء مشكلة ليست بالهينة أو البسيطة.. هذا التواصل ضروري ليس فقط لكي يحافظ الحاكم على مستوى شعبيته، ولكن الأهم لكي نحافظ على تماسكنا الوطني الذي نحتاجه بشدة في ظل التحديات الهائلة - داخلية وخارجية - التي تواجهنا.

والرأي العام يفتقد الكثير من المعلومات حول عدد من الأمور والقضايا الداخلية والخارجية، يأتي في مقدمتها مشكلة نقص مواردنا من النقد الأجنبي، والانخفاض في صادراتنا للخارج، وما تم بخصوص اتفاقات المؤتمر الاقتصادي، والارتفاع المستمر الذي لا يتوقف في الأسعار، الذي حقق مستوى قياسيا الشهر الماضي، بالإضافة إلى ما يكتنف مباحثاتنا مع إثيوبيا حول سد النهضة، وأسلوب تعاملنا مع الحكومة الجديدة المنتظر تشكيلها في ليبيا بعد اتفاق الصخيرات.

لا نقول لكم تحدثوا لكي نعرفكم.. وإنما نقول لكم تحدثوا لتطمئنوا الرأي العام.
الجريدة الرسمية