رئيس التحرير
عصام كامل

«إبداع ضد الدين» روايات وقصائد أغضبت عباد الله.. أبونواس: أنا كافر.. «بشار» يسخر من الصلاة ويفضل إبليس على آدم.. الخيام: ماالفرق بيني وبين الله.. والبحوث تتهم «مسافة في عقل رج

فيتو


تلد كل حقبة زمنية مبدعيها، القادرون على التعبير عما يدور بخلد الناس حولهم والمجتمع، خاصة وإن كان ذلك المجتمع يعاني من التضييق، سواء إن كان تضييقًا فكريًا أو أمنيًا،الأمر الذي يدفع بعض المبدعين - في عدة عصور- إلى الشطط، والتفكر والتأمل لمحاولة الوصول لإجابات منطقية عما يدور بخلدهم، إلا أن هذا التأمل لايسفر إلا عن إنتاج أدبي يصنفه الناس والمجتمع على أنه ضد الدين، ولايتماشى مع القواعد والشرائع الدينية.



وعلى هذا المنوال نجد المكتبة العربية مليئة بالأعمال المضادة للدين – كما صنفها النقاد والمجتمع- ويبدو الشعر هو أكثر المجالات الأدبية غزارة وإنتاجًا، وطالما صنف المسلمون بعض شعرائهم على أنهم زنادقة، لما رأوه في شعرهم من إلحاد صريح، وكان أشهر أولئك الشعراء أبو نواس.

ففي أحد الأيام حين شرع الإمام في تلاوة الآية الأولى من سورة الكافرون "قل يا أيها الكافرون"، قيل إن أبا نواس هتف وقال "أنا هنا" فساقته الشرطة للقاضي، وكان الشعراء الزنادقة يجتمعون في البصرة، فإذا أحسن شاعر في قصيدة، قيل له إن بيتك هذا أفضل من القرآن.

قصائد غاضبة

وسار الشاعر بشار بن برد، على نفس المنوال، وهو أصلا من طارخستان، وقضى معظم حياته في البصرة، فيقول في أحد قصائده:
"إبليسُ أفضلُ من أبيكم آدم.. فتبينوا يا معشر الفجار
النارُ عنصـره وآدم طينة.. والطين لا يسمو سمو النارِ
الأرضُ مظلمةٌ والنارُ مشرقةٌ.. والنارُ معبودةٌ مذ كانت النار".

و يقول أيضا ساخرا من الصلاة:
"وإنني في الصلاة أحضرها.. ضحكة أهل الصلاة إن شهدوا
أقعدُ في الصلاة إذا ركعوا.. وارفع الرأس إن هم سجدوا
ولستُ أدري إذا إمامهم.. سلم كم كان ذلك العددُ".

أما الشاعر الكبير عمر الخيام، فيقول مخاطبا الله:
"إلهي قل لي من خلا من خطيئة.. وكيف ترى عاش البريء من الذنب
إذا كنت تجزي الذنب مني بمثله.. فما الفرق بيني وبينك يا رب

وفي الروايات، فمازال مبدعوها يخوضون تلك التجربة في ضرب الحائط بالمعتقدات والشرائع، إلا أن تلك الروايات تقابل دائمًا بالمصادرة والمنع من التداول في عصرنا الحالي.

أين الله
ومن أحدث الروايات التي لاقت نفس المصير هي رواية "أين الله" للكاتب كرم صابر، والتي تعرضت لمعارضة شديدة من قبل البعض، وتقدم مجموعة من المحامين ببلاغ ضد الكاتب، وطالبوا بمصادرة المجموعة التي اتهموها بالتهكم على الشريعة الإسلامية، وعلى إثرها تم الحكم عليه بـ 5 سنوات سجن وغرامة ألف جنيه، على الرغم من أن كاتب الرواية، يقول إن "أبطال الرواية يدخلون في حوار حول معانٍ أقرب للصوفية، ولديهم مفهوم خاص للتدين البسيط، والذي هو أقرب لمفهومنا في مصر عن الدين الوسطي دون تشدد".

الذات الإلهية
"مسافة في عقل رجل" هي الرواية التي أصدر مجمع البحوث الإسلامية تقريرا يدينها ويتهمها بازدراء الأديان والمساس بالذات الإلهية والخروج عن الشريعة الإسلامية، وأثارت الرواية التي صدرت عام 1990 للكاتب علاء حامد ضجة كبيرة عقب ظهورها وتمت مصادرتها والحكم على كاتبها بالسجن.

أولاد حارتنا
ويمكن تصنيف رواية "أولاد حارتنا" لنجيب محفوظ، على أنها أولى الروايات التي ألحقت الأذى بأصحابها لما أثارته من ضجة ولغط كبير، حيث تناولت حياة الأنبياء في قالب روائي، والاستفادة من قصصهم لتصوير توق المجتمع الإنساني للقيم التي سعى الأنبياء لتحقيقها كالعدل والحق والسعادة، ليجد محفوظ أن الحمم البركانية تنهال عليه من كل جانب، فاتهمه البعض بالإلحاد.

الوقيعة
ويؤكد الواقع أن الأثر واللغط الذي تتركه تلك الروايات لايموت، بانتهاء هذا الصخب، فهو كالعنقاء يموت ومن ثم يحيا مرة أخرى من رماده، كما هو الحال مع رواية "آيات شيطانية" لسلمان رشدي التي عادت لتثير ضجة كبيرة في الآونة الأخيرة، رغم صدورها من 27 عامًا، حيث تسببت الرواية في الوقيعة بين دولتي المملكة العربية السعودية والتشيك.

وكانت وزارة الخارجية السعودية قد استدعت سفير جمهورية التشيك للتعبير عن استنكار الرياض واستهجانها لترجمة دار نشر تشيكية رواية "آيات شيطانية" للكاتب البريطانى سلمان رشدى لما يحمله من إساءة للإسلام، مُعربة عن الأمل في استشعار الحكومة التشيكية لهذه المحاذير، والعمل على إيقاف نشر هذا الكتاب بترجمته الجديدة.
الجريدة الرسمية