شعرة بيضاء
لم تكن ليلتي على ما يرام، تخللتها أضغاث أحلام، استيقظت أجر أقدامي ووقفت أمام مرآتي أصفف شعري بكسل وأمني نفسي بفترة سعيدة في المساء، فقد دعتني زميلتي فانيسا إلى حفل زواج جدتها، ضحكت وأنا أتذكر تعليقي، جدتك ستتزوج، الأوربيون لا يتوقفون كثيرا ليفكروا حين تأتيهم السعادة، خاصة لو أتت متأخرة، ثم لمحتها في مقدمة رأسي، شعرة بيضاء أراها لأول مرة..
يا إلهي هل كبرت في السن إلى هذا الحد؟، غيرت نظامي الصباحي كله ووضعت في بدايته شراء صبغة لأغطي هذا العار وأداري هذه المأساة.. وبعد أن انتهيت منها غسلت رأسي، ونظرت في المرآة لأترحم على شعرتي البيضاء، ولأرقص فرحا وأقيم لها حفل تأبين، فإذا بشعري كله تلون إلا هي، وعيناها تنظر لي بتحد مفزع، كيف سأذهب إلى حفل الزواج الليلة؟
أمسكت بالمقص ودون تردد، قتلتها وترقبتها بسعادة وهي تنزف شيخوختها المبكرة، انتهيت من ارتداء ملابسي؛ استعدادا للسهرة.
تركني التاكسي على مدخل شارع فيلا روتشيلد؛ حيث يقام الحفل، لكن ما أن هبطت منه حتى كادت العاصفة تنتزعني من مكاني، فالفيلا على ارتفاع عال في الجبل، أسرعت الخطا فانكسر كعب حذائي العالي.. تبا لمن اخترع الكعب العالي، وربطه في أذهان النساء بالأناقة وأنا غير معتادة عليه.
قرب مدخل الفيلا، حاولت أن أصلح ما أفسدته الرياح بشعري، فرأيتها تلك الشعرة العجوز تخرج لي لسانها وتصرخ لن تستطيعي التخلص مني، وبلا وعي وبكل ما أوتيت من قوة وغضب مددت يدي واقتلعتها من جذورها واقتلعت معها شعيرات أخرى شابة لا ذنب لها، ونظرت لنفسي والدموع تترقرق في عينيّ.. مقدمة رأسي أصبحت خاوية لا شعر أبيض ولا أسود، ودخلت الفيلا على استحياء، فاستقبلني روجيه - رجل طيب يساعد في حفلات الزواج والتعميد بالكنيسة - كان مرحا، كلما قابلني يحكي لي عن كلبه، كمن يحكي عن صديقه أو ابنه، وحين مات كلبه ماتت حكاياته، كم نتشابه، رحل كلبه ورحل شبابي.
تجولت في حجرات الفيلا الأثرية الشهيرة، ووجدت في غرفة مكتب صاحبها صورة له في الأهرامات؛ دلالة زيارته لمصر، وقفت في تراس الدور الثاني أسمع ضحكات المدعوين في الحديقة البديعة التي تعد أجمل حديقة على الريفيرا الفرنسية، لكنني كنت مكسورة مثل كعبي المكسور، ومنزوعة الشباب مثل شعيراتي المنزوعة.
تركني التاكسي على مدخل شارع فيلا روتشيلد؛ حيث يقام الحفل، لكن ما أن هبطت منه حتى كادت العاصفة تنتزعني من مكاني، فالفيلا على ارتفاع عال في الجبل، أسرعت الخطا فانكسر كعب حذائي العالي.. تبا لمن اخترع الكعب العالي، وربطه في أذهان النساء بالأناقة وأنا غير معتادة عليه.
قرب مدخل الفيلا، حاولت أن أصلح ما أفسدته الرياح بشعري، فرأيتها تلك الشعرة العجوز تخرج لي لسانها وتصرخ لن تستطيعي التخلص مني، وبلا وعي وبكل ما أوتيت من قوة وغضب مددت يدي واقتلعتها من جذورها واقتلعت معها شعيرات أخرى شابة لا ذنب لها، ونظرت لنفسي والدموع تترقرق في عينيّ.. مقدمة رأسي أصبحت خاوية لا شعر أبيض ولا أسود، ودخلت الفيلا على استحياء، فاستقبلني روجيه - رجل طيب يساعد في حفلات الزواج والتعميد بالكنيسة - كان مرحا، كلما قابلني يحكي لي عن كلبه، كمن يحكي عن صديقه أو ابنه، وحين مات كلبه ماتت حكاياته، كم نتشابه، رحل كلبه ورحل شبابي.
تجولت في حجرات الفيلا الأثرية الشهيرة، ووجدت في غرفة مكتب صاحبها صورة له في الأهرامات؛ دلالة زيارته لمصر، وقفت في تراس الدور الثاني أسمع ضحكات المدعوين في الحديقة البديعة التي تعد أجمل حديقة على الريفيرا الفرنسية، لكنني كنت مكسورة مثل كعبي المكسور، ومنزوعة الشباب مثل شعيراتي المنزوعة.
كانت جدة فانيسا ترقص مع زوجها في عمر السبعين، جميلة كشابة في العشرين، وشعرها الأبيض اللامع يتألق مع الأنوار، وأنا هنا وحدي مختبئة في الظلام؛ لأجل شعرة واحدة تهدد شبابي.
الشيخوخة ليست التي تزحف للجسد، وإنما التي تزحف إلى الروح، كسرت كعب حذائي الثاني، وهبطت أشارك العروس فرحتها، أجمل غيرة هي الغيرة في السعادة.
الشيخوخة ليست التي تزحف للجسد، وإنما التي تزحف إلى الروح، كسرت كعب حذائي الثاني، وهبطت أشارك العروس فرحتها، أجمل غيرة هي الغيرة في السعادة.