رئيس التحرير
عصام كامل

المسلمون والآخر


فاجأتنى زميلة برتغالية بعبارة كتبتها على صفحتها في الفيس البوك "هذه عودة للمسلمين الذين تخلصنا منهم منذ قرون " تعليقا على اللاجئين العالقين على الحدود كحفنة من البشر في كيس أسود كل دولة بأوربا لا تريدها وتلقى بها على الأخرى.


ثم كان الحوار القاسى الذي دار في تجمع من الزملاء الأوربيين لتكتمل الدائرة الجهنمية حولى كونى كنت المسلمة الوحيدة التي ساقها حظها لتقع في براثن هذا النقاش المؤلم حين بدءوا كلامهم ساخرين معلقين على تناقض تصرفات المسلمين ، لا يأكلون لحم الخنزير ويحتلفون بعيد الميلاد وحين يشترى أحدهم لحما في مجزر غير إسلامى يطلب تنظيف السكين لأنه لامس لحم الخنزير وكيف اعترض مسلم على ملابس قصيرة لفتاة فرنسية في شهر رمضان.

وكان تعليقى أن هذه التصرفات تصدر من قلة منا فلم لا نركز إلا على هذه القلة ونضعها تحت المجهر كى لا نرى غيرها ولم نعمم والتعيم جهل ونحن نعيش في دولة متحضرة تحترم كل الأديان وشعارها التآخى والتسامح؟ فردت زميلة برتغالية وكانت الأكثر شراسة في الحوار تسعون بالمائة من الموجودين هنا من المسلمين سيئون وأنت تنتمين إلى العشرة بالمائة الجيدة وهذا يجعلنا مجبرين على التعميم وأن ما يحدث في العالم خاصة قضية اللاجئين يعنى أن الإسلام سيأكل المسيحية، فجعتنى الجملة ومعناها وهل حين انقضت أمريكا على العراق مدعية وجود أسلحة نووية لتستولى على بترولها وقتلت منها ما قتلت لم نسمع وقتها من يقول إن المسيحية ستأكل الإسلام حتى يمثل هؤلاء المساكين الهاربون من حرب ببلادهم خطرا يصل إلى حد أكل المسحيين ، هكذا دائما لا نصل معك في الحوار لنتيجة ، كان هذا ردها.

بطبيعة الحال معلوماتها عن الإسلام مشوهة فبحثت في ويكيبيديا الموسوعة الحرة فوجدت بحثا عن الحكم الإسلامى للأندلس وعنوانه تحرير إسبانيا والبرتغال وتقع عينى على جملة الغزو الإسلامى حول المسيحيين إلى مسلمين بالإجبار وأن شريعة المسلمين بها فصل عن أهل الذمة تنص على أن المسيحيين يظلون تحت الحكم الإسلامى كمواطنين من الدرجة الثانية ولم يكونوا متسامحين مع الديانات الأخرى حتى كان الانتصار السعيد بالتخلص منهم، ويتعرض البحث في نهايته إلى محاكم التفتيش ذاكرا إياها أنها كانت ضد اليهود الذين أجبروا على اعتناق الكاثوليكية مما اضطرهم إلى التهويد سرا.

إن كانت زميلاتى البرتغاليات يقرأن هذا الكلام منذ الطفولة فمن الطبيعى أن يتصورن أن أطفال المسلمين الغارقين في البحر بمثابة احتلال لأوربا وأن الإسلام سيأكل المسيحية لأن من يكتبون التاريخ لنا ولهم لم يكونوا قط منصفين ولم يذكروا ما لنا وما لهم وما علينا وماعليهم ليصبح التسامح في الأديان وهما ليس له وجود في العالم.
الجريدة الرسمية