رئيس التحرير
عصام كامل

أمجاد يا عرب أمجاد.. 9 جيوش عربية شاركت في ملحمة أكتوبر.. دول الخليج قدمت الدعم المادي والمعنوي.. والعراق شاركت بجنودها في المعركة.. الجزائر أمدت مصر بالقوات.. و«بومدين» قال: «سنقاتل جن

 ملحمة أكتوبر
ملحمة أكتوبر

في غمرة الاحتفاء بإرادة وعزيمة الجندي المصري، والثناء على ماقدمته القوات المسلحة من تضحيات لتحقيق نصر أكتوبر، يكاد يتلاشي من صفحات التاريخ الدور العربي الشهم لمساندة دول المواجهة التي لديها حدود مباشرة مع العدو الإسرائيلي وهي (مصر، سوريا، والأردن)، فقد أرسلت 9 دول عربية ما استطاعت تدبيره إلى الجبهتين المصرية والسورية ولم تبخل بجنودها وعتادها، وأموالها في سبيل النصر.


بدأت أولى الخطوات العملية في تحقيق التضامن العربي، تظهر خلال مؤتمر الخرطوم الذي عقد عقب النكسة، وذلك عندما تعهدت بعض الدول العربية الغنية بتخصص مبلغا من المال لدعم دول المواجهة في حربهم ضد إسرائيل، في ظل اقتطاع مصر نسبة كبيرة من دخلها القومي للأنفاق على شئون الدفاع تصل إلى 21.1% في ذلك الوقت، ما أضر بشكل مباشر باقي مصارف الانفاق الأخري التي تخدم الشعب من تعليم، صحة، وتموين وغيرها.

مشاركة عسكرية عربية
وبحلول عام 1971، أيقن الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية حينها، ضرورة إشراك الدول العربية بشكل فعلي في حرب مصر وسوريا ضد العدو الإسرائيلي، وعدم الاكتفاء بالمساعدات المالية، لعده أسباب أهمها الحفاظ على كرامة دول المواجهة من مر السؤال، بالإضافة إلى عدم توفر الوقت اللازم والكافي لتحويل تلك الأموال إلى أسلحة ومعدات وأفراد مدربين عليها، ما دفعه إلى تقديم مقترح بصفته الأمين العام المساعد للجامعة العربية للشئون العسكرية إلى مجلس الدفاع المشترك، يقضي بتعبئة الإمكانات العسكرية الفعلية للدول العربية، وقد وافقت كافة الدول العربية بالإجماع على المقترح.

وقد ترتب على تلك الموافقة، اجتماع رؤساء أركان حرب الجيوش العربية عام 1972 والخروج بتوصيات تلزم الدول العربية كافة بتخصيص نسبة 15 % على الأقل من دخلها القومي لتطوير ورفع الكفاءة القتالية لقواتها المسلحة خاصة القوات الجوية والدفاع الجوي، أو تقديم مساعدات مالية إلى دول المواجهة بما يعادل النسبة المقررة.

وحسب بعض المراجع العسكرية وأهمها مذكرات الفريق سعد الدين الشاذلي، حول قدر الإمدادات العسكرية والمالية التي دفعت بها الدول العربية لدعم جبهتى الحرب المصرية والسورية، فقد جاءت كالتالي.

"العراق" الشريك الثالث في الحرب
أظهرت العراق بقيادة الرئيس حسن البكر- حينها- كامل تعاونها مع مصر، ووافقت على تقديم كافة المساعدات العسكرية المطلوبة، من خلال إقامة محور بين بغداد والقاهرة، يمر عبر دمشق، شريطة أن يتم إرسال تلك القوات قبيل إعلان الحرب، بسبب حاجة العراق إلى كامل قواتها لتأمين حدودها مع إيران في ظل النزاع على الخليج العربي، بالإضافة إلى تمرد الأكراد في شمال العراق.

وتعددت أوجه التعاون المصري العراقي في تلك الفترة، حيث فتحت المدارس العسكرية المصرية أبوابها أمام الطلاب العراقيين، وأرسلت مصر المئات من الخبراء العسكريين إلى العراق، كما أودعت العراق مبلغ قدرة 7 ملايين جنيه إسترليني في أحد بنوك لندن تحت تصرف وزارة الحربية المصرية، للانفاق على احتياجات القوات المسلحة من أسلحة وذخائر.

وقد وصل في مارس 1973 إلى مصر، سرب طائرات عراقي من طراز "هوكر هنتر"، كما دفعت العراق يوم 8 أكتوبر عقب اندلاع الحرب إلى الجبهة السورية، بثلاثة أسراب طائرات من طراز ميج 21، وسرب آخر من طراز ميج 17، بالإضافة إلى فرقتى مدرعة، ومشاه، لتحتل القوات المركز الأول في مقدار المساعدات العسكرية العربية المقدمة لمصر وسوريا ليس فقط من حيث الكم بل أيضا الكيف فقد أثني الخبراء العسكريين عقب الحرب على مهارة وخبرة الطيارين العراقيين ودورهم في توفير غطاء جوي للقوات البرية.

الدور الجزائري العظيم
تحتل الجزائر الترتيب الثاني في قائمة الدول العربية الداعمة لحرب أكتوبر بقواتها العسكرية، فعندما طلبت مصر الدعم العسكري من الرئيس الجزائري هواري بومدين، رد قائلا: "الجزائر ستقوم بإرسال كل ما لديها لكي يقاتل الجزائريون جنيا إلى جنب مع إخوانهم المصريين".

فقد وصل في شهر ديسمبر من عام 1972 نحو 24 قطعة مدفعية ميدان، وفور اندلاع الحرب تم إرسال إلى الجبهة المصرية، سرب طائرات ميج 21، وسرب سوخوي 7، وآخر ميج 17، بالإضافة إلى لواء مدرع، كما دفع الرئيس "بومدين" في نوفمبر 1973 إلى روسيا مبلغ 200 مليون دولا ثمنا لأى أسلحة أو ذخائر تحتاج إليها كل من مصر وسوريا.

الوحدة المصرية الليبية
وصل التعاون العسكري بين مصر وليبيا قبل اندلاع حرب أكتوبر إلى أوجه، بطريقة تشبة الوحدة الكاملة، حيث وضع الرئيس معمر القذافي القوات المسلحة الليبية تحت تصرف مصر، وكانت المدارس العسكرية المصرية مفتوحة على مصراعيها أمام الطلاب الليبين، كما كان لدى ليبيا المئات من الضباط المصريين لتقديم الخبرة الفنية والتدريب، بحيث كانت تتمركز وحدات مصرية بشكل دائم على الأراضي الليبية.

وقدمت ليبيا إلى الجبهة المصرية في الحرب سربي طائرات من طراز ميراج أحدهما كان يقوده طيارون ليبين والآخر طيارون مصريون، بالإضافة إلى لواء مدرع، لتأتي ليبيا في المركز الثالث من حيث قدر الدعم المقدم بعد العراق والجزائر.

القوات الأردنية في سوريا
احتلت الأردن المركز الرابع في حجم مشاركتها بقوات عسكرية في حرب 6 أكتوبر، حيث دفعت المملكة الهاشمية بلواءين مدرعين إلى الجبهة السورية لينضموا إلى القوات هناك.

الدعم المغربي
جاء رد الملك الحسن الثاني على طلب الدعم العسكري للحرب ضد أسرائيل، كالتالي:" كل فرد في المغرب سوف يكون سعيدا عندما يري قواتنا المسلحة تقاتل من أجل القضية العربية"، وأرسل قبل أسابيع قليلة من اندلاع الحرب لواء دبابات إلى الجبهة السورية، ثم أرسل عقب اندلاع الحرب، إلى الجبهة المصرية لواء مشاة.

دور سعودي لا محدود
دفعت السعودية بلواء مشاه للمشاركة في الحرب، ولكن ليس من المعلوم على وجه التحديد مقدار المساعدات المالية التي قدمتها المملكة العربية السعودية إلى مصر وسوريا عقب النكسة وحتى اندلاع حرب 6 أكتوبر، فقد كان التواصل مباشر بين الرئيس الراحل أنور السادات والملك فيصل.

كما قاد "فيصل" حملة عربية، لمنع تصدير البترول إلى كافة الدول المساندة لإسرائيل وتظل جملة الملك الخالدة إلى وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر تتبادر في الأذهان، عندما حاول الأخير إثناءه عن قطع البترول فقال هنري مداعبا: "طائرتي تقف هامدة في المطار بسبب نفاذ الوقود، فهل تأمر جلالتك بتموينها، وأنا مستعد للدفع بالأسعار الحرة؟"، فجاء رد الملك فيصل:"وأنا رجل طاعن في السن وأمنيتى أن أصلي ركعتين في المسجد الأقصى قبل أن أموت فهل تساعدنى على تحقيق هذه الأمنية؟".

تأخر القوات السودانية
أمر الرئيس السوداني جعفر النميري آنذاك، فور علمه باندلاع الحرب على الجبهتين المصرية والسورية مع إسرائيل، بإرسال لواء مشاة من الجنود السودانيين إلى مصر، ولكن وصول القوات إلى الجبهة عقب إعلان وقف إطلاق النار، حال دون مشاركتها في الحرب.

المساعدات الكويتية والتونسية
كما لا نغفل حرص دولتي الكويت وتونس على المشاركة في حرب 6 أكتوبر بالدفع بجنودها، حيث أرسلت كلا البلدين كتيبة مشاة إلى الجبهة المصرية.
الجريدة الرسمية