رئيس التحرير
عصام كامل

العلامة الشيعي «علي الأمين»: السيدة عائشة «أم المؤمنين» وسب الصحابة يخالف آداب الإسلام.. شيخ الأزهر يتبنى نشر ثقافة الاعتدال والحوار.. دول بالمنطقة تشعل الحرب المذهبية لتحقيق مصالح

 المرجع الشيعى العلامة
المرجع الشيعى العلامة السيد على الأمين

لخص المرجع الشيعى العلامة السيد علي الأمين، أسباب الأزمة المذهبية والتناحر بين السنة والشيعة، وغاص في عمق الأمور بشفافية بعيدا عن "مستنقع السياسية" الذي يحرك المنطقة للتناحر والذبح بـ"سكين المذهبية" لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية.


الولاء لإيران
ونفى المرجع الشيعى اللبنانى الاتهام الموجه لشيعة المنطقة بالولاء لنظام الولى الفقيه في إيران، وقال في حوار مع الزميلة "الأهرام العربي" أجراه معه في العاصمة اللبنانية "بيروت" الزميل عبد اللطيف نصار، ليس صحيحًا أن ولاء الشيعة العرب هو لنظام ولاية الفقيه في إيران، فالشيعة كشركائهم في أوطانهم، ولاؤهم للدولة والوطن والنظام السياسي الذي اختاروه معًا في بلادهم، ولعل السبب في وجود هذا الانطباع عن الشيعة هو بسبب ارتباط الأحزاب السياسية الشيعية بالسياسة الإيرانية.

لكن لا يصح اختزال الشيعة في حزب أو أحزاب، فالطوائف والشعوب لا تختزلها الأحزاب لأنها أكبر منها، وكمثال على ذلك فإن حزب الإخوان كان من أكبر الأحزاب في مصر إن لم يكن الأكبر في العالم الإسلامى، لكنه لم يختزل المسلمين في مصر وغيرها، وولاية الفقيه ليست معتقدًا دينيًّا أو مذهبيًّا للشيعة، ولذلك لم يقل بها الكثير من علمائهم في الماضى والحاضر.

ولاية الفقيه
مضيفا: إن ولاية الفقيه هي نظرية سياسية في السلطة والحكم، وقد عارضها ويعارضها الكثير من الشيعة داخل إيران وخارجها، وهى ليست ولاية عابرة للشعوب والأوطان، وهى مثل غيرها من النظريات السياسية التي يختص تطبيقها بالشعب الذي يختارها على أرضه، والشيعة خارج إيران ليسوا جزءًا من عملية اختيار الولى الفقيه في إيران فلا تكون له ولاية عليهم.

لفت إلى أن خيار الطائفة الشيعية في لبنان هو خيار سائر الطوائف اللبنانية الأخرى، يقوم في الدولة الواحدة والعيش المشترك ورفض الارتباطات الخارجيّة المضرّة بالمصلحة الوطنية، وهذا ما أعلنت عنه الطائفة الشيعية مع غيرها من الطوائف منذ قيام لبنان، والسياسة التي اعتمدها حزب الله وحركة أمل عطّلت بناء الدولة داخليًا، وارتباطهما بالمشاريع الخارجية ألحق الضرر بلبنان عمومًا وبمصالح أبناء الطائفة الشيعية وروابطها التاريخية مع العالم العربي.

سلاح حزب الله
لذلك فإن المطلوب من حزب الله وحركة أمل العودة إلى الخيار المشترك بين كل الطوائف اللبنانية، وهو خيار العيش المشترك والانخراط في دولة المؤسسات القانونية التي تشكل مرجعية وحيدة في الأمن والدفاع، وكل الشئون التي تتولاها الدول على أراضيها بعيدًا عن الارتباط بسياسة إيران وغيرها من الدول.

أضاف: نحن عبّرنا عن رأينا بضرورة الالتزام بهذا الخيار الوطنى المتمثّل بمشروع الدولة الواحدة والعيش المشترك وقيام أحسن العلاقات مع الدّول العربيّة ورفضنا ونرفض أن تكون علاقات إيران مع لبنان من خلال حزب الله وغيره، والمطلوب أن تكون علاقة إيران مع لبنان من خلال الدولة اللبنانية وقوانينها، وطالبنا باندماج سلاح حزب الله وانتظامه في الدولة، وأن إيران بدعمها لبقاء سلاح حزب الله خارج الدولة اللبنانية، يلحق أكبر الضرر بقيام الدولة وسلطتها، وسوف يؤدى باستمراره إلى الاحتراب الداخلى وضرب الصيغة اللبنانية.

الصراع المذهبى
وأكد إن ما يجرى من صراعات في المنطقة، خصوصًا في سوريا والعراق هو من العوامل التي أوجدت التباعد بين السنّة والشيعة في هذه المرحلة.

لافتا إلى أن المتصارعين والمستفيدين من الصراع هم من أسقطوا عليه العناوين المذهبية للحصول على المزيد من الأتباع والأنصار في معاركهم الهادفة في الأساس للسلطة والنفوذ.

وأضاف: «لا شك أن تدخل إيران ووقوفها إلى جانب النظام السورى عسكريًا يساعد على انتشار هذه العناوين المذهبية التي تباعد بين السنّة والشيعة، وقد عاش السنّة والشيعة معًا قرونًا عديدة في المنطقة، ولم تمنعهم الخلافات الفقهية من إقامة الروابط العائلية فيما بينهم والعيش معًا والعمل على بناء الأوطان لأنه لم يكن من صراع بينهم على السلطة والحكم».

وتابع: «الذي حدث أخيرًا أن هناك دولًا في المنطقة وأحزابًا تريد النفوذ والوصول إلى السلطة أو المزيد منها، حاولت توظيف الخلافات المذهبية في مشاريعها وطموحاتها السياسية».

سب الصحابة
وانتقد المرجع الشعيى اللبنانى العلامة السيد على الأمين، إقدام بعض الشيعة على "سب الصحابة"، معتبرا أن ذلك أمر مخالف لآداب الإسلام وتعاليمه.

وقال إن منطق السبّ وعدم الاحترام للرموز الدينية هو منطق مرفوض ومخالف لآداب الإسلام وتعاليمه، وأصدرت كتابًا قبل سنوات باسم (زبدة التفكير في رفض السبّ والتكفير) وأظهرت فيه فساد ما يقوم به البعض من إساءات لتلك الرموز التي تتجاوز في رمزيّتها حدود المذاهب والطوائف.

وأضاف، السيّدة عائشة رضى الله عنها هي أم المؤمنين بنص القرآن الكريم، وقد جاء في الحديث أن (المسلم من سَلِمَ الناس من لسانه ويده)، فكيف يجوز التطاول بالسب على أئمة المسلمين والخلفاء الراشدين، رضى الله عنهم أجمعين وغيرهم من الرموز الدينية لكل المذاهب والأديان.

وتبقى المسئولية على العلماء والمرجعيات الدينية في نشر هذه التعاليم بين الناس لعزل ومحاصرة تلك الفئة الشاذة من المسيئين في كل الطوائف.

دور الأزهر
وحول التقريب بين السنة والشعية في المنطقة، اعتبر أن الموقف المشهور عن الإمام الراحل الشيخ محمود شلتوت، خطوة ذات أهميّة كبرى في التقريب بين أبناء الأمة الواحدة من السنّة والشيعة، وهذا ما يعبر عن انفتاح الأزهر الشريف وريادته للفكر الجامع ووعيه المتقدّم لمخاطر الانقسام والفرقة، وهذا النهج هو ما يسير عليه الأزهر الشريف اليوم بإمامة الدكتور الشيخ أحمد الطيب الذي يعمل بجد على نشر ثقافة الاعتدال والحوار.

مستطردا: نحن نرى أن الحوار المطلوب والذي يسهم في عملية التقريب بين المذاهب، يجب أن ينطلق مجدّدًا من الأزهر الشريف لما له من مكانة علمية ودينية لدى عموم المسلمين.

النصوص الدينية
لافتا إلى أنه ليس المطلوب من الحوار أن يصبح المسلمون على مذهب واحد، وإنما المطلوب أن ننطلق من المشتركات التي تجمع، وما أكثرها، وأن يفهم المسلمون أن تعدد المذاهب لا يخرجهم عن الدين الواحد الذي يتسع لكل الاجتهادات المشروعة المنطلقة من الكتاب والسنة وإن اختلف العلماء في فهم النصوص ووسائل إثباتها، لأن النصوص الدينية في معظمها ليست من باب الأرقام التي لا تختلف نتائجها، بل هي نصوص تختلف درجات الوضوح فيها.

وقد يختلف العلماء وأهل الاختصاص في دلالاتها أحيانًا وفى ثبوتها سندًا أحيانًا أخرى، وقد يتعارض بعضها مع البعض الآخر، لذلك تتعدد آراء الفقهاء ومذاهب المجتهدين، وما يجب قوله إن المذاهب ليست أديانًا متقابلة وإنما هي نتيجةُ آراءٍ بذل أصحابها مشكورون جهدهم من أجل الوصول إليها، فإن أصابوا فهم عليها مأجورون، وإن أخطئوا فهم فيها معذورون.

وتنضوى تلك الآراء برغم اختلافها تحت دين واحد وهو الإسلام الذي يجمعها، فهى اجتهادات تبقى في إطار الإسلام وتحت لوائه، والمهم أن نُبعد عن اتباع المذاهب صفات التعصب لها والانغلاق عليها، ودعوى امتلاكهم للحقيقة الشرعية.
الجريدة الرسمية