30 جنيها زيادة في سعر طن الأسمنت بعد إلغاء دعم الطاقة
أصاب قرار الحكومة برفع أسعار الغاز الطبيعي للمصانع بأثر رجعي منذ شهر يناير الماضي ربكة شديدة داخل المجتمع الصناعي، خاصة مصانع مواد البناء والحديد؛ حيث تم رفع السعر للمصانع كثيفة الاستهلاك من 3 دولارات إلى 4 دولارات لكل مليون وحدة حرارية من الغاز، والمصانع غير كثيفة الاستهلاك من 2,3 دولار إلى 3 دولارات، وقد فوجئ أصحاب المصانع بفواتير باهظة مستحقة عليهم لشركات الغاز متراكمةً بالأسعار الجديدة، وبأثر رجعي منذ يناير 2012.
وفي هذا السياق، قال أحمد شبل، العضو المنتدب لشركة "لافارج للأسمنت": "إن رفع سعر الغاز يؤدي لارتفاع تكلفة إنتاج الأسمنت بنسبة 33%، ما يؤدى لرفع السعر النهائي للمستهلك من 25 إلى 30 جنيهاً للطن وفقًا لحالة السوق، ومدى تحملها لرفع سعر المنتج؛ ففي حالة الركود الحالية لا يتحمل السوق أي ارتفاع في الأسعار، وربما يضطر المنتجون لرفع السعر بشكل تدريجي لكي يستوعب السوق هذه الزيادة.
وأضاف شبل أن زيادة الدفع بالحمل على المنتجين في أسعار الغاز الجديدة بأثر رجعي قرار غير عادل، يكبد المصانع خسائر باهظة لا تتحملها هذه الشركات، وتضطرها لتحميلها على السعر النهائي للمستهلك بشكل تدريجي، وعلى مدى طويل لتعويض هذه الخسائر ولا تضطر للخروج من السوق وتصفية المصنع.
وأشار إلى أن خط إنتاج الأسمنت سيزيد تكلفة إنتاجه نتيجة للأسعار الجديدة بحوالي 2,5 مليون جنيه شهريًا؛ حيث يبلغ إنتاجه 100 ألف طن في الشهر، وعلى مدار الـ 8 شهور الماضية سيبلغ فرق الأسعار حوالي 20 مليون جنيه للخط، وهي خسارة كبيرة لأي مصنع؛ حيث يتحمل 200 جنيه خسارة في كل طن باعه منذ يناير الماضي، ولا يمكنه استرجاع الخسارة من المشترين مرة أخرى.
من جانب آخر، قال رفيق الضو، العضو المنتدب لشركة السويس للصلب: "إن الشركات غير مسئولة عن أخطاء الحكومة الإدارية التي تؤدي لتخريب المصانع، وتحميلها خسائر لا طاقة لهم بها".
وأضاف أن الشركات تحدد سعر المنتج شهريًا وفقًا للتكلفة الشهرية، ولا يمكن تعويض هذه الفروق السعرية في الغاز من المنتجات المباعة منذ يناير الماضي، مؤكدًا على تقاعس الحكومة عن تنبيه أصحاب المصانع بهذه الزيادات السعرية منذ يناير الماضي ليضعها المنتج في حسبانه لتحديد تكلفة المنتج وسعر بيعه.
واستبعد الضو تحميل هذه الخسائر على سعر المنتج خلال الفترة القادمة في ظل منافسة شرسة تواجه المصانع المحلية من قبل الحديد المستورد من تركيا وأوكرانيا والصين داخل السوق المحلي، إلى جانب المنافسة الشرسة في السوق العالمي.
وقال: "إن السعودية والإمارات تبيع المليون وحدة حرارية من الغاز لمصانعها بـ75 سنتاً، وأمريكا تبيعه بـ 2,5 دولار، بينما ترفعه مصر لمصانعها من 3 دولارات إلى 4 دولارات، إلى جانب أسعار الكهرباء، والمياه، والأراضي، والاعتصامات العمالية، والإضرابات التي أدت إلى تعطيل الإنتاج، ورفع تكلفة العامل.
وطالب الضو بحل نهائي لهذه المشكلة للحفاظ على التصنيع المحلي حتى لا تتحول مصر لاستيراد جميع احتياجاتها من الخارج، وتصدر العملة الصعبة بمستويات أكبر بكثير مما هي عليه الآن.
وفي السياق ذاته، قال أحمد حجاج، عضو جمعية مستثمري شق الثعبان وعضو المجلس التصديري للصناعات التعدينية: "إن متوسط أسعار الرخام مستقرة منذ ثورة 25 يناير عند 15 دولار للمتر"، مشيرًا إلى صعوبة زيادتها في الوقت الراهن حتى لانخسر أسواقنا التصديرية رغم هذه الزيادات التي طرأت على أسعار الغاز.
من جانب آخر، أيد أحمد الزيني، رئيس شعبة مواد البناء بالغرفة التجارية للقاهرة، قرار رفع أسعار الغاز بأثر رجعي لمصانع مواد البناء، ورد على الاحتجاج على ذلك قائلًا: "إنه يجب أن يدفعوا بأثر رجعي لمدة 10 أو5 سنوات للوراء نظير الأرباح الباهظة التي حققوها على حساب المواطن المصري في عهد النظام السابق".
وأكد الزيني أن المنتجين لن يستطيعوا رفع سعر مواد البناء على المستهلك نتيجة لهذا القرار بسبب سيطرة حالة الركود على الأسواق، وزيادة المعروض منها، وانخفاض الطلب عليها.
وأوضح أن مصانع الأسمنت تبيع للتجار بأسعار أقل من الأسعار التي تخطر بها وزارة التجارة الداخلية لتحريك السوق الراكد؛ حيث يباع طن الأسمنت بأرض المصنع بـ450 جنيهاً رغم أن الأسعار المعلنة بوزارة التجارة 497 جنيه للطن، وكذلك يقوم التجار بالبيع بأقل من السعر المطبوع على "الشيكارة" لتفادي كساد البضاعة؛ ليباع الطن للمستهلك بـ480 جنيهاً، وسعر البيع للمستهلك 500 جنيه للطن.
وأشار الزيني أن الأسعار العالمية للأسمنت أقل من السعر المحلي؛ حيث يتراوح سعر الطن بين 50 و55 دولاراً أي ما يعادل300 جنيه و330 جنيه، بينما يباع في السوق المحلي بزيادة 30 دولاراً عن السعر العالمي.
ونفى الزيني تعرض هذه الشركات للخسارة كما يدعون، مؤكدًا أن أرباحهم ستتراجع قليلًا لتصبح ملايين الجنيهات بعدما تجاوزت المليار.
وفيما يتعلق بالحديد والأنواع الأخرى من مواد البناء، أوضح الزيني أن سعر طن الحديد يتراوح بين 4350 جنيهاً و4500 بزيادة عن الأسعار العالمية بحوالي 800 جنيه، أما السيراميك فيبدأ سعر المتر من 20 جنيهاً إلى 60 جنيهاً، والرخام من 40 إلى 250 جنيهاً للمتر، مؤكدًا توافر المعروض في الأسواق من جميع أنواع مواد البناء، ما يمنع المنتجين من رفع الأسعار حتى بعد تطبيق قرار رفع أسعار الغاز بأثر رجعي، لافتًا أنهم يدعون أنهم يخسرون رغم أن هذه المصانع "تييض لهم بيضة ذهب"، ويتمنى مستثمرين آخرين من دول الخليج أن يشتروا هذه المصانع ليحصدوا أرباحها الهائلة.