رئيس التحرير
عصام كامل

جمهورية النور السلفية (الموز أحيانًا)!


وقد يكون هو العنوان الأصح لجمهورية مصر العربية بعد التسلُّح بالصبر، واقتراض المزيد من الصبر، ثم السطو على بنك الصبر المركزي وتجريده من كُل محتوياته، ثم قراءة تصريحات الحاج (ياسر برهامي) الأخيرة، هو تغيير عنوان جمهورية مصر العربية لكي تكون جمهورية النور السلفية، ولو عاوزها جمهورية الموز برضو مُمكن تمشي، ده إذا الموز وافق، فيعني لو حضرتك قاعد في آسيا وباصص للجنوب هتبقى مصر على يمينك، بينما لو اتفضلت وانتقلت لشمال أفريقيا بداية من ليبيا وأنت ماشي ناحية المُحيط الأطلسي، وبصيت برضو على الجنوب هاتبقى مصر على شمالك، باختصار لو عاوز تبعت جواب لبلدك العزيز، فلازم تكتب العنوان صح، ومش لازم الجواب يتبعت بالبريد ولا DHL مُمكن تبعته بالحمام الزاجل أو ببول الإبل حسب مُعطيات الموقف الراهن!


والحكاية أيه؟ الحكاية أن الشيخ (ياسر برهامي) واخد على خاطره شويتين من تصريحات (حلمي النمنم) وزير الثقافة حول علمانية مصر، ومن حق الشيخ ياخُد على خاطره، أو ياخُد على صدره، أو ياخُد في أي حتَّة تنوَّر، ويزعل زي ما يحِب، فكُل واحد حُر في اتجاهاته، فيه ناس بتضايق من القنبلة الذرية، وفيه ناس بتضايق أكتر من قشر الفول السوداني، دي فروق فردية طبيعية ومنطقية بين البشر، وبالتالي لا يُمكن أن نلوم واحد لمُجرَّد أنه زعلان!

لكن المُشكلة أن (برهامي) قال ضمن ما قال لتبرير زعله: "حزب النور هو الذي منع الخراب؛ لأنه منع أن يوصف الصراع على السلطة بأنه صراع بين الإسلام والكفر، ولولا فضل الله بهذا الموقف لدخلت مصر في حرب أهلية، فكيف يقول وزير الثقافة إننا سبب في خراب مصر؟!".

انتهى كلام الحاج (ياسر)، ولا يهمني أبدًا حزب النور، ولا موقفه من وزير الثقافة، كذلك تصريحات وزير الثقافة ليست على رأس أولوياتي حاليًا، لكن المُهم بالنسبة لي هو أن حزب النور منع الخراب عن مصر، ليه يا عم الحاج (ياسر)؟، قال لَك لأنه منع أن يوصَف الصراع على السُلطة (قصده بعد 30 يونيو والإطاحة بجماعة الإخوان الفاشية الإرهابية العميلة العبيطة) بأنه صراع بين الإسلام والكُفر!

أخونا الحاج (ياسر برهامي) عاوز يفهِّمنا بالمفتشر كدة أن حزب النور هو رُمانة الميزان، وهو القادر على التحديد - بدون شك ولا مراجعات - إذا ما كان الأمر إسلاميا أم كافرا، مؤامرة ضد الدين أم خدمة لصالحه؟، يعني هل كانت ثورة يونيو حربًا فعلًا على الإسلام لصالح الكُفر واللا لأ؟، والخصم والحكم على رأي (المتنبي) في هذا الأمر هو حزب النور وطبعًا قطبه الكبير (برهامي)!

يعني بدون حزب النور لكُنا دخلنا في كُفر، وحرب على الإسلام، وبالتالي حرب أهلية تتسبب في خراب مصر، يعني لا الجيش له دور، ولا الشعب له فضل، ولا حتى ربنا وفَّقنا بنعمته علينا، ونجَّانا من القوم الظالمين الهُطل إللي كانوا خاطفين البلد (بالتعاون مع حزب النور إللي انسلت منهم في ثورة يونيو علشان يحلق نفسه من مصيرهم) لكن الفضل بالكامل كان لحزب الأخ (برهامي)!

للعلم الدولة (وأصحاب يونيو الحقيقيين) استخدموا حزب النور المزعوم، الذي لا يمتلك أي وجود ولا تأثير حقيقي على الأرض (لا بالعدد ولا بالفكر ولا بالتأثير)، لمُجرَّد الإشارة لذوي العقول السطحية بأن واحدا مُلتحيا واقف معانا أهو نيابة عن التيار الديني، طبعًا هو لا نيابة ولا نيلة، لكن أقول ده كان إشارة لذوي العقول السطحية إللي فاكرين أن أي واحد مربي دقنه ده بيمثل الإسلام!

لكن في الواقع فإن القواعد الحقيقية لحزب النور كانت ضد يونيو، ومُعظمهم كانوا في اعتصام رابعة الإجرامي، ومُعظمهم هذا قلة تافهة زي الإخوان ومؤيديهم بالضبط في نفس المكان، إذا ما قورنت أعدادهم بأعداد ملايين المُشاركين من المصريين (لا نور ولا إخوان ولا طينة) في ثورة يونيو، وبدون تفريق بين مسلم ولا مسيحي ولا علماني ولا يساري ولا طويل ولا قصير!

ومن غير ما نضحك على بعض، فكما تم استخدام المأسوف على تويتاته (البرادعي) في مشهد الحسم لثورة يونيو (إعلان 3 يوليو)، وخلع الدلدول وجماعته من القصر الجمهوري والحُكم كُله، فقد تم استخدام (جلال مُرَّة) أمين حزب النور في الصورة للسبب السابق الإشارة إليه، وبالتحديد تم استخدام لحية حضرته كرسالة مُبطَّنة للتافهين - وما أكثرهم في العالم - بأن الإسلام مشارك في هذا الحراك، وأن ما حدث لم يكُن ضد الإسلام في شيء، وغني عن التعريف أن لحية (مُرَّة) أكبر من لحية (يونس مخيون) رئيس الحزب، وهذا ما رجَّح لحيته، قصدي ما رجَّح كفّته للمُشاركة في البيان!

وغني عن الذكر أن حزب النور كان قد أعلن رفضه لتظاهُرات 30 يونيو وقت الدعوة لها، رافضًا الخروج على حاكم كاذب فاشل أحمق زي (محمد مُرسي)، وبعدين رجع يقول إحنا أصحاب الفضل، تمامًا كما حدث قبل ثورة 25 يناير حينما رفض السلفيون (ماكانش لسَّه فيه حزب نور ولا بطيخ) مع حبايبهم الإخوان (ماكانش فيه حزب حرية وعدالة ولا شمام) المُشاركة في الخروج على الحاكم الذي اعتبره الإخوان أيام جبروته وظُلمه والدًا لكُل المصريين، كما قال (محمد بديع) واصفًا (مبارك) قبل ثورة يناير!

يعني بالبلدي كدة الحكاية كُلَّها هلس ولعب وضحك على الدقون، وهو أمر مكشوف تمامًا؛ إذ يظن أصحاب اللحى هؤلاء أنهم قادرون على إقناعنا بالكلام الفارغ إللي بيقولوه (أبطال ثورات / شركاء أساسيين فيها / مقاومين للفساد / حاملين لراية الإسلام)، وتلاقي واحد منهم طالع يقول لَك أنقذنا البلد من حرب أهلية، ومنعناهم من اتهام ثورة يونيو بأنها بتنصُر الكُفر ضد الإسلام.. لا يا شيخ، مش بقولَك نسميها جمهورية النور أحسن؟!

وللتذكير، فالشيخ (ياسر برهامي) أفتى فتوى صريحة ليست قديمة تُبيح للرجل بأنه يخلع وينفد بجلده ويسيب مراته تُغتَصَب بدل ما ينضَر معاها، أو بدل ما يُغتَصَب معاها مش فاكر.. وهذه فتوى دينية مسئول عنها الشيخ، ولما تخرُج فتوى زي دي من واحد بيقول على نفسه عالِم في الدين، فما بالك بفتاواه وآرائه السياسية؟.. طبعًا لازم ينفد بجلده، ولو ماعرفش، فلازم يستمتع Why not؟!
الجريدة الرسمية